يعد البعد الاجتماعي خيارا جوهريا فى سياسة تونس التنموية التى من مرتكزاتها الارتقاء بمستوى العيش وضمان تساوى الحظوظ بين كافة فئات المجتمع وترسيخ قيم التضامن وتعزيز اسباب الكرامة لسائر التونسيين.ويبرز الحرص فى هذا الاطار على الاحاطة بالفئات الاجتماعية سيما ذات الاحتياجات الخصوصية لاثراء المكاسب المسجلة فى المجال الاجتماعي من خلال تفعيل التضامن كقيمة انسانية نبيلة لتعبئة الطاقات الوطنية لاستكمال مقومات المجتمع المتوازن. ورغم الضغوط الخارجية المسلطة على الاقتصاد يتواصل فى تونس تعميق البعد الاجتماعى من خلال الترفيع فى النفقات ذات الصبغة الاجتماعية الى 59 بالمائة من اعتمادات الميزانية العامة للدولة الى جانب رصد اعتمادات جملية قيمتها 1650 مليون دينار للدعم منها 800 م د لدعم المواد الاساسية و650 م د لدعم المحروقات و200 م د لدعم النقل. وقد تميزت سنة 2008 بانطلاق الجولة السابعة من المفاوضات الاجتماعية المشتركة التي تعكس خيار الوفاق الاجتماعي والنهوض بالحوار بين مختلف الاطراف. ومكنت هذه الجولة من المفاوضات رغم الظرف الاقتصادى الصعب من الاتفاق حول مسائل ذات صبغة ترتيبية في عديد القطاعات والشروع في التفاوض حول الزيادات في الاجور اذ تم التوقيع على 16 اتفاقا حول الزيادة في الاجور تغطي اكثر من 40 بالمائة من مجموع العمال الخاضعين للاتفاقيات القطاعية المشتركة وكذلك في الوظيفة العمومية. ويعتبر انتظام الزيادات في الاجور وتواصلها منذ سنة 1988 مكسبا اجتماعيا تنفرد به تونس اليوم حيث تطور الاجر الادنى المضمون لمختلف المهن بنسبة 140 بالمائة وهو مايعكس العناية الرئاسية بترفيع الاجور وتطوير ظروف العمل والارتقاء بالحوار الاجتماعي بين اطراف الانتاج. وفي ما يتعلق بالصحة والسلامة المهنية ارتفعت نسبة التغطية في مجال طب الشغل بحوالي 5 بالمائة لتشمل 40 بالمائة من اليد العاملة الخاضعة لمجلة الشغل اى مايقابل 616220 عاملا سنة 2008 . وفي اطار حرصه على تحسين اوضاع الاحياء الشعبية لاسيما منها المحيطة بالمدن الكبرى اذن الرئيس باعداد برنامج اضافي لتهذيب ما يزيد عن 50 حيا يقطنها قرابة 200 الف ساكن مع ايلاء عناية خاصة بمجالات التكوين وتطوير الانشطة المنتجة وذلك بكلفة تقدر ب150 مليون دينار وامتدادا للبرنامج المتكامل للتدخل لفائدة 26 حيا يقطنها 166 الف ساكن. واستكمالا لمنظومة التضامن الوطني اذن رئيس الدولة سنة 2008 باحداث البنك الخيرى للادوية الذى دخل مرحلة النشاط الفعلي منذ سبتمبر الماضي مستهدفا الفئات ضعيفة الدخل والمسنين والمعوزين ليتمكن من توزيع الادوية المجمعة على 28 هيكل صحي. ولان النهوض بالانسان وتوفير مقومات العيش الكريم من ثوابت السياسة الاجتماعية الرائدة للرئيس زين العابدين تتواصل رعاية العائلات المعوزة باسناد الاعانات القارة لفائدة 124096 اسرة منتفعة باعتماد جملي قدره 75 مليون و8 الاف دينار. وتم في اطار تصويب الاعانات نحو الفئات المستهدفة وتحيين سجل الفقر خلال النصف الاول من سنة 2008 تعويض 2532 عائلة اصبحت لا تستجيب لمقاييس الانتفاع مع تواصل عملية تجديد البطاقات العلاجية المجانية لفائدة العائلات المعوزة كما تم الى حد الان تجديد 484141 بطاقة رعاية العائلات المعوزة. ونظرا للاهمية التي يحظى بها مجال الدفاع الاجتماعي في الوقاية من مظاهر عدم التكيف الاجتماعي ودعم مناعة الاسرة وحمايتها من التفكك تم سنة 2008 تعزيز شبكة مراكز الدفاع والادماج الاجتماعي بفتح 4 مراكز للرعاية الاجتماعية تعنى بالاطفال المهددين والمرضى العقليين وفاقدى السند المادى والعائلي. وبشان النهوض بالاشخاص المعوقين بلغ عدد المنتدبين بالوظيفة العمومية لهذه الفئة 62 معوقا سنة 2008 ليرتفع عدد المنتدبين منذ سنة 2005 فى القطاعين العام والخاص الى 1824 منتدبا. كما شهدت شبكة الجمعيات المحلية العاملة لفائدة الاشخاص المعوقين توسعا باحداث 11 جمعية اضافية لتبلغ نسبة التغطية بجمعيات المعوقين 75 بالمائة. واعتبارا للدور الهام للضمان الاجتماعي في تامين حاضر ومستقبل مختلف فئات المجتمع فقد تميزت سنة 2008 ببلوغ نسبة التغطية الاجتماعية 93 فاصل 3 بالمائة وبلوغ حجم المنافع 3300 مليون دينار اى ما يوازى 6 فاصل 6 من الناتج الداخلي الخام واستكمال المرحلة الثانية والاخيرة للنظام الجديد للتامين على المرض من خلال الانفتاح الكلي على القطاع الخاص والتكفل بعلاج الامراض الثقيلة والمزمنة. كما تجلى سعي تونس الدائم لدعم وتطوير برامج واليات الاحاطة بالجالية التونسية بالخارج هذه السنة في تكثيف اشكال الاحاطة الاجتماعية والثقافية والدينية عبر البرامج الموجهة اليهم. وقد تميزت سنة 2008 بمشاركة شباب الهجرة في الحوار الوطني مع الشباب وفي التوقيع على الميثاق الوطني للشباب. ورغم اهمية ما تحقق لتونس من انجازات يبقى القضاء على الفقر وتوسيع دائرة الطبقة الوسطى للمجتمع والارتقاء بمستوى عيش التونسيين من اولويات السياسة الاجتماعية للرئيس زين العابدين بن علي المتجسمة في توجهات برنامج تونس الغد ومخطط التنمية الحادى عشر 2007/2011 الهادفة الى ضمان تحقيق المزيد من التقدم لسائر فئات المجتمع.