يبدو أن عالم التدريب الذي لا تنقضي عجائبه لن يخضع بعد اليوم إلى الزاد المعرفي والخبرة والديبلومات والكد والتعب بقدر ما سيخضع إلى متانة علاقات المدرب مع الآخرين وحبّذا أن تستند هذه العلاقات على صداقة قوية مع مدربين باعهم طويل في عالم التدريب حينها يدرك المدرب أن رزقه سيبلغه إلى حد بيته... وهو ما حدث مؤخرا مع نبيل الكوكي بعد أن تشبث الفرنسي لوشانتر بتعيينه مساعدا له في النادي الصفاقسي وفعل مواطنه جيرار بوشي الأمر نفسه مع توماس مور بمجرد التحاقه بالنادي البنزرتي ونسج على منوالهما البرازيلي دوس سانطوس عندما استنجد بفريد شوشان لمساعدته في تدريب الوداد البيضاوي. عدّة أسئلة محيّرة رافقت هذه الظاهرة الغريبة والطريفة في الوقت نفسه، فهل أن استنجاد بعض المدربين بالأصدقاء ورفاق الدرب لمساعدتهم في الفرق التي يشرفون على حظوظها إيمانا منهم بكفاءتهم أم أنها أرزاق تساق؟ ولعلّ الغريب في الأمر أن هؤلاء المدربين واجهوا انتقادات الآخرين بآذان تكاد تكون «صمّاء» حتى وإن لسعتهم سهام الآخرين من كل حدب وصوب... ولكن مما لا يختلف فيه اثنان بشأن هذه الظاهرة أنها لم تقتصر على الكرة التونسية ولكنها ظاهرة عالمية وهو ما تؤكده المعطيات التالية: لوشانتر يفرض الكوكي على هيئة النادي الصفاقسي لم تمض على علاقة نبيل الكوكي والفني الفرنسي سوى بضعة أشهر كانت كافية لربط حبل الود بينهما الذي لم ينقطع حتى بعد أن عصفت بهما رياح التغيير في حديقة منير القبائلي فلم يتنكر لوشانتر لصديقه يوما واحدا وبمجرد أن تسلّم مقاليد تدريب النادي الصفاقسي فرض على هيئة الفريق التعاقد مع نبيل الكوكي وأصر على اتخاذ هذا الإجراء حتى وإن كان على حساب مدرب مازال يربطه عقد مع فريق عاصمة الجنوب!! جيرار يتشبث بصديقه توماس مور كان المدرب الفرنسي جيرار بوشي صريحا إلى أبعد الحدود عندما أكد مرارا أنه لن يلتحق بأي فريق عندما كان على رأس الهمهاما إلا برفقة رفيق الدرب المعد البدني توماس مور وهو ما حدث فعلا بمجرد التحاقه بالنادي البنزرتي ولم يكن جيرار بوشي ليقبل بأن تغدق عليه هيئة النادي البنزرتي الملايين دون أن تشمل تلك «النعمة» صديقه توماس. دوس سانطوس يستنجد بشوشان لم يخف المدرب البرازيلي دوس سانطوس صداقته المتينة مع اللاعب الدولي السابق فريد شوشان منذ أن كان يشرف على تدريبه في النجم الرياضي الساحلي وقد مضت السنوات وفرقتهما المسافات لكن صداقتهما بقيت صامدة في وجه الزمن لذلك لم يتردد دوس سانطوس في الاستنجاد بخدمات شوشان لمساعدته في تدريب الوداد البيضاوي وتمسك بموقفه حتى وإن كان ذلك على حساب «ابن الدار». الشيخ سعدان يتحدى العالم من أجل جلّول «مساعدي سيبقى زهير جلول ولن أغيّر موقفي تحت أي طارئ...» هذا ما ردّده مدرب المنتخب الجزائري رابح سعدان في إشارة صارخة إلى رفضه التام التخلي عن مساعده وصديقه جلول حتى وإن كان معوض صديقه سيكون بحجم اللاعب الجزائري الشهير «بلومي»! وهي واقعة أخرى تؤكد ما ذهبنا إليه في أن الصداقة تلقي بظلالها على عالم الساحرة المستديرة». وحيد هاليهودزيتش لا يعمل إلاّ مع صديقه برونو المدرب وحيد هاليهودزيتش الذي يحمل الجنسية الفرنسية والذي كان على وشك تدريب منتخبنا الوطني التونسي يصر بدوره على عدم التدريب إلا برفقة مساعده الفرنسي «برونو باررو نكيلي» بما أنه رفيق دربه وصديقه منذ سنوات الشباب. «مورينهو» يستنجد بدي مورايس... قلنا إن هذه الظاهرة عالمية وهو ما أكده على أرض الواقع المدرب البرتغالي «الداهية» جوزي مورينهو عندما استنجد بصديقه ومواطنه «دي مورايس» المدرب السابق للترجي لمساعدته في تدريب فريق «الأنتر»... وفي المقابل لم يخف «أليكس فيرغسون» مدرب مانشستر يونايتد صداقته المتينة مع مساعده السابق «كارلوس كيروش» (المدرب الحالي لمنتخب البرتغال) وهو ما جعله يبقى متشبثا باستشارته كما فعل مؤخرا بخصوص رغبة مانشستر في التعاقد مع لاعب الانتر «بالو تيلي» لأن علاقتهما كانت أقوى من أن تفرقها الأقدار...