تونس «الشروق»: شرح السيد أمر الله إيشلر، كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في لقاء مع «الشروق» عبر الهاتف موقف حكومته من الاعتداء الاسرائيلي على «أسطول الحرية» واصفا ما جرى بإرهاب دولة وعمل اسرائيلي مجنون.. الدكتور إيشلر قال: إن اسرائيل ستدفع ثمنا باهظا جرّاء تصرفها الاجرامي لكنه استبعد تطوّر الأمور الى مواجهة عسكرية بين الجانبين.. وفي ما يلي هذا الحوار.. بداية، كيف تنظرون دكتور الى الاعتداء الاسرائيلي على أسطول الحرية.. وكيف ستتصرفون للرّد على هذه الجريمة التي كان معظم ضحاياها مواطنين أتراك؟ طبعا، نحن عبّرنا عن موقفنا بكل وضوح واستنكرنا بشدّة ما حصل.. فما حصل هو في اعتقادنا إجرام وإرهاب دولة وقرصنة اسرائيلية في المياه الدولية.. لأن ما حصل وقع في المياه الدولية ولأن السفن التضامنية كانت تحمل أبرياء ولا يمتلكون أي نوع من الأسلحة.. الناس الذين كانوا على متن «أسطول الحرية» كان همهم الوحيد التضامن مع أهل غزة.. وكسر الحصار الظالم المفروض عليهم منذ أكثر من 30 شهرا هؤلاء الناس فرض عليهم ضميرهم الانساني حمل مساعدات إنسانية الى سواحل غزة لكي يقدموا هذه المساعدات الى الجوعى في غزة.. هذه كانت إذن حملة إنسانية وبالتالي لم يكن هناك ما يبرر ارتكاب اسرائيل لهذه الجريمة الوحشية.. ما تفضلتم به هو توصيف للجريمة، لكن السؤال هنا عن الاجراءات التي تعتزمون اتخاذها ضدّ اسرائيل؟ ما إن سمعنا بوقوع الجريمة حتى تدخلنا وضغطنا على المجتمع الدولي الذي تحرك بقوة وأدان الجريمة والحقيقة أن هذا الأمر لم نألفه منذ سنوات.. تركيا منذ اللحظة الأولى تدخلت لأن ما حصل أن مواطنين أبرياء قتلوا بالرصاص.. والاعتداء كان على سفينة تركية كانت تحمل علما تركيا ومواطنين أتراكا.. ولذلك اتخذنا اجراءات قانونية في هذا الصدد ونحن نبذل اليوم قصارى جهودنا لمعاقبة اسرائيل ولكي تدفع ثمنا باهظا جراء ما اقترفته.. ما طبيعة هذه الاجراءات القانونية؟ لقد طلبنا تشكيل لجنة لتقصي الحقائق.. وهذه اللجنة ستتولى مهمة التحقيق في الجريمة.. وبعد ذلك ستتم معاقبتها من المجتمع الدولي وليس من قبل تركيا.. لأن ما حدث كان اعتداء على المجتمع الدولي.. نحن لم نصدق ما حصل.. هذا غير معقول وغير منطقي هذا عمل مجانين وقد قلت للبعض إن الانسان عندما يكون مجنونا تأخذه الى المستشفى لكن إذا تعلق الأمر بحكومة مجنونة فمن سيعالج هذه الحكومة.. إذن لا بدّ من معالجة هذا الجنون من قبل المجتمع الدولي.. والآن تركيا تتابع هذا الموضوع الذي سيسهر عليه المجتمع الدولي. إلى أي مدى يمكن أن «تجازف» أنقرة بعلاقاتها المتينة وبالاتفاقيات التي أبرمتها مع اسرائيل من أجل فكّ الحصار عن قطاع غزة؟ صحيح أنه كانت هناك علاقات متينة بين تركيا واسرائيل.. عشرات الاتفاقيات موجودة.. وكل هذه العلاقات والاتفاقيات بدأت تتأثر اليوم وستتأثر أكثر بسبب هذا التصرّف الاجرامي الاسرائيلي وخير دليل على ذلك الوساطة بين سوريا واسرائيل والتي استمرت 6 أشهر.. وقد كنا على وشك الاتفاق وجاء في حينها رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود أولمرت الى أنقرة.. ولكن بدأت العلاقات بين تركيا واسرائيل بعد ضرب غزة.. حيث غضب أردوغان غضبا شديدا على محرقة غزة وعلى إهانة سفيرنا في أنقرة.. نحن اليوم من طرفنا، لا نريد التصعيد، نريد السلام والاستقرار.. ومن يتابع سياسة تركيا في الآونة الأخيرة يلاحظ أنها تقوم على السلم وعلى محاولة ايجاد حلول لمختلف أزمات المنطقة.. نحن لا نريد حربا، لا نريد مزيدا من نزيف الدماء.. فيكفي المنطقة ما شهدته من دماء وحروب.. تركيا اليوم تتدخل في جميع المشاكل لايجاد حلول.. ولذلك بذلنا في السابق جهودا من أجل ايجاد حلول للخلافات العربية وكذلك حاولنا أن نتوسط بين حماس واسرائيل.. ولا نزال الى اليوم نبذل مساعي متواصلة من أجل تحقيق السلام في المنطقة.. لأن تركيا دولة سلام.. تركيا ليست دولة فتية، بل هي دولة جذورها ترجع الى أعماق التاريخ.. نحن في علاقاتنا الدولية نتحرك بعقلانية ونعمل على الوصول الى السلام.. لكن هل ترون أن فرص السلام ماتزال قائمة فعلا مع «حكومة مجانين» كما وصفتموها؟ نحن نتوقع أن يسود منطق السلام في اسرائيل.. وعلى ضوء موقف اسرائيل نقوم باتخاذ القرار في حينه.. تركيا اليوم ترى أن هناك خرقا للقانون الدولي.. وهي تتابع هذا الخرق والاعتداء. الموقف السياسي التركي في مسألة حصار غزة كان لافتا وقويا، لكن عمليا ما الذي يمكن أن تفعله تركيا من أجل ترجمة مثل هذا الموقف وفك هذا الحصار؟ فيما يتعلق بحصار غزة.. بعد الاعتداء نعتقد أن هذا الحصار سيكسر.. ونحن من جهتنا نبذل قصارى جهودنا لفتح معبر رفح وإن شاء اللّه سنرى أن هناك تطورات ايجابية على هذا الصعيد.