توفي، قبل أيام، سفير الجزائر لدى المملكة المغربية الجنرال العربي بلخير، بعد صراع طويل مع المرض أبعده عن مهامه منذ عامين وأجبره على التخلي عن نشاطه كرجل ظل في السلطة الجزائرية وأحد صانعي القرار السياسي منذ 30 سنة على الأقل. وقال أحد معارف بلخير (72 عاما) إنه توفي في الصباح الباكر بعد أن بلغت إصابته بسرطان الرئة، مرحلة متقدمة، وقد دفن أمس ب «مقبرة العالية» بالعاصمة، حيث دفن كبار المسؤولين وشهداء ثورة التحرير. وعرفت حالة الجنرال المتقاعد الصحية تدهورا خطيرا نهاية 2008، بسبب المرض الذي استعصى على الأطباء بالجزائر وأوروبا، وقرر مطلع العام الموالي وقف نشاطه كسفير لدى المغرب، وبناء على طلب منه أعفاه الرئيس الجزائري من مهامه، وتفرغ للعلاج. ويعتبر بلخير شخصية غير عادية في الجزائر، فهو ينتمي إلى مربع كبار المسؤولين الضيق، الذي يسمى في الوسط السياسي ب«الديوان السري»، وهو وصف يطلق على أشخاص نافذين يشاع أنهم هم من فرضوا على الشاذلي بن جديد الاستقالة من الرئاسة في 1992، وهم من استقدموا محمد بوضياف من منفاه الاختياري بالمغرب في العام نفسه ليقود البلاد، وهم أيضا من دعوا عبد العزيز بوتفليقة للترشح في 1999 بعد استقالة اليامين زروال، وهم من ضمنوا له الفوز ب3 ولايات متتالية. وقد كان للجنرال دور بارز في إقناع بوتفليقة بالعودة إلى الحكم، بعدما أبدى عزوفا عنه في منتصف تسعينات القرن الماضي. وعلى سبيل العرفان بهذا الدور، عينه بوتفليقة مديرا لديوانه في الرئاسة، قبل أن يعينه سفيرا لدى المغرب في أوت 2005. ومن أهم المناصب التي شغلها بلخير، وزارة الداخلية مطلع تسعينات القرن الماضي، وقبلها، شغل منصب أمين عام لرئاسة الجمهورية، وأشرف على تنظيم أول انتخابات برلمانية تعددية (نهاية 1991). وقد التصق اسم «كاردينال فرندة» (نسبة إلى بلدة فرندة التي يتحدر منها بلخير وتقع في الغرب الجزائري) بنظام الشاذلي بن جديد، أما دوره كرجل فاعل في الظل، فيعود إلى نهاية فترة حكم هواري بومدين، ففي أواخر 1978 كان واحدا من كبار الضباط الذين اختاروا العقيد الشاذلي بن جديد لخلافة الرئيس بومدين بعد وفاته.