يكتسي التراث التاريخي دورا فاعلا في التعريف بثراء الحضارات التي تعاقبت على تونس ومن ثم يتأكد الحرص على صيانة هذا المخزون الوطني والحفاظ عليه بهدف تحقيق المصالحة بين المواطن وتراثه العريق من ناحية والتعريف خارجيا بمساهمة بلادنا في نحت الحضارة الإنسانية.ويتنزل في هذا الإطار الاهتمام المتزايد وطنيا ودوليا بالتراث الثقافي المغمور بالمياه وحمايته والذى تم اكتشاف جزءا منه في سواحل مدينة المهدية وخصص له جناح بالمتحف الوطني بباردو اطلق عليه اسم «جناح كنوز المتوسط» وشكل هذا التراث محور اتفاقية تابعة لمنظمة اليونسكو ودخلت رسميا حيز التنفيذ يوم 2 جانفي 2009 بعد ان اعتمدها المؤتمر العام لهذه المنظمة في دورته الحادية والثلاثين الملتئمة سنة 2001. وكان لتونس دور فاعل في صياغة هذه الاتفاقية التي تمثل الالية القانونية الوحيدة التي تحمي التراث الثقافي في المنطقة الاقتصادية والجرف القارى واعالي البحار. وتمكن كذلك من حماية هذا النوع من التراث ومن دفع التعاون مع البلدان الشقيقة والصديقة وتبادل الخبرات بشأنه لا سيما بعد أن أثبتت الابحاث الاستكشافية توفر السواحل التونسية على مخزون هام من التراث الثقافي المغمور بالمياه علما وان منظمة اليونسكو قدرت التراث الثقافي المغمور بالمياه في العالم باكثر من 3 ملايين قطعة تاريخية وتبعا لذلك تم النظر خلال مجلس وزارى انعقد يوم 14 جويلية 2008 باشراف الرئيس زين العابدين بن علي في مشروع قانون يقضي بالموافقة على انضمام تونس الى الاتفاقية الخاصة بحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه. ومن جهته صادق مجلس النواب يوم 21 اكتوبر 2008 على مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية بشان حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه وهي ترمي الى تطوير مجالات البحث ذات الصلة الى جانب التشجيع على تعزيز اليات الوصول الى هذا التراث والاقبال عليه لاغراض المشاهدة والتوثيق والتثقيف والترفيه مع التاكيد على عدم القيام باى استغلال تجارى غير مشروع لهذا النوع من التراث ويعتبر علماء الاثار التراث الثقافي المغمور بالمياه والذى تم اكتشافه في سواحل مدينة المهدية متحفا حقيقيا تحت الماء اعد شريط وثائقي في شانه سنة 1994 يحمل اسم «كنوز المهدية. وهو يروى رحلة البحث التي تواصلت 30 سنة لاكتشاف هذا التراث باكمله وتخصيص مساحة له بالمتحف الوطني بباردو وهو «جناح كنوز المتوسط» الذى تولى تدشينه رئيس الدولة يوم 31 جويلية 2000 . ويضم هذا الجناح الذى يؤرخ لاهم اوجه الحضارة المتوسطية في اواخر القرن الاول قبل الميلاد تحفا فريدة من نوعها تجمع بين التراث اليوناني والفينيقي والروماني وهي نماذج من محتويات السفينة التي تم اكتشافها في اعماق سواحل المهدية حيث تكون هذه السفينة غرقت بين السنوات 80 و70 قبل الميلاد عند اتجاهها على الارجح نحو السواحل الايطالية. وتتكون هذه المحتويات من مجموعة من تحف اعدت لتزويق الغرف والحدائق على غرار السوارى والقواعد والتيجان فضلا عن شمعدانات ومصابيح وتماثيل برنزية ومرمرية وفخارية وجرى عرض هذه التحف التي تعد اكثر من 140 تحفة اثرية بطريقة حديثة في ما يخص مواصفات المحافظة على سلامة التحف النادرة وتعتمد تمشيا علميا يوضح للزائر باسلوب مبسط العديد من اوجه الحضارة المتوسطية. وقد خصصت 5 قاعات لنفائس جناح كنوز المتوسط وهي”قاعة السفينة” و”قاعة الاسرة” و”قاعة التحف البرنزية” و”قاعة الميداليات” و”قاعة العمارة” اضافة الى لوحات فسيفسائية جدارية والحديقة النموذجية التي تشتمل على نواجيد فخمة تتميز بزخرف من نحت غائر يمثل موكبا للالاه ديونيزوس وتشكل هذه النواجيد اقدم نماذج لهذا النوع من التحف .