من المفارقات أن بلادنا التي أوجدت أول دستور سنة 1861(أي قبل 150 سنة) باعتبار مرجعية القانون الوضعي وإعلائه على كل مرجعية أخرى لإرساء تنظيم الحرية وتحويل الرعايا الى مواطنين وذلك طريق التطور والتقدم، وبرغم عراقة عملية التحديث هذه، خاصة منذ الاستقلال وبالعكس من رفع شعار المجتمع المدني والحداثة والمزايدة بكثرة الجمعيات التي يقرب عددها من عشرة آلاف جمعية... بالرغم من ذلك كله، حصل خلال الأشهر الماضية أن تقدم جمع من الممفكرين والباحثين والجامعيين والمبدعين الى وزارة الداخلية بمطلب للترخيص في انشاء«جمعية ثقافة الحداثة» كجميعة ثقافية فنية وقد تم ذلك حسب الأصول عبر وضع الملف الكامل بمكتب الضبط بولاية أريانة في 19 مارس 2010، وفي 27 أفريل 2010 تسلم رئيس الجمعية وصل الايداع القانوني للجمعية، واعتبر ذلك مؤشرا إيجابيا الا أنه فوجئ يوم 11 جوان 2010 بتسليمه قرارا من وزير الداخلية تضمن رفض الوزارة تكوين الجمعية بتعلة «مخالفة أحكام النظام الأساسي للجمعية لمقتضيات القانون 154 لسنة 1959 المؤرخ في 7 نوفمبر 1959 والمتعلق بالجمعيات وجميع النصوص التي تممته أو نقحته، هذا مع العلم أن النظام الأساسي المذكور وقع نقله حرفيا وبدقة عن النص النموذجي الخاص بالجمعيات الثقافية الفنية المعتمد من طرف وزارة الداخلية باستثناء اضافة الفصل الخاص بالأهداف والعنوان. ان المقصود بمخالفة القانون، وابقاء أمر هذه المخالفة المزعومة غامضا دون تحديد، لا يعكس حقيقة أسباب الرفض، بل ذلك الرفض قد اتخذ بشكل تعسفي ويخالف القانون والدستور وثقافة الحداثة والمجتمع المدني السائدة في بلادنا ولدى أفراد مجتمعنا، وها أنني أنقل حرفيا نص أهداف جمعية ثقافة الحداثة وهي أهداف تبين خصوصيتها النوعية، وهي(كما تضمنها الفصل عدد 2). «توافق المؤسسون والمؤسسات لهذه الجمعية وهم، جمع من أهل الفكر والثقافة والعلم والإبداع والخبرات والتجارب... في مختلف مجالات النشاط الانساني، ومن سيكتسب العضوية لاحقا بعد الترخيص لها، على الايمان بالأهداف التي سيأتي ذكرها، والنشاط المشترك من أجلها لإشاعة أفكار وقيم ومعايير ثقافة الحداثة في المجتمع وفي الثقافة الناطقة والمكتوبة بلغة الضاد وغيرها وهي: 1 ) الحفاظ على مكتسبات البلاد وانجازاتها مما تحقق في سياق النهضة والحداثة في المجالات المختلفة خصوصا المرجعية البشرية للدستور والمؤسسات والقوانين والمعارف والأفكار و الابداعات والحرف وكل الأقوال والأعمال والمنصفات. 2 ) اعتماد المعايير الانسانية والقيم الكونية والمبادئ الأممية بشأن كرامة الانسان وحقوقه كما تحددت في هذا العصر من قبل العقلاء والعلماء والمبدعين والمفكرين في هذا الزمن بما في ذلك اقرار المساواة الكاملة بين الجنسين في كل الحقوق أمام القانون ورفض أي تمييز بينهما. 3) التمسك بالمرجعية العلمية في اعتماد مناهج ومواد المنظومة التربوية والتعليمية وتطويرها بما يصقل القدرات الابداعية للناشئة ويخدم تنمية الموارد البشرية بمقاييس العالم الراهن. 4 ) التأكيد على حيوية وضرورة التثاقف والتفاعل مع كل الثقافات الانسانية والقبول بالمعارف العلمية والتأكيد على الحق في الحرية لكل المبدعين والمفكرين في ما يؤلفونه أو يبدعونه. 5)النشاط الفكري، العلمي ، الفني والابداعي من أجل تأصيل أو توطين الحداثة التي تخدم ثقافة الحداثة التنمية العلم كرامة الانسان الديمقراطية التنوع التعددية الحق الحرية... 6 ) اعتبار الحداثة في الثقافة وفي المجتمع حقا ثقافيا واجتماعيا أساسيا لكل الأفراد في مجتمعنا وفي منطقتنا. 7) رعاية الأعضاء الذين أسهموا أو نشطوا من أجل هذه الأهداف أثناء حياتهم من خلال التعريف بهم وبأعمالهم في اطار أهداف الجمعية كما تحددت في هذا العصر. كما أن«لجمعية ثقافة الحداثة» خصوصية أخرى، غير مسبوقة في الجمعيات والهيئات في كل العالم العربي الاسلامي وربما حتى في العالم الغربي، من ناحية النص في نظامها الأساسي في الفصل 13، على أن يكون أعضاء الهيئة المديرة وأيضا اللجان، مكونة من الجنسين وبعدد متساو، على أن يكون صوت الرئيس(ة) مرجحا في حالة التصويت. والخصوصية الثالثة لهذه الثقافية( وقد نص عليها الفصل 32) هي أن الجمعية تقوم كل سنة، بإسناد جوائز أدبية تقديرية تمنحها تكريما لثلاثة من المفكرين والمبدعين التونسيين ،ممن تميزوا بعطاء فكري، علمي أو إبداعي خاصة في مجال خدمة ثقافة الحداثة. وأعضاء الهيئة الإدارية المؤسسة هم: 1) عفيف البوني: رئيس الهيئة المديرة 2) إقبال الغربي: نائبة رئيس الهيئة 3) آمال القرامي: الكاتبة العامة 4) علي الفتاحي: أمين المال 5) سلوى بالحاج صالح: مسؤولة الأيام الدراسية من الحداثة 6) علي الزنايدي: مسؤول عن الندوات 7) يامنة المثلوثي: مسؤولة ملف الحداثة في الفنون 8) فوزية العلوي: مسؤولة عن الدراسات 9) عمار منصور الهاني: مسؤول عن العلاقات مع الجمعيات 10) سمير بسباس: مسؤول عن العلاقات مع الجمعيات ومن بين الأعضاء المؤسسين للجمعية الأساتذة والباحثين: فتحي التريكي ( رئيس مخبر الفلسفة الفيلا بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية) ، ألفة يوسف ، مصطفى اللطيفي، المنجي معتوق(رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين). اننا نصر على حقنا الذي حرمتنا منه وزارة الداخلية، في الحصول على الترخيص القانوني لجمعيتنا حتى نسهم في بناء المجتمع المدني، وهو المشروع الحالي والمستقبلي لثورة الشعب التونسي ضد الطغيان الذي ولّى يوم 14 جانفي 2011.