تم انجاز مشروع “بوسيدونيا” المتوسط وهو مشروع شبه إقليمي يعنى بدراسة ومتابعة معاشب “البوسيدونيا” بتونس وليبيا والجزائر وتركيا بإشراف مركز الأنشطة الإقليمية للمناطق المتمتعة بحماية خاصة وبدعم مالي من طرف مؤسسة “طوطال” . ويهدف هذا المشروع الذي امتد على ثلاثة سنوات ويندرج في إطار خطة عمل لصيانة النباتات البحرية بالبحر المتوسط إلى التعرف على امتداد معاشب “البوسيدونيا” ورصد حالتها الصحية عبر بعث شبكة مراقبة تعنى بها. وقد تم في هذا الغرض القيام بدورات تكوينية نظرية وأخرى ميدانية من أجل دعم الخبرات الوطنية وتمكينها من مواصلة أعمال الدراسة والمراقبة المرجوتين على المدى الطويل. وتتمثل أهمية المعاشب البحرية بالخصوص في أنها توفر الغذاء لعديد السلاسل الغذائية وتأوي مئات من الأنواع النباتية والحيوانية الأخرى فضلا عن أن المتر المربع منها ينتج أكثر من 10 لترات من الاكسيجين يوميا إلى جانب أن خصل أوراقها تعد ملاذا من المفترسات. كما أنها تثبت القيعان الرملية وتقاوم الانجراف علاوة على أنها توفر بيئة لتكاثر الأسماك والقشريات. وقد تم تقديم هذه المعطيات خلال ورشة عمل ختامية لهذا المشروع احتضنتها الضاحية الشمالية للعاصمة “قمرت” اليوم الخميس بإشراف السيد نذير حمادة وزير البيئة والتنمية المستديمة وبحضور العديد من الخبراء والمختصين التونسيين والأجانب في هذا المجال. وبين الوزير أهمية معاشب “البوسيدونيا” التي تتنامى بالمناطق الساحلية في أعماق ال 50 م وتعتبر قطبا هاما للتنوع البيولوجي البحري لاحتوائها ما بين 20 و25 بالمائة من جملة أنواع الكائنات الحية المتواجدة في البحر المتوسط أي حوالي 400 نوع نباتي و1000 نوع حيواني. وأضاف أن المحافظة على معاشب “البوسيدونيا” تعد ذات أولوية في تونس باعتبار أهميتها من حيث التنوع البيولوجي ودورها في تنمية الموارد السمكية ذات القيمة الاقتصادية وكذلك لدورها في الحد من الانجراف الساحلي. وأفاد أنه تم الشروع في إعداد خرائط لمعاشب “البوسيدونيا” بكامل السواحل التونسية من خلال العديد من البرامج لا سيما مشروع حماية الثروات البحرية والساحلية بخليج قابس مشيرا إلى أنه قد تم تكليف المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار بإعداد خريطة معاشب “البوسيدونيا” لكامل الخليج. وأوضح أن تونس قامت بدراسة شاملة للشريط الساحلي حول ظاهرة الضريع في الشواطئ مكنت من تشخيص الوضعية الحالية وتحديد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى تنامي هذه الظاهرة مشيرا إلى أن الدراسة مكنت أيضا من إعداد مثال تصرف فيها يهدف للحد من عمليات الرفع الغير مدروسة والتي تسبب انجراف السواحل. وقد أثبتت الدراسات التي أجريت على السواحل الشمالية والشرقية لتونس نمو وازدهار معاشب “البوسيدونيا” البحرية على السواحل التونسية وإيوائها لكائنات نباتية وحيوانية متنوعة. كما أن هذه المعاشب تنمو على القيعان الرملية بين هرقلة والمنستير وتتطور إلى معالم طبيعية مميزة يحاكي مظهرها فرو النمور بجزر قرقنة. ويتسنى لهذه المعاشب أن تنمو فوق القيعان الصخرية أيضا على السواحل الشمالية للبلاد من ذلك منطقة سيدي علي المكي ببنزرت. وقد تم إبراز خصوصيات هذه المعاشب عبر صور ومعطيات بيانية خلال معرض انتظم على هامش هذه التظاهرة.