التقلبات الجوية.. وزارة الفلاحة تدعو شركات الحبوب لأخذ الاحتياطات اللازمة    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025    النادي الصفاقسي: لاعب جديد يغادر الفريق    طقس اليوم: أمطار رعدية متوقعة وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بالجنوب    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    الحوثي يستهدف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي    موجة شهادات مزورة تثير تداعيات سياسية في إسبانيا    كولومبيا.. تعيين ممثل أفلام إباحية وزيرا للمساواة    محمد رمضان يرد على الشامتين بعد انفجار حفله الغنائي: "اللي معندوش كلمة طيبة يخرس!"    البطولة العربية لكرة السلة - المنتخب الجزائري يتوج باللقب    (سنغفورة 2025 – أحمد الجوادي يتأهل إلى نهائي سباق 1500م سباحة حرة بتوقيت متميز    مباراة ودية: تغيير موعد مواجهة النجم الساحلي والنادي البنزرتي    النجم الساحلي: محمد الضاوي "كريستو" يعود إلى النجم الساحلي وصبري بن حسن يعزز حراسة المرمى    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    المعهد الوطني للرصد الجوي.. البحر قليل الاضطراب والسباحة ممكنة في النهار    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    غدا.. الدخول مجانيّ لجميع المواقع الأثريّة والمعالم التاريخيّة    الفنان غازي العيادي للمرة الأولى على ركح مهرجان الحمامات الدولي... حضور طال انتظاره بعد مسيرة فنية ناهزت 30 عاما    عاجل : القضاء الأميركي يوقف ترحيل آلاف المهاجرين: تفاصيل    عاجل : زلزال يهز أفغانستان    تقلبات جوية اليوم ...تفاصيل يكشفها معهد الرصد الجوي    تحذير للتونسيين : برشا عمليات قرصنة ... ردّ بالك من التصاور والروابط المشبوهة    انهيار جزئي لأكبر منجم للنحاس إثر هزة أرضية بتشيلي    عرض كمان حول العالم للعازف وليد الغربي.. رحلة موسيقية تتجاوز الحدود    كريستيانو رونالدو يتحرك لعقد صفقة مدوية في الميركاتو    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    أعلام من بلادي: الشيخ بشير صفية (توزر): فقيه وأديب وشاعر درس في الجزائر وتونس    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار بولاية مونتانا الأمريكية    التوجيه الجامعي.. تلميذ متميز متحصل على معدل 18 /20 طلب شعبة الطب فوجه إلى علوم الاثار    حجز 735 كغ من الأسماك الفاسدة…    عاجل/ نقابة التعليم الأساسي تقرّر يوم غضب وطني وإضراب عن العمل..وهذا موعد..    عاجل/ إضراب جديد في النقل..وجلسة تفاوض مرتقبة..    على ركح مهرجان الحمامات الدولي .. لطفي بوشناق... يتسلطن    دكتورة في أمراض الشيخوخة تحذّر من اضطرابات المشي لدى كبار السن المؤدية إلى السقوط    رسميا/ الرابطة المحترفة الاولى لكرة القدم : برنامج مقابلات الجولة الافتتاحية..#خبر_عاجل    انتعاشة هامة للسياحة/ هذا عدد عدد الوافدين على تونس الى 20 جويلية 2025..    وزارة الصناعة تمنح شركة فسفاط قفصة رخصة البحث عن الفسفاط " نفطة توزر"    النادي الإفريقي يُعلن القطيعة بالتراضي مع المدرب محمد الساحلي وتعيين فوزي البنزرتي خلفًا له    نتائج الدورة الرئيسية للتوجيه الجامعي 2025: تحسّن في نسبة الإستجابة لإختيارات المترشّحين    لطفي بوشناق يتغنى بالوطن والمرأة على مسرح مهرجان الحمامات الدولي    عاجل/ المكتب الجامعي لكرة القدم يتخذ قرار هام..    تحب تزور متحف ولا موقع أثري؟ نهار الأحد ما تخلّصش    جمعية الكشاف التونسي تنظم مخيما كشفيا دوليا بجربة بمشاركة 800 كشاف من عشر دول    شنوة يلزم يكون في صندوق الإسعافات الأولية متاعك؟    كارثة بيئيّة في بنزرت: مياه الصرف تغمر 4 هكتارات من الأراضي الفلاحية في هذه المنطقة    عاجل/ حجز أطنان من السكر والفرينة المدعّمة واعادة ضخها بهذه الأسواق..    وزير الشؤون الدينية يُعاين جامع قرطاج ويقرّ جملة من إجراءات الصيانة    وزارة التجارة تعلن عن تحديد أسعار قصوى للبطاطا وهوامش ربح للأسماك بداية من 4 أوت    خمسة جرحى في حادث مرور خطير..#خبر_عاجل    للتوانسة: الصولد الصيفي ينطلق نهار 7 أوت... هذا هو اللي يلزمكم تعرفوه!    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    اكتشاف فصيلة دم غير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    عاجل/ إيران تفجرها وتحسم: لا عودة للمفاوضات قبل دفع الثمن الأمريكي..    خطبة الجمعة: أمسِكْ عليك لسانك    استعادة 6 قطع أثرية تمت إعارتها إلى معهد العالم العربي بباريس منذ سنة 1995..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى 17 لوفاة المناضل الكبير الهادي نويرة (25 جانفي 1993 25 جانفي 2010): المناضل الأستاذ الصادق بن جمعة الوزير السابق للشؤون الاجتماعية في عهد المرحوم الهادي نويرة يؤكد: «سي الهادي» اقتصادي قدير ومناضل كبير أقنع بورقيبة بإلغاء الوحدة مع ليبيا

تفتخر تونس بأن لها عددا كبيرا من الزعماء والشهداء والمقاومين والمناضلين الكبار الذين قاموا بواجبات تشكر فتذكر، واضطلعوا بمسؤوليات جسام من أبرزها مقاومة الاحتلال الاستعماري ببلادنا الذي أطال المقام بيننا، من سنة 1881 الى سنة 1963 تاريخ جلاء آخر جندي فرنسي عن أرضنا، ثم بناء دولة الاستقلال وإنشاء نظام جمهوري ومؤسسات دستورية، واقتصاد وطني، تواصل وازداد تطورا ومناعة مع العهد الجديد بقيادة الرئيس المصلح زين العابدين بن علي، منذ فجر التغيير المبارك، في السابع من نوفمبر 1987.
يؤكد المناضل الصادق بن جمعة بأن المناضل الكبير الهادي نويرة يمتاز بالجدية الاقتصادية والمقدرة السياسية والنضالية فقد بدأ نضاله مع الطلبة التونسيين وطلبة شمال إفريقيا والمشرق العربي في فرنسا في مطلع الثلاثينات من القرن العشرين، دفاعا عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، وكان عند عودته الى المنستير صيفا أي أثناء العطلة السنوية، يلتحم بالمناضلين في صفوف الحزب، وعلى رأسهم الزعيم الحبيب بورقيبة، وحيث شارك في جويلية سنة 1933 في تأسيس الشعبة الدستورية بالمنستير ويلقي بها المحاضرات التحسيسية الحماسية، المقنعة بحبّه للوطن وبدعوة التونسيين الى الاستفاقة والنضال الميداني والتحرك لاكتساب الحق المشروع، وقد حضر إحداها ذات مرة المراقب الفرنسي بمدينة سوسة وعامل المنستير وغضبا عليه وكادا يزجان به في السجن إلا أن الهادي نويرة تمكّن من الفرار والعودة خلسة الى فرنسا لمواصلة دراسته الى أن رجع نهائيا الى أرض الوطن سنة 1937 حاملا الإجازة في الحقوق، أهلته أن يكون محاميا ولكنه كان المحامي المناضل من أجل شعب كامل.
وبروح الوطني الغيور واصل عمله النضالي في صفوف الحزب الدستوري والجامعة النقابية للعمال التونسيين سنتي 1937 و1938 مع مواصلة نشره المقالات الممتازة في جريدة «Mission» وهي مقالات دلّت على براعة في الاقناع بحجة ما يقول، ولم يعرف المرحوم الهادي نويرة راحة ولا هدأ له بال وبلاده تعيش تحت نير الاستعمار والاحتلال الفرنسي، وما أن حلّ شهر أفريل سنة 1938 حتى شهدت تونس العاصمة وكثير من مدن البلاد مظاهرات يطالب فيها المناضلون ب«برلمان تونسي» ويواجهون قوى الظلم والاحتلال بتحريض من الزعماء والمناضلين أمثال الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وكذلك المناضل الهاي نويرة الذي اعتقلته السلطات الاستعمارية، على غرار بقية الزعماء، بتهمة القيام بأعمال تخريب، وزجّت بهم في السجون والمنافي، ولكن ذلك لم يؤثر في عزيمة الزعماء الأحرار.
وتواصل نضاله في معركة التحرير سخيا في صفوف الحزب، ويجتهد في تصور الحلول التي توصل الى حصول البلاد على الاستقلال حتى جاء منداس فرانس الى تونس وأعلن في خطابه يوم 31 جويلية 1954 عن منح تونس الاستقلال الداخلي، آنذاك بدأت مرحلة جديدة من نضال الزعماء والمنضالين الباقين علي قيد الحياة وقد كان الهادي نويرة من أبرز تلك الشخصيات التي شهدت صعودا في درجات مقاليد الحكم داخل الحكومة وفي الحزب الحر الدستوري التونسي، وقد حصل ذلك تباعا وعلى مراحل بدءا من يوم الاستقلال الى يوم 26 فيفري 1980 الذي أصيب فيه الراحل بتوعك صحي أصاب دماغه، كانت نتيجة شلل لم يبرأ منه، مع الأسف، لينهي حياته العملية الزاخرة.
أما الوظائف الحكومية التي تقلدها المرحوم المناضل الهادي نويرة، فكانت أهمها بالدرجة الأولى رجل مالية وصاحب نظريات تقدمية في الاقتصاد، فقد شغل خطة محافظ للبنك المركزي، وهو الذي أنشأه وأعطاه طابعا جديا وصل به نحو الامتياز، وكانت له مهارة في التسيير جعلت الاقتصاد التونسي متوازنا، وتمكنت بفضله بلادنا من الوصول الى مكانة مرموقة في المحافل الدولية.
كما كان رجل اقتصاد بارع يؤمن بالتحرّر الاقتصادي (الليبرالية) وكان ذلك في ستينات القرن الماضي من أشدّ الوزراء معارضة لسياسة التعاضد، وقد تجرّأ المرحوم الهادي نويرة على تحذير الحكومة من المغالاة في ذلك المنهج الاقتصادي، فتراجع الزعيم بورقيبة عن سياسة التعاضد وعين الهادي نويرة في يوم 18 جوان سنة 1970 عضوا بالديوان السياسي للحزب المكلف بتحوير الدستور وبتعويض الديوان السياسي إثر تفاقم الاختلافات ومراعاة الأجنحة داخل الحزب الاشتراكي الدستوري نفسه أي في غضون مرض الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.
وفي سنة 1970 عيّن الهادي نويرة وزير دولة مكلفا بالاقتصاد فقام بعمله محللا الأوضاع الاقتصادية بالبلاد واضعا برامج النهوض بذلك الاقتصاد منتهجا سياسة جديدة تقوم على فسح المجال للمبادرة الحرة وعلى اقتصاد السوق وهي سياسة أتت أكلها بصورة إيجابية بين سنة 1970 وسنة 1980 أي في العشرية التي تولى فيها المناضل الهادي نويرة رئاسة الحكومة (وزيرا أول) بداية من 2 نوفمبر 1970 إثر إعفاء المناضل الباهي الأدغم من الوزارة الأولى والذي تفرغ للوساطة بين أشقائه الزعماء العرب ومتابعة الأوضاع لحل الخلاف الذي نشب آنذاك في سبتمبر 1970 بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية في حرب تعرف بأحداث «أيلول الأسود».
ولقد أحسن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة صنعا حين عهد الى المناضل الكبير الهادي نويرة بمهمة الوزارة الأولى في تلك الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد ليتولى الوزير الأول تحويل اهتمام الرأي العام من السياسة الى الاقتصاد حتى ينصرف الجميع للعمل والانتاج والانتاجية بحثا عن موقع لتونس في «النظام المالي الجديد».
كما يؤكد المناضل الأستاذ الصادق بن جمعة بأن الهادي نويرة خرج بالبلاد من أزمتها الاقتصادية وانتهج سياسة ليبرالية تحرّرية في شؤون الاقتصاد.
وخرج بكل فئات الشعب من رواسب السياسة الاشتراكية وعين وزراء «ميدانيين» أو ما يعرف بال«تكنوقراطيين» ليسرّعوا في نسق العمل لبلوغ نسبة نمو اقتصادي قياسي في ظرف وجيز.
وبالتوازي مع عمله الحكومي صعد نجم المناضل الهادي نويرة فانتخب في 20 ديسمبر سنة 1970 عضوا بمجلس النواب عن دائرة تونس العاصمة في انتخابات جزئية وعينه رئيس الحزب الحبيب بورقيبة أمينا عاما للحزب في أكتوبر 1971، بعد أن كان أضاف الى مهامه كوزير أول حقيبة مهمة وزارة الداخلية.
وتماشيا مع توجهه الاقتصادي التحرري الواضح فقد دعا الهادي نويرة الولاة في دورتهم العادية سنة 1973، الى ضرورة تحرير المبادرة وتكريس السياسة الجبائية، وآمن بقدرة أبناء البلاد على التصدير معتبرا أن «محور سياستنا ينبغي أن يكون التصدير» وبذلك شجع الشركات الصناعية الأجنبية على الانتصاب بتونس وفق ما يعرف بقانون سنة 1972 الصادر في أفريل من نفس السنة، وهكذا انتصبت عشرات الشركات الصناعية ببلادنا وانتعش الاقتصاد التونسي بالتوجه التحرري.
وقد كان الهادي نويرة ذا شخصية قوية فقد اتضح في الكثير من مواقفه، وأهمها التي برزت إثر توقيع الزعيم الحبيب بورقيبة مع القائد الليبي معمر القذافي في 12 جانفي 1974 إعلان الوحدة بجربة، وقد كان الهادي نويرة في زيارة عمل بإيران، فأعلمته وسيلة حرم الزعيم بورقيبة بالخبر فعاد بسرعة واستطاع إبطال الاتفاقية التي كان من المقرر عرضها على استفتاء شعبي يوم 18 جانفي سنة 1974، ولكن الهادي نويرة تمكن من إلغاء المعاهدة بحجة أن الدستور التونسي لا ينصّ على عملية الاستفتاء.
ورغم ما عرف به الهادي نويرة من حرية اقتصادية إلا أنه كان متشدّدا مع المتطرفين الماركسيين، وازدادت معه الاضطرابات في فروع نقابات الاتحاد العام التونسي للشغل وبدت بينه وبين النقابي المرحوم الحبيب عاشور منافسة أدت شيئا فشيئا الى أحداث عنف وتخريب ومواجهة دامية بين السلطة والمضربين وكان ذلك يوم 26 جانفي 1978 فاعتقل على إثرها الحبيب عاشور يوم 28 من نفس الشهر والسنة.
وتواصل المدّ والجزر في البلاد بين الحكومة وبين أحزاب المعارضة والمنظمات المطالبة بإصلاحات سياسية في اتجاه التعددية.
كل هذه الأحداث أثرت في أعصاب الرجل وأرّقته وأرهقته فأصيب بجلطة في الدماغ صباح يوم 26 فيفري 1980 شلّت حركته وأقعدته عن النشاط وبذلك انسحب من مسرح الأحداث، الى أن شاهد انبلاج فجر السابع المبارك في نوفمبر 1987 فاستبشر بذلك واطمأن على مصير تونس بقيادة الرئيس المصلح زين العابدين بن علي الذي حقق كثيرا من أحلامه، ومنها التحرير الجاري للدينار، وفكّ القيود القمرقية، وتحرير المبادرة الفردية وتشجيع الاستثمار والتصدير خدمة للبلاد ولاقتصاد تونس.
فمات، رحمه الله، يوم 25 جانفي 1993، قرير العين، وأذن سيادة الرئيس زين العابدين بن علي ببناء ضريح لائق بالمناضل الكبير، المرحوم الهادي نويرة، أحد رجال الرعيل الأول في معركة التحرير، وأبرز من خدمها بعد الاستقلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.