بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لثورة الفاتح من سبتمبر وافانا السيد أحمد مختار النقاصة المندوب العام للجماهيرية بتونس بكلمة سلط فيها الضوء على الانجازات التي تحققت للشعب الليبي وعلى العلاقات الثنائية المتميزة. وفيما يلي نص هذه الكلمة: في مثل هذا اليوم الفاتح من سبتمبر قبل خمسة وثلاثين سنة انتفض الشعب العربي الليبي انتصارا لحريته وثأرا لكرامته، وفي مثل هذه الليلة من عام 1969 أفرنجي كانت طلائع الثورة الشعبية تتحرك في المدن العربية الليبية في موعد مع القدر بقيادة الأخ العقيد معمر القذافي متوجهة نحو الانعتاق من قيود الاستعباد والتخلف، والتخلص من واقع الاستغلال والتحرر من الاستعمار والتبعية. وأشرقت شمس الفاتح ثورة معبرة عن هويتها ومجسدة لتطلعات أمتها إلى التحرر والانتصار. واليوم يحتفل الشعب الليبي بالعيد الخامس والثلاثين لانطلاقته في فجر الفاتح نحو موقعه الجدير بحضارة عروبته وتاريخها وفوق أرضه وتحت سمائها حرا وعزيزا كما كرّمه ربه. ومكرما كما عرفته أمته. أيها الاخوة والاخوات الأعزاء في تونس الشقيقة أنها لمناسبة مجيدة، أن نحتفل هنا في تونس، وتحت رعاية صانع التغيير في السابع من نوفمبر سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بعيد ثورة الفاتح العظيمة نستذكر معا لحظات الانتصار التي انبثق فجرها وسطع نورها، فليست صدفة أن تتوحد أعياد الفاتح من سبتمبر والسابع من نوفمبر على محور الانتصار لحرية شعبينا وتعزيز استقلالهما، والعمل من أجل توحيدهما. فالسابع من نوفمر الذي صنعه سيادة الرئيس زين العابدين بن علي كان بداية لربط جسور الاخوة وتوثيق العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية، وعزز من بناء اتحاد المغرب العربي بلا حدود.. لا يفوتني ان أشيد بعمق العلاقات والروابط بين الشعبين الليبي والتونسي والذي أصبح التعاون في كافة المجالات بينهما مثلا يحتذى به، تحت رعاية قائدي البلدين الأخ العقيد معمر القذافي وسيادة الرئيس زين العابدين بن علي، ولهذا توحد البلدان في الدفاع والغاية للوصول إلى الأهداف المنشودة. وأنني أغتنم هذه الفرصة التاريخية لأرفع إلى أبناء شعبينا وقائديهما أسمى آيات التهاني، متمنيا أن تعود علينا هذه المناسبة وقد تحقق للشعبين المزيد من الانجازات والانتصارات على درب البناء والاستقرار والسلام. أيها الاخوة الأعزاء في تونس الشقيقة ان ثورة الفاتح العظيم التي ولدت من رحم الألم والأمل كانت ولا تزال تعبيرا عن هويتها التي تمتد جذورها إلى عمق التاريخ وهذا ما عبرت عنه صفحات جهاد الشعب الليبي ضد الاستعمار فإنها تحتفظ وتعبر عن امتنانها للشعب التونسي وغيره من الشعوب العربية الذين نصروا الحق، انتصارا للحرية، فكانت تونس عمقا استراتيجيا لليبيا في معركتها ضد الغزاة، وما استشهاد الكثير من الأبطال من شعب تونس الذين لا ننكر عليهم شرف القتال معنا والاستشهاد في معارك الجهاد ومواقع البطولة والفداء، ومن جذور هذا التاريخ وامتداداته، ولدت ثورة الفاتح العظيم وفية لنضالاته أمينة على أخلاقه، ساعية لبناء الصروح التي لا تقسمها الجغرافيا ولا تشطرها السياسة. ان ثورة الفاتح التي جعلت من تعزيز وتقوية أواصر الاخوة بين ليبيا وتونس قدرا ومصيرا من أجل بناء قاعدة اقتصادية يرتكز عليها العمل الحضاري، ومن أجل تنمية مستدامة تهدف إلى تحرير وتقدم المواطن في كافة المجالات، ولسنا نفاخر بما كان واجبا، ولكننا نذكر بعلاقة تلك جذورها وهذه امتداداتها التي قيض اللّه لرعايتها ابنين بارين هما الأخ العقيد معمر القذافي قائد الثورة وسيادة الرئيس زين العابدين بن علي.. واللذان توحدت مواقفهما من خلال الهم المشترك الذي جمعهما على العمل من أجل بناء مستقبل الشعبين وبناء مغرب عربي قوي عزيز، رافدا للاتحاد الافريقي العظيم كفضاء عملاق بدأ يأخذ نصيبه في بناء قارتنا، والأخذ بأسباب التقدم والرقي في عصر الفضاءات. لقد خاضت ثورة الفاتح العظيم معاركها من أجل الحرية على جبهات متعددة وأدركت منذ انطلاقتها ان الانسان أداة هذا الكفاح وغايته فعملت على تحريره من كل قيود الاستعباد وقواعد الاستغلال على أرضية متكاملة من القيم والمبادئ، التي عبرت عن أصالة انتمائها إلى ثرائها الأخلاقي العظيم في رسالة الاسلام وأخلاق العروبة، فلم تنبهر باغراءات التبعية لنظريات الشرق أو الغرب، انما اختطت طريقها إلى الحرية باستقلالية، لا تنغلق على نفسها بعنصرية التعصب، ولا تفقد خصوصيتها باغراءات التبعية. فابتدأت بتحرير الانسان من الاستعباد السياسي ليكون حرا في قراره شريكا في تنفيذه، مسؤولا عن تبعاته عبر المؤتمرات واللجان الشعبية التي تشكل هيكل أداة الحكم في سلطة الشعب وتمثل آليات اتخاذ القرار وتنفيذه في النظام الجماهيري، التي توصلت إليه ثورة الفاتح باعلان سلطة الشعب، وقيام أول جماهيرية في التاريخ حيث الناس سواسية في الحق والواجب «السلطة والثروة والسلاح بيد الشعب» تأصيلا للانتماء الذي شرف اللّه به أمة اللسان العربي، حين جعل وحدة الأصل توحيدا للخالق يرفع عن الانسان كل عبودية لغير اللّه ويضع الناس جميعا سواسية على العدل الذي يرفع الانسان بالعمل. ان هذه المبادئ أيها الاخوة والأخوات هي التي قام عليها النظام الجماهيري، وتجسدت فيها قيم الحرية والمساواة والعدل، بشورى الأمر بين الناس التي تجتمع في مؤتمرات تقرر وتنظم في لجان تنفذ. ان ثورة الفاتح العظيم أدركت أن حرية الانسان ناقصة إذا تحكم آخر بحاجته وان حرية الوطن مهددة إذا تحكم آخر بثروته فعملت على بناء مقومات الحرية الكاملة للوطن والمواطن، فخاضت ثورة تنموية وجعلت النفط لصالح المواطن، واتجهت بخطة تنمية لتؤهل الانسان، وتصلح الأرض، وتطور الزراعة، وتنمي الثروة الحيوانية، وبين الثورة الخضراء في أول أعوام الثورة، والنهر الصناعي العظيم مسيرة تشهد بانجازاتها على الأرض، بأن الانسان وسيلة التنمية وغايتها، حيث وظفت الثروة لخدمة واقامة بنية أساسية من الخدمات اللازمة للتنمية وبناء الانسان الحر المقتدر تأهيلا وحركة. ان ثورة الفاتح العظيم باستعراض انجازاتها التنموية تدرك يقينا ان الانجازات ستظل ناقصة ما لم تندمج في حركة اقتصادية داخل فضاء يحميها ويوفر لها الامان الذي يمنح للتنمية الوطنية انتصاراتها وللاقتصاد قوته وتطوره.. وهي بذلك ما فتئت تبذل الجهود الحثيثة لتأسيس فضاء افريقي عملاق بتأسيس الاتحاد الافريقي العظيم، وإذا كان عصر العولمة يتجاوز الحدود وتجتاح بضائعه حدود الدول فإن هذا ليؤكد سلامة نهج الجماهيرية بإزالة حدود التجزئة، بين الدول العربية والافريقية. ان الجماهيرية العظمى تقوم بدور متميز وفاعل من أجل السلام العالمي، وإنهاء الصراعات المسلحة سلميا. وتهدئة بؤر التوتر في العالم، والعمل على ارساء مبدأ العدل والسلم العالميين، وابعاد شبح الفقر، والجهل، والتخلف من أجل عالم تتساوى فيه الارادات ويسوده العدل والتسامح والحوار. انه ليسعدني في هذا المقام أن أتقدم إلى الأخ العقيد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح العظيم وإلى جماهير المؤتمرات الشعبية الأساسية صاحبة السلطة والقرار، بآخر التهاني بهذه المناسبة العظيمة. وان أتقدم بالشكر والعرفان إلى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية على رعايته الكريمة لبناء أسس العلاقات المتميزة بين الشعبين الشقيقين وإلى الحكومة التونسية على جهودها المشكورة وإلى الشعب التونسي الشقيق الذي نحظى برعايته وعنايته بما يعبر عنه من اخوة صادقة، وكرم ورعاية نحونا. وكل عام والجماهيرية وتونس بألف خير.