تحلّ اليوم الذكرى السنوية الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة فيما ذكريات الموت لا تزال تنكأ جراح ذوي ضحايا الحرب إذ تلتصق بمخيلتهم مشاهد الدماء التي أريقت والأشلاء التي مزقتها صواريخ الطائرات لتتناثر على ركام المنازل المدمّرة بينما يحتفظ كثيرون في ذاكرتهم بمشاهد جثث الشهداء وهي ملقاة على جوانب الطرقات... وقعت الحرب وانتهت فصولها لكن فصول الحزن والألم لم تغادر قلوب وعقول آلاف الفلسطينيين الذين فقدوا أحبتهم من دون ذنب سوى أنهم كانوا يعيشون في غزة. ويستذكر المواطن خالد عبد ربه (32 عاما) ساعات الموت المتواصل التي عاشتها عائلته خلال العدوان وفقد خلالها طفلتيه أمل (عامان) وسعاد (7 أعوام) أمام ناظريه قبل عام من هذا التاريخ. ذكريات.. في الذاكرة وقال «لقد أطلق جنود الاحتلال النار علينا جميعا من مسافة لا تزيد على 10 أمتار... ومنعوني من الخروج لإسعاف بناتي الثلاث قبل أن تفارق اثنتان الحياة وأمي التي ظلّت تنزف لساعات قبل أن أنقلها على عربة استشهد صاحبها وقتل الحصان... وأوضح أنه لا يستطيع أن يمحو من ذاكرته تلك الأيام الصعبة لأنها أصبحت جزءا أساسيا من ماضيه وحاضره مشيرا إلى الأوضاع الصعبة التي يعيشها مع عائلته بعد تدمير قوات الاحتلال لمنزله أسوة بالاف المنازل التي تعرضت للتدمير الكلّي أو الجزئي خلال العدوان... ولم تستطع زوجة خالد عبد ربه حبس دموعها وهي تعود بذاكرتها إلى الوراء لتتحدث عن تفاصيل مشهد الموت الذي رأته بأم عينها وقالت «كانتا تسيران بجانبي لحظة إطلاق النار ولم يكن هناك أي مسلح في المكان بل رفعتا معنا الرايات البيضاء لنحصل جميعا على الأمان فما كان من هؤلاء المجرمين إلاّ أن أطلقوا النار باتجاهنا». وتابعت حديثها «كلّ الذكريات الحلوة التي عشتها في حياتي أزالتها صورة استشهاد أمل وسعاد ولا أعتقد أن الاحتلال سيتركنا في حالنا حتى بعد كل الدمار الذي أحدثه». ألم.. حيرة... وحسرة أمّا أكثر ما يؤلم المواطن محمد شراب (46 عاما) الذي فقد ولديه كساب وإبراهيم برصاص الجيش الإسرائيلي في مشهد استمر أكثر من 20 ساعة في مدينة خان يونس جنوب القطاع هو أن القتلة مازالوا أحرارا دون محاكمة أو عقاب رغم أن أدلة الجريمة واضحة ولا يمكن إخفاؤها أما عائلة بعلوشة فتتساءل عن الذنب الذي اقترفته حتى تفقد خمسة من بناتها في عملية قصف جوّي لمسجد الشهيد عماد عقل في جباليا شمال قطاع غزة... وتضيف قائلة «ألا يعدّ ذلك جريمة بحق الإنسانية يجب أن يعاقب من اقترفوها؟... أم أن ميزان العدالة في هذا العالم معوج»؟ ورغم مرور عام على العدوان إلا أن والدي الشهيدات الخمس (تحرير وإكرام وسمر ودينا وجواهر) لا يزالان يعيشان مشاعر الحزن إلى درجة أن الأم لا تنام قبل أن تقبّل صورة جماعية لبناتها اللواتي استشهدن بعد أن هدم المنزل فوق رؤوسهن.