تونس تطلق مسار مراجعة "الاستراتيجية الوطنية للانتقال الايكولوجي"    القيروان:غلق الطريق وسط حالة من الاحتقان والتوتر    عاجل/ استئناف الحكم الصادر في حق مراد الزغيدي    المستشار الفيدرالي السويسري المكلف بالعدل والشرطة في وزارة الداخلية    هذا ما قرّره القضاء في حق زوج قتل زوجته بساطور    الجيش المصري يتدرّب على اقتحام دفاعات العدو    صفاقس تفكيك عصابة لترويج المخدرات وغسيل الأموال...حجز 50صفيحة من مخدر القنب الهندي    تونس نحو إدراج تلقيح جديد للفتيات من سن 12    هام: بشرى سارة للعاطلين عن العمل بهذه الولايات..فرص شغل في هذا القطاع..    صفاقس: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه..    الكيان الصهيوني يوبخ سفراء إيرلندا والنرويج وإسبانيا    عاجل : زلزال قوي يضرب بابوا غينيا الجديدة    الرابطة الأولى: تعيينات حكام منافسات الجولة الثالثة إيابا لمرحلة التتويج    الرابطة الأولى: الإتحاد المنستيري يرفض خوض الكلاسيكو إلى حين النظر في مطلبه    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الهمم: رؤي الجبابلي يحرز ميدالية برونزية جديدة لتونس    تونس توقّع اتفاقية تمويل مع صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي لفائدة الفلاحة المندمجة بالكاف    غرفة التجارة و الصناعة : '' ندعو إلى إنشاء خط مباشر بين بولونيا وتونس ''    الخطوط التونسية: السماح لكل حاج بحقيبتين لا يفوق وزن الواحدة 23 كغ، و5 لترات من ماء زمزم    الجزائر: شاب يطعن شقيقته بسكين خلال بث مباشر على "إنستغرام"    تسجيل 120 مخالفة اقتصادية في هذه الولاية    اقتراب امتحانات الباكالوريا...ماهي الوجبات التي ينصح بالابتعاد عنها ؟    نقابة الصيادلة : إزدهار سوق المكملات الغذائية مع إقتراب الإمتحانات.. التفاصيل    عاجل/ السعودية تعلن عن قرار جديد يهم الحج..    مشاريع بالجملة لفائدة المستشفى الجهوي بجندوبة تنتظر تجاوز اشكاليات التعطيل    أتلانتا بطلا للدوري الأوروبي بعدما ألحق بليفركوزن أول هزيمة في الموسم    الإسباني بيب غوارديولا يحصد جائزة أفضل مدرب في الدوري الإنجليزي    مكلف بالإنتقال الطاقي : إنتاج 2200 ميغاوات من الكهرباء سيوفر 4500 موطن شغل    قفصة: نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك لبيع الأضاحي    ايران: بدء مراسم تشييع عبد اللهيان في مقر وزارة الخارجية    علي الخامنئي لقيس سعيد : ''يجب أن يتحول التعاطف الحالي بين إيران وتونس إلى تعاون ميداني''    إحباط مخطط لعملية إجتياز للحدود البحرية خلسة وإلقاء القبض على 30 تونسيا    هلاك شاب في حادث مرور مروع..    «مرايا الأنفاق» لبنت البحر .. أسئلة المرأة والحرّية والحبّ والجمال    جائزة غسّان كنفاني للرواية العربية بفلسطين ..«برلتراس» لنصر سامي في القائمة الطويلة    «حلمة ونجوم» تمدّ جسور التواصل بين تونس واليابان    ‬قصص قصيرة جدا    الإبادة وهجوم رفح.. العدل الدولية تحدد موعد الحكم ضد الكيان الصهيوني    رئيس الجمعية المكافحة الفساد يكشف عن انتدابات مشبوهة تتجاوز ال200 الف    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 23 ماي    قرقنة : قتيل في حادث مرور ثالث في أقل من اسبوع    اليوم: درجات الحرارة تصل إلى 42 درجة مع ظهور الشهيلي    4 ألوان "تجذب" البعوض.. لا ترتديها في الصيف    بشخصية نرجسية ومشهد اغتصاب مروع.. فيلم عن سيرة ترامب يثير غضبا    مهرجان كان : الجناح التونسي يحتضن مجموعة من الأنشطة الترويجية للسينما التونسية ولمواقع التصوير ببلادنا    الفيلم الفرنسي "Goliath" يفتتح الدورة السابعة لمهرجان الفيلم البيئي بتونس    قفصة: تقديرات أولية بإنتاج 153 ألف قنطار من القمح الصلب هذا الموسم    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة: برونزية لمحمد نضال الخليفي في سباق 100 متر كراسي (فئة تي 53)    اياب نهائي كاس رابطة ابطال افريقيا : وفد الترجي الرياضي يشد الرحال الى العاصمة المصرية القاهرة    مجموعة تفادي النزول : صراع البقاء يزداد تعقيدا بعد فوز مستقبل سليمان على مستقبل المرسى واتحاد تطاوين على اتحاد بنقردان    اتحاد الفلاحة: الفلاحون يبيعون قرابة 150 الف اضحية فقط وفق الوزن في ظل سوق اكتسحه السماسرة    وزارة الصحة: جلسة عمل حول تركيز مختبر للجينوم البشري لتعزيز جهود الوقاية والعلاج من الأمراض الوراثية والسرطانية    تضاعف المخزون الاستراتيجي للحليب مقارنة بالعام الماضي    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 22 ماي 2024    مسرحية "السيدة المنوبية" تفتتح الدورة الرابعة لأسبوع المسرح البلدي بتونس    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الساحلين:لا تهمّشوا شهداءنا
نشر في الشروق يوم 03 - 02 - 2011

لا فرق بين شهداء الجنوب وشهداء الشمال وشهداء الساحل... كلهم قدّموا نفس الدم الذي يجري في عروقنا قربانا لتحرير هذا الوطن من عصابة المفسدين التي احترفت النهب والسرقة والتزوير تحت نظام دكتاتوري غاشم تألمت منه تونس قاطبة بمدنها وقراها وأريافها... والساحلين تلك المدينة الساحلية الهادئة نالت حظها وأكثر من التهميش والظلم والاستغلال.
الظلم في عهديْ بورقيبة وبن علي قبله «السواحلية» عن مضض وعانوا الأمرّين من الكلاب المسعورة ومن تهديدات أولي الأمر من ولاة ومعتمدين وكتّاب عامين للجان التنسيق وحتى الوزراء أخذوا منابهم في تهديد متساكني هذه المدينة. السواحلية قبلوا التهميش في عهود التهميش... قبلوه كالمصير المحتوم أما ان يتواصل التهميش في عهد الثورة ايضا فهذا ما لم يقبله أحد... ورفع «السواحلية» أصواتهم منادين بالعدل والانصاف في تغطية أحداث الثورة وبطولات رجال المدينة وشبابها وخاصة أولئك الذين استشهدوا وأولئك الذين يحملون جراحا ستبقى شاهدة على ثورة مدينة انخرطت منذ أول لحظة في ثورة الكرامة.
هؤلاء اجتمعوا لرواية الأحداث وردّ الاعتبار الى من قدموا دمهم من أجل ان نتخلص جميعا من كابوس جثم على صدورنا لأكثر من 23 سنة... لقد اتصلوا ب «الشروق» ليقينهم انها صوت المحرومين والناطق باسم من لا صوت له.
لقد تحوّلنا الى منزل السيد عثمان سلّام والد الشهيد محمد بن عثمان بن علي سلام حيث استقبلتنا العائلة وقدمت لنا الحضور وهم رشاد جبلاوي والد الشهيد ومحمود رشاد جبلاوي والجرحى محمد بن عامر بن سعد وليد بن الهادي برقاش وعمر بن فرج بن عون وفرج بن عبد الحميد القويد وأنور بن رشيد فريح ولم يغب عن الجلسة الا الشاب محمد بن نصر العياشي الذي لا يزال مقيما في المستشفى الجامعي بالمنستير وقد أجريت عليه ثلاث عمليات جراحية وهو في وضعية حرجة للغاية الى حدّ الآن.
دخلنا المنزل ونحن نحمل سؤالا واحدا وهو: ما الذي جعل هؤلاء الشبان يتحوّلون الى مدينة الوردانين؟!
وكان الردّ واضحا وجليّا:
لقد تكوّنت لجنة بمدينة الساحلين لحماية المدينة من العابثين ومن رجال السرياطي الفارين وقد أوقفت هذه اللجان ما لا يقل عن 19 مسلّحا قدّموا الى المشرفين على ثكنة مسجد عيسى القريبة من مدينة الساحلين.
كنا ننشط تحت إشراف اللجنة وقد طلب منا آمر الثكنة ان نضع شارة بيضاء حتى يتمكن الجيش الوطني من تمييزنا عن غيرها كنا مجموعة نتنقل على سيارة الشهيد محمد سلام وكان دورنا التنقل بين أحياء المدينة لحماية المنشآت وإعلام الثكنة عن كل شخص أو سيارة نرتاب فيها... كنا وقتها عائدين من عملية تفقد لمنشر على ملك السيد عثمان سلام فرأينا سيارة مدنية على متنها مجموعة جنود يقودها السيد عامر بن سعد اصيل الساحلين الذي كان ينسق بين الثكنة ولجان الأحياء لحماية المدينة.. وقد أعلمنا ان المجموعة العسكرية تطارد سيارات مشبوهة.
وقد طُلب منّا اتباع السيارة دون الاقتراب كثيرا من السيارة الأولى وعندها وصلنا الى مفترق الطريق الحزامية لمدينة الوردانين على مستوى مقهى القيادين وجدنا فوضى عارمة وقتلى وجرحى.
وطلب منّا أشقاؤنا من مدينة الوردانين إسعاف الجرحى فأخذنا ثلاثة أشخاص من بينهم شهيد واحد أصيب في رأسه وجريحان وما إن انطلقنا حتى فتحت علينا ابواب جهنّم رصاص من كل الاتجاهات فسقط الشهيد محمد سلام وأحد مواطني الوردانين ثم الشهيد محمود جبلاوي الذي كان في الصندوق الخلفي للشاحنة الخفيفة يعتني بالجرحى بمعية محمد العياشي.. ويقول عمر بن عون إنه رغم نزوله من السيارة ورفعه ليديه أطلق عليه الرصاص مخلفا له اصابات خطيرة.
كل الشهود الذين استجوبناهم لا يعلمون شيئا عمّا وقع في مدخل مدينة مساكن لأنهم توقفوا في مدخل مدينة الوردانين ولم تتمكن من المرور إلاّ السيارة التي تحمل على متنها الجنود..
يقول الحضور إنه بعد حوالي ربع ساعة التحق بهم فريق من الجيش الوطني استدعى لهم الاسعاف الذي أخذ عمر بن عون ومحمد العياشي بعد حوالي ساعتين من وقوع الحادثة.. أما عن أساليب النجاة فيقول أنور فريح إنه تظاهر بالموت لينجو من الرصاص الكثيف وبقي حوالي الثلاث ساعات لينزف الى أن أتى الاسعاف من مستشفى الساحلين ليأخذه رفقة محمد بن سعد الى المستشفى الجامعي بالمنستير.. أما وليد برقاش فإنه فرّ من مكان المواجهة وهو ينزف سيرا على الأقدام عبر غابتي الوردانين ومعتمر لمسافة تقدر ب7 كلم وفي مدخل مدينة معتمر قدم نفسه لإحدى لجان الأحياء وقد طلبوا له الاسعاف من فريق مماثل في مدينة الساحلين وقد بات ليلتها بالرصاص في ذراعه.
ومن الغد حمل الى مستشفى المنستير في حين كان فرج القويد أوفرهم حظا، إذ أخذه أحد مواطني الوردانين ليبيت عنده ويتلقى الاسعاف من الغد في المنستير.
كانوا يتحدثون إلينا بنبرة فيها الكثير من الاعتزاز والفخر لما قدموه من أجل تونس وفيها إحساس بالغبن لتهميشهم دون سواهم من المواطنين الأحرار وقبل أن نغادر المكان طلبوا منّا أن نذكر بخير المرحومين محمد بن عامر خديجة ورجب بن محمد ماني اللذين لقيا حتفهما بالسجن المدني بالمنستير حرقا واختناقا.. فهؤلاء أيضا قتلهم النظام السابق الذي لم ينج من بطشه حرّ ولا سجين ولم ينج من ظلمه مخطئ ولا بريء.
هؤلاء جميعا رفعوا صوتا واحدا يقول «دم الشهداء من بنزرت الى بن قردان.. لون واحد لا ألوان».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.