ليس المعتقل الفلسطيني الوحيد، ولكنه الوحيد الذي يحمل الجنسية الفرنسية، ولذلك فإن الصمت الفرنسي في عهد ادارة كالادارة الحالية هو امر مفهوم، اما غير المفهوم فهو الصمت العربي والفلسطيني. لماذا لا تدق طبول هذه القضية في وجه الفرنسيين كلما طالبوا بجلعاد شاليط؟ صلاح شاب جميل انيق مثقف، واع سياسيا كما تدل تصريحاته وسلوكياته في السجن، طالب في علم الاجتماع، عرف في الجامعة بنشاطه السياسي المؤيد للمقاومة ولذلك قرر الاسرائيليون معاقبته، اعتقل على حاجز وقلب الجنود بيت اهله نتفا دون ان يحصلوا لديه على أي دليل، ورغم ذلك فاوضه القاضي: اما ان تعترف بأنك كنت تنوي قتل اوفاديا يوسف وتحكم سبع سنوات واما الا تعترف وتحكم اربع عشرة سنة. فاعترف بانه مر من امام بيت يوسف وتمنى له الموت، واكتفى القاضي بذلك ليصدر حكمه. اما جلعاد شاليط فقد اعتقل وهو جندي بكامل سلاحه يقتل اطفال غزة. رغم ذلك يلتقي اليمين واليسار الفرنسيين على الدفاع عنه: يستقبل نيقولا ساركوزي اهل شاليط ويرفض استقبال ام الحموري الفرنسية، ويطالب نواب اشتراكيون الحكومة بأن تتعامل مع قضيته على اساس انه رهينة لا أسير حرب، واخيرا يأتي عمدة باريس دولانوي يثير القضية نفسها. وعندما يسأل صحفي الناطق الرسمي باسم الاليزيه فرانسوا كوبيه عن الحموري يرد بأنه لم يسمع بقضيته، اما وزيرة حقوق الانسان راما ياد، فتؤيد اعتقال حموري وتطالبه بالاعتذار. غير ان ذلك لا يعني انه ليس بين الفرنسيين من يقارب الموضوع بأخلاقيات اعلى، وبمقاييس صحيحة، فها هو النائب جان كلود لوفور يشكل لجنة لدعم صلاح حموري، ويزوره مرارا في السجن، وها هم مجموعة من الكتاب المحترمين، وعلى رأسهم الان غريش يكتبون مقالات مطولة هي عبارة عن مرافعات عنيفة حول القضية. لكن تحريك القضية في فرنسا – على اهميته الكبيرة – هو غير تحريكها من قبلنا نحن بوجه الفرنسيين، اولا لان الحموري هو ابننا، وثانيا لان قضيته تشكل معادلا موضوعيا قويا لقضية جلعاد شاليط. ومن المستغرب جدا ان الفلسطينيين لا يثيرونها ولا ينظمون حولها حملات اعلامية. فهل ان حماس تعتبر أن كون الحموري مرتبط بالجبهة الشعبية لا بها، وهو بالتالي ليس اسلاميا، يجعله خارج نطاق لعبتها ومسؤوليتها؟ هل يمكن ان تكون الحسابات الفصائلية قد بلغت هذا الحد؟ هذا اذا لم نطرح سؤالا يخص السلطة، لانها باتت مستعصية على الاسئلة. وهنا أعود الى البداية فالاسئلة لا تطرح هنا لان الشاب أكثر أحقية من سائر المعتقلين، بل لان قضيته تصلح للتوظيف السياسي بامتياز وهي فرصة يفوتها الفلسطينيون بسهولة. فلماذا لا تنشأ في فلسطين وفي العالم العربي لجان تضامن مع صلاح الحموري ترتبط بلجنة التضامن الفرنسية معه؟ ولماذا لا تلاقي المظاهرات التي ترفع صور حموري كل وسيط يأتي للتباحث بشأن شاليط؟ ولماذا لا يصار الى توجيه الجماعات العربية والمسلمة في فرنسا الى دعم لجنة لوفور وتفعيل تحركاتها فيما يمكن ان يشكل احراجا لحكومة ساركوزي وبرنار كوشنير؟