حمل بريدي في بداية هذا الاسبوع عددين من مجلة «الاتحاف» أحدهما تكريمي بمناسبة صدور العدد رقم 200 من هذه المجلة والآخر الأول بعد المائتين. تصدر هذه المجلة من ولاية سليانة واسمها يحيل على اتحاف أهل الزمان للمصلح ابن أبي الضياف وفي اسم المجلة وفاء واحتفاء بأحد أعلام التنوير التونسي. صاحب المجلة ومؤسسها هو الصديق الأديب السلياني عبد القادر الهاني، وتصدر بإشراف اللجنة الثقافية الجهوية في ولاية سليانة. صحيح ان هذه المجلة تصدر متعثرة والسبب الواضح والأكيد لهذا أنها وكأي مجلة أخرى لا يمكن ان تسدّ ثمن كلفة طباعتها، هذا اذا تغاضينا عن حقوق كتّابها، فليس بينهم من يطالب الهاني بمزاحمة مجلات تنشر بمقابل سواء كانت عربية مثل «دبي الثقافية» و«نزوى» و«العربي» اضافة الى الصحف اليومية في تونس ولبنان والخليج او تونسية مثل «الحياة الثقافية» وبعض الجرائد. كل الذين يكتبون ل«الاتحاف» هم من محبّي الهاني وأصدقائه والذين استطاع ان يشكّل منهم أسرة تواصلت معه. وكان طموح الرجل كبير فنراه يؤسس دار نشر تحمل الاسم نفسه الذي تحمله المجلة، ولديه عدد من الاصدارات في القصة القصيرة والرواية والنقد والتاريخ، ومن المؤكد ان مشروعه هذا ماكان له ان يتواصل لولا الدعم الذي يلقاه من وزارة الثقافة ولجنة الشراءات التابعة لإدارة الآداب احدى مؤسسات وزارة الثقافة. أذكر قبل سنوات ان الاخ الهاني اقترح عليّ وضع اسمي ضمن الهيئة الاستشارية لمجلته فوافقت على مقترحه لاسيما وأن الهيئة أدرجت فيها أسماء أدبية معروفة أمثال الدكاترة مبروك المناعي ومنجي الشملي وكمال عمران والناقد أبوزيان السعدي وكذلك الناقد والجامعي محمد البدوي والباحث رشيد الذوادي وأسماء ابداعية أخرى. لقد ارتأى الصديق عبد القادر الهاني ومن معه أن يكون العدد الحامل للرقم (200) من هذه (المجلة الثقافية الجامعة)، كما هو منصوص على غلافها (عددا ممتازا)، وهذا ما كان حيث حفل العدد بالتحايا والكتابات التي تحيّي (الاتحاف) المجلة و(الاتحاف) دار النشر بأقلام عدد من أصدقائها. يكتب الهاني افتتاحية قصيرة لعدد مجلته هذا يحيّي فيها كل من وقفوا معه ودعّموه، يحيّي سيادة الرئيس زين العابدين بن علي كما يحيّي وزير الثقافة الأستاذ عبد الرؤوف الباسطي، ويبعث برسالة (عرفان بالجميل الى الأسرة الموسعة للاتحاف قرّاء ومبدعين ومسيّرين في تونس وفي عديد البلدان القريبة والبعيدة). وربما كانت مقالة الأخ محمد الأصفر أحد كتّاب المجلة المتواصلين هي أقرب الى استعراض ما قدمته المجلة من مواد وأبواب ورسائل. ثم تتبعها (دراسة مونوغرافية وتحليلية لمجلة الاتحاف) من اعداد طالبتين جامعيتين. وهذه الدراسة التي نشر جزؤها الأول هي قراءة لكل ما أعطته المجلة، وحبذا لو تم نشرها في كتيب يقدم هدية مع أحد أعداد المجلة القادمة. ومن الذين بعثوا بتحاياهم وقراءاتهم لهذه المجلة أذكر عثمان الجلاصي الشريف والدكتور أحمد الطويلي والدكتور صلاح داسي والباحث رشيد الذوادي، وكانت تحية الختام من الروائية والشاعرة فوزية العلوي، وهي تحية مؤثرة دبّجتها فوزية بلغتها المشرقة الدافئة وفيها تعتذر وتعترف بدور هذه المجلة في حياتها الأدبية، فتقول: (ولكنني كأي بنت بارة لا تجهد فضل أمها عليها، لا تملك الا ان تقبّل رأسها وتسرّ اليها: والله ما نسيتك يا «اتحاف» ولا تنكرت لسخائك ولا يمكن ان أتجاهلك في يوم من الأيام فأنت المنبر الذي فتح لي ذراعيه ورحب بقصائدي ومواجدي وقصصي وهواجسي وأحلامي). وربما كانت أغلفة (12) كتابا التي زينت الغلاف الاخير من هذا العدد خير دليل على ان دار النشر تسير بموازاة المجلة. لا نملك بهذه المناسبة الا ان نشدّ على يد صديقنا الهاني ونتمنى لمجلته أن تكون أكثر حيوية لتكون أكثر حضورا، كما نتمنى أن يعنى بتوزيعها والاشهار لها لتتسع دائرة قرائها وبالتالي عدد قرائها، فالرهان اليوم ليس بإصدار مجلة بل بإصدار مجلة تُقرأ. والى العدد الخمسمائة ان شاء الله.