ألقت الأزمة المالية العالمية بظلالها على نشاط بعض المؤسسات الاقتصادية التونسية التي شهدت تقلصا في أدائها نتيجة عدم تمكن عدد من المستثمرين الأجانب من الإيفاء بتعهداتهم أو وقف صفقاتهم.وبهدف مساعدة هذه المؤسسات والوقوف إلى جانبها باعتبار دورها الاقتصادي والاجتماعي إذ تشكل النواة الصلبة للنسيج الاقتصادي وتضطلع بدور حيوي في تأمين مواطن الشغل أقر رئيس الدولة خلال مجلس الوزراء المنعقد نهاية شهر ديسمبر الماضي خطة لضمان مناعة المؤسسة ديمومتها خاصة المصدرة منها. خطة لضمان مناعة المؤسسة ديمومتها خاصة المصدرة منها ولئن تأتي هذه الخطة نتاج الجهود التي بذلتها اللجنة الوزارية التي تولت متابعة تطورات الوضع على الصعيدين العالمي والوطني فهي تتسم بصبغتها الوقائية حيث تتضمن إجراءات استباقية تحسبا لما قد تتعرض له بعض المؤسسات المصدرة من صعوبات في ظل هذا المناخ العالمي المتسم بالغموض وكذلك ببعدها الاجتماعي باعتبارها تحرص على المحافظة على مواطن الرزق. وتجسمت هذه الخطة من خلال وضع إجراءات ظرفية في مجالات مالية واجتماعية ودعم التصدير لمجابهة الضغوطات الحالية من جهة وإجراءات هيكلية واعدة لتحسين محيط المؤسسة وقدراتها التنافسية وجودة منتوجاتها قصد الاستفادة من الفرص المتاحة ودعم تموقعها في الأسواق العالمية من جهة أخرى. وكان للجانب الجبائي نصيب هام من الإجراءات حيث سيتم تمكين مؤسسات القرض من طرح الفوائد العادية والموظفة وفوائد التأخير التي يتم التخلي عنها في إطار إعادة جدولة القروض الممنوحة للمؤسسات بعنوان عمليات التصدير من أساس الضريبة على الشركات وتقليص آجال إرجاع فائض الأداءات والإسراع في صرف مستحقات المؤسسات بعنوان الصفقات العمومية. وتم في هذا الإطار توجيه مراسلة إلى كافة المراكز الجهوية للاداءات من أجل الإسراع في البت في مطالب استرجاع فائض الضريبة بالنسبة للشركات المصدرة والعمل على إرجاع هذا الفائض في اجل لا يتعدى 7 أيام من تاريخ الطلب تام الشروط. ويكتسي الإجراء المتعلق بتكفل الدولة بنقطتين اثنتين من نسبة فوائض القروض الناتجة عن عمليات إعادة الجدولة لفائدة المؤسسات المصدرة التي شهدت تأخيرا في استرجاع مستحقاتها المتأتية من التصدير أو تقلصا في نشاطها وتشجيع هياكل القرض على مساندة هذه المؤسسات أهمية بالغة باعتباره سييسر عملية الجدولة من جهة ويخفف من عبئها على المؤسسة من جهة أخرى. وسيمكن القرار المتعلق بتحمل الدولة للهامش المنجر عن مخاطر الصرف من تشجيع المؤسسة على الانتفاع بخطوط التمويل الأجنبية وخاصة منها تلك المتعلقة بإعادة الهيكلة المالية والاقتصاد في الطاقة. تشجيع المؤسسة على الانتفاع بخطوط التمويل الأجنبية وفي ما يتعلق بقطاع التأمين وبهدف توفير ضمانات للمؤسسة المصدرة حتى تضطلع بدورها دون مجازفة ستتكفل الدولة بنسبة 50 بالمائة من تكلفة التأمين المستوجبة على عقود تأمين صادرات المؤسسات مع حث الشركة التونسية لتأمين التجارة الخارجية على القيام بإعادة تأمين المخاطر ومساعدة المؤسسات على تمويل الحاجيات الإضافية من المال المتداول ووضع خط ضمان ب25 م د على ذمة الشركة التونسية للضمان بعنوان التمويل المسبق للصادرات وتعبئة المستحقات المستوجبة على الخارج. ويتواصل خلال فترة 6 أشهر تطبيق هذه الإجراءات الاستثنائية المتخذة لمعاضدة المؤسسات المصدرة ويتم خلال هذه الفترة معالجة الصعوبات التي تعترض المؤسسات المصدرة. وتقوم المؤسسات المصدرة الراغبة في الانتفاع بهذه الإجراءات خلال نفس الفترة وفي فترة سريان أحكام القانون بتقديم ملفات الجدولة ليتم درسها واتخاذ القرار بشان الفترة التي ستمتد خلالها هذه الجدولة والتي يمكن أن تصل إلى 3 سنوات حسب الملفات. وسيتم اعتماد مؤشرات الساحة الاقتصادية في تونس ومؤشرات القطاع المتضرر من الأزمة لتحديد مدى حاجة المؤسسات العاملة في القطاعات للانتفاع بهذه الامتيازات. تشجيع المؤسسة على الانتفاع بخطوط التمويل الأجنبية وتكتسي الإجراءات الرئاسية أيضا جانبا اجتماعيا إذ ستتكفل الدولة بنسبة 50 بالمائة من مساهمة الأعراف في نظام الضمان الاجتماعي خلال فترة اللجؤء إلى التخفيض ب8 ساعات على الأقل في ساعات العمل بسبب تقلص نشاط المؤسسة وتتكفل الدولة بمساهمة الأعراف في نظام الضمان الاجتماعي خلال فترة إحالة العمال على البطالة الفنية نتيجة تقلص نشاط المؤسسة المرتبط بالأسواق الخارجية. كما سيتم اعتماد إجراءات استثنائية قصد الاستجابة بصفة فورية لتمويل طلبات التكوين الصادرة عن المؤسسات التي تشكو صعوبات وذلك في إطار صندوق النهوض بالتكوين والتدريب المهني إلى جانب تفعيل آليات مقاومة إغراق السوق ووضع برنامج خاص للحد من التجارة الموازية. وقد تم إحداث لجنة في مستوى وزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة لتوجيه المؤسسات الراغبة في الانتفاع بإجراءات المساندة والتنسيق بين مختلف المتدخلين. وانطلاقا من أن تونس تمثل سوقا كبيرة للصفقات الصغيرة للمؤسسات الأجنبية فقد تم إقرار جملة من الإجراءات الرامية إلى تعزيز الحضور التونسي في الأسواق الخارجية من خلال الترفيع في حجم الدعم المؤسساتي وفي المنح لنقاط التصدير وفي الدعم المباشر للمؤسسات المصدرة في إطار تدخلات صندوق النهوض بالصادرات والترفيع في الميزانية المخصصة للمعارض والصالونات بمليون دينار وتخصيص اعتماد ب 8 م د لتسوية الملفات العالقة في إطار صندوق النهوض بالصادرات بعنوان سنتي 2007 و2008 . كما سيتم توسيع البرنامج الثاني لاقتحام الأسواق الخارجية “فاماكس 2′′ بتوفير اعتماد ب10 م د بهدف إدراج 200 مؤسسة جديدة خلال سنة 2009 تضاف إلى 800 مؤسسة منتفعة حاليا وذلك في انتظار انطلاق البرنامج الثالث. وقد وضعت مجمل الإجراءات التي تم اتخاذها على ذمة المؤسسات المصدرة سواء المصدرة كليا أو جزئيا أو حتى بصفة استثنائية وحرصا على ضمان تجسيد هذه الإجراءات التي دخلت حيز التنفيذ بداية من يوم 6 جانفي 2009 على الوجه الأفضل تم اتخاذ كافة التدابير علي مستوى وزارة المالية والبنك المركزي التونسي وكافة الهياكل المعنية. كما تولى الدولة أهمية بالغة لضمان تكامل هذه الإجراءات مع الخطط والبرامج التي وقع إقرارها لدعم الإحاطة بوحدات الإنتاج وخاصة منها المصدرة والحفاظ علي حيويتها وتعزيز مكانة المنتوج الوطني في الأسواق التقليدية واستكشاف أسواق جديدة. ويتطلب تحقيق الأهداف المرجوة من هذه الإجراءات تظافر جهود كافة أطراف الإنتاج وتوظيف كل الإمكانيات المتاحة للارتقاء بالقدرة التنافسية للمنتجات الوطنية كلفة وجودة.