«وجد2» هو جديد المطربة الأصيلة سنيا مبارك والذي أضاء سماء عدة مهرجانات في شهر رمضان المعظم وخلف أحسن الانطباعات بما رسخه من عمق ثقافة هذه الفنانة الموسيقية وحرصها على احترام جمهورها بما عودته من انتاجات موسيقية قيمة، حول حيثيات هذا العمل الجديد وبعض الجوانب الاخرى الفنية كان ل«الشروق» لقاء مع هذه المبدعة اثر عرضها بمدينة سوسة في حوار عكس دماثة أخلاقها ونبل صفاتها ومدى تلقائيتها وهذه التفاصيل: موسيقيا ماذا أردت قوله بعرض «وجد2»؟ هذا العرض مليء بالإحساس وهو يعكس ما يوجد بوجداني ووجدان الموسيقيين هذا العرض جاء بعد ثلاثين بروفة فليس من السهل أداء الأغاني الدينية والأناشيد فالموضوع حساس وخاصة على مستوى النطق اضافة الى ان هذه النوعية ليست من اختصاصي لذلك قبل التطرق اليها دققت كثيرا ودرست الأمر مع عدة أساتذة ومختصين واستمعت الى كيفية النطق ثم تصرفت أيضا بإحساسي كفنانة فمعظم الأغاني كانت من ألحاني حاولت التبسيط دون تصنع فأنا أغني من أعماق قلبي وما وجدته من تفاعل في عرضي بمدينة عنابة أبهرني كذلك في اختتام مهرجان الحمامات وفي مهرجان المدينةبسوسة وهناك من طلب مني اعادة غناء بعض الأغاني الجديدة فأحيانا نظلم ذلك الجمهور عندما نخير تمرير الأغاني في الكاسات قبل مواجهته بها في عرض مباشر، فالجمهور أينما عرضنا استمع الينا بكل خشوع في تطابق مع احساسنا الذي كان صادقا. العرض كان عبارة عن جولة بين عدة ألحان ذات نفس تركي، أندلسي تونسي... كيف تصفين هذه التوجهات الموسيقية؟ نعم بالضبط هذا «النفس متاعي» ذهبت الى الأشياء التي أحبها وأسمعها، فأنا أسمع كثيرا الموسيقى التقليدية فلنا المالوف الجيد في تونس ولكن للأسف لا زلنا لا نوليه الاهتمام بما فيه الكفاية فنحن نغني المالوف المعتاد في وقت سبقه المالوف الجيد فكل النصوص كانت دينية فهناك درر وجب تفعيلها وتوظيفها وحاولت من خلال عرضي تقديم تكريم ولو جزئيا للشيخ العروسي بن خميس التركي الذي لحن روائع مثل «أنا صنعني صانع» و«النبي ومشاله» و«قد أشرق البدر المنير» فمثلما نتحدث عن خميس ترنان وجب الاهتمام بهذا الشيخ «كل واحد نعطيوه حقو». بين العروض الصوفية التقليدية والعروض الصوفية التي يسميها أصحابها بالمعاصرة أين تضعين «وجد2»؟ أنتم الصحافيون أكثر تأهيلا للحكم على ذلك بحكم ثقافتكم الفرجوية وفي كل الحالات يعكس هذا العرض رؤيتي الشخصية ورؤية السيد فتحي زغندة وأيضا السيد رشيد يدعس الذي ساعدنا، وبكل تواضع هذه نظرتنا فكل أعمالي الأخرى قدمتها بصدق ولكن هذا الموضوع بالذات يمس الوجدان لذلك كانت الأصداء جد طيبة من مختلف الفئات ومن طرف كل الصحافيين فمنذ عرض الحمامات شعرت بحماس كبير من طرف كل من واكبه. طغت القصائد على الأغاني المؤداة هل تعتبرين ذلك مجازفة منك؟ هذا اختيار ولكن اعتمدت أيضا على اللهجة التونسية التي يبقى لها سحرها، وقد قضيت ستة أشهر للاستشارة والاستماع وقد قرأت تقريبا ثلاثين نصا وحتى أعطي لكل ذي حق حقه فالسيد محيي الدين خريف هو الذي اختار لي معظم النصوص ما عدا الأغنية الأخيرة «ما العشق الا كلام الله» وكذلك القصائد التقليدية أنا التي اخترتها. الجزء الثاني من العرض كان ايقاعه أسرع، هل ذلك اختيار منك أم محاولة خلق مراوحة للجمهور؟ هذا يخضع لنسق العرض وللنسق المقامي فترتيب الأغاني يحتمه الانسجام فلا يمكن مثلا وضع البياتي ثم النهوند. هل يمكن اقرار تجربة تونسية في هذه النوعية مقارنة بما هو سائد؟ ان شاء الله أتمنى ذلك. كيف تصفين التجارب التونسية الأخرى في النوعية الصوفية؟ لم أتابع الكثير من العروض واحقاقا للحق لا أحبذ استعمال كلمة تصوف لأنها مصطلح كبير وتتطلب شروطا معينة فهي أقصى درجات النبل «ان شاء الله الواحد يوصل للمرتبة هاذي» فلا بد من العمل أولا ثم تأتي الاحكام من الآخرين ولا يمكن للإنسان أن يحكم على نفسه بأنه متصوف. هل ستواصلين في هذه النوعية ونرى «وجد3»؟ لم لا، ولكن التحضير لمثل هذه العروض ليس سهلا فقد قضيت ست سنوات لتحضير «وجد2». ألا تخشين أن مثل هذه العروض قد ترسخ انطباعات بعض الجماهير على أنك فنانة نخبوية؟ لا بالعكس من خلال الجولة التي قمت بها لاحظت أن «وجد2» تابعته كل الفئات وبأعداد غفيرة وخاصة الشباب. هل تتحمسين لعروض المهرجانات الصيفية؟ لم لا، فالجمهور يتبعني أينما كنت وكذلك الصحافيون وبالمناسبة هي فرصة لأؤكد الاحترام الكبير الذي تتسم به علاقتي بالصحافة التونسية «انحس أن الصحافيين عندهم ثقة كبيرة فيا» وكذلك الجمهور مما يجعلني أسعى الى مضاعفة مجهوداتي وأسعى الى انتاج الجديد. بعد «وجد2» ما هو جديد سنيا مبارك؟ هناك مشروع «أروى القيروانية» ونحن بصدد تحضير الموسيقى تعطل المشروع سابقا بسبب أمور مادية هل زال هذا العائق؟ بصراحة التمويل مازال غامضا ولكن مهما كانت الامور لا أسقط أي مشروع بدأت فيه وسيقدم في أوانه المهم أن يولد في أحسن الظروف فالأمور المادية هامة خاصة أن الفريق يضم قرابة الثمانين شخصا ولكن القيمة الموسيقية والفنية عموما تبقى الأهم. تتعاملين أحيانا مع أسماء غير معروفة من موسيقيين أو شعراء فليست لديك عقدة «الأسماء الكبرى» هل في ذلك تخطيط مسبق أم الصدفة تلعب دورها؟ بالعكس اعتبرهم من الأسماء الكبرى فأولاد الغربي مثلا كنت أول من قدمهم فهذه الفرقة تلازمني في كل جولاتي فلا يوجد نجاح الفنان بمفرده فبحكم أنني موسيقية أحرص على العمل الورشاتي أطرح الأغاني ونتشاور في البرنامج وفي التسلسل المقامي وفي كل شيء وفيما يخص اختيار النصوص والألحان فهناك فريق فني آخر يتكفل بذلك. أين ستكون جولتك القادمة؟ سأذهب في أكتوبر الى سويسرا بعرض «فريديريكو قارسيا لوركا» وفي 2011 ستكون جولة أوروبية بنفس العرض.