يحب البعض أن يطلق أحكاما مجانية من حين الى آخر حول الجمهور والفن سواء بالنسبة الى الموسيقى او المسرح او السينما والادب، ورغم ان غياب الجمهور عن ارتياد الفضاءات الثقافية أصبح في السنوات الاخيرة ظاهرة عالمية نتيجة تحوّلات الممارسة الثقافية وذائقة الجمهور فإن هناك أكثر من استثناء يؤكد ان جمهور الفن النبيل لم يمت بعد. ليالي الأوبرا في دورتها الثالثة في دار سبستيان في المركز الثقافي الدولي بالحمامات نموذج للخروج عن المألوف والسائد فطيلة سنوات كان المركز الثقافي الدولي بالحمامات وبتعاقب إداراته مكتفيا بتنظيم تظاهرات صيفية فقط وخاصة مهرجان الحمامات الدولي لكن المسرحي الاسعد بن عبد الله خالف المعتاد ونجح في تأسيس تظاهرة موسيقية مختلفة وجديدة في مضمونها وفي توقيتها فقد اختار فن الاوبرا وهو فن غير متداول في تونس والعالم العربي كما اختار فصل الشتاء كموعد للتظاهرة في فضاء مفتوح على البحر ومع ذلك حققت الدورة الثالثة التي تختتم يوم الاحد 20 ديسمبر نجاحا اشتثنائيا من خلال اقبال الجمهور الاجنبي والتونسي على متابعة سهرات دار سبستيان وهو ما يؤكد ثبات التجربة وتجاوزها مرحلة التأسيس لتكون محطة بارزة تؤكد تنوّع المشهد الثقافي التونسي وانفتاحه على مختلف التعبيرات الفنية. برنامج دار سبستيان تحتضن منذ يوم 21 نوفمبر سهرات أوبرالية مع مجموعات فرنسية وبرتغالية. فبعد عرض الافتتاح الذي قدّمته مجموعة «دي كاليس» من فرنسا تواصلت السهرات مع عرض «كارمن اللوح الثلاثي للحب» من فرنسا ومع «الأوبرا في جنون» لأوفنباخ نحو الكوميديا الموسيقية من فرنسا أيضا. ومع عرض من ألحان فرنسيس بولنك وعرض لأغاني الأوبرا البرتغالية اليوم 18 ديسمبر سيكون الموعد مع «ماستر كلاس في الساعة الحادية عشرة» وستخصص سهرة غدا السبت 19 ديسمبر لمقتطفات أوبراتية ويكون الاختتام يوم 20 ديسمبر مع مائدة مستديرة لبريجيت لافون. هكذا اذن نجحت هذه التظاهرة في استقطاب جمهور استثنائي يبحث عن لون جديد من الموسيقى.. موسيقى الأوبرا التي بعثت الدفء في دار سبستيان في ليالي الشتاء الباردة.