كشف الرائد عبد المنعم الهوني مندوب ليبيا المستقيل في الجامعة العربية أن نظام العقيد معمر القذافي قتل الإمام موسى الصدر سنة 1978 وأن جثمانه نقل الى مدينة «سبها» الليبية حيث دفن، كما كشف عن سلسلة اغتيالات أخرى قام بها الزعيم الليبي لتصفية معارضيه. وأوضح الهوني الذي استقال منذ أيام احتجاجا على قمع القذافي للمتظاهرين، قائلا: «كان عديلي (متزوج من أخت زوجة الهوني) طيارا يقود طائرة القذافي واسمه نجم الدين اليازجي، وكان برتبة مقدم، بعد فترة وجيزة من اختفاء الإمام الصدر تعرض اليازجي للتصفية وأفراد أسرته قالوا إن لاغتياله علاقة بقصة الصدر، إذ أنه تولّى نقل جثة الإمام لدفنها في جنوب ليبيا في منطقة سبها. وقال الأقارب إن معرفته بقصة موسى الصدر دفعت الاجهزة الليبية الى قتله لاخفاء السر وهي مسائل تحدث في مثل هذا النوع من الجرائم! سلسلة تصفيات أخرى وحمّل الهوني، في حوار مطوّل مع صحيفة «الحياة» اللندنية أمس القذافي مسؤولية قتل وزير الخارجية الليبي السابق منصور الكيخيا في مصر قائلا: «أجرى منصور الكيخيا، رحمه الله، حسابات خاطئة. كنا، محمد المقريف والكيخيا وأنا، معا في الجزائر كوفد من المعارضة. التقينا المسؤولين الجزائريين وطلبنا دعما سياسيا وأدبيا. أعتقد أن ذلك كان في 1992. بعض الإخوة في المعارضة لم يقدّروا خطورة الظروف ونشروا لنا صورا ونحن في الجزائر. اعتبر المسؤولون في طرابلس الأمر خيانة كبرى. بدأوا التركيز على منصور، وأرسلوا أصدقاء له طلبوا عبرهم اللقاء به في أي مكان». وأضاف: «اتصل بنا الرئيس الجزائري السابق احمد بن بلّة وألحّ على الالتقاء بنا فالتقيناه، منصور وأنا، في فندق «إمباسادور» في جنيف. جاءنا برسالة مصدرها القذافي يطلب منا العودة الى ليبيا مع استعداد لإعطائنا وظائف سياسية اذا كنا نطلب ذلك، او حتى اذا رغبنا في الإقامة كمواطنين عاديين. التقى بن بله أيضا في لقاء آخر عزالدين الغدامسي ومحمود المغربي». واستطرد قائلا: «أنا ومنصور قلنا إننا لا نريد وظائف، بل نريد تغييرا في البلد. نقل بن بلة نتيجة اللقاء الى القذاقي، فبدأ الأخير بخطة لتصفية منصور. أرسل له الى جنيف أحمد قذاف الدم، الذي عرف ان منصور سيغادر في اليوم التالي الى مصر. أبلغ قذاف الدم الكيخيا انه سيرسل اليه في القاهرة مسؤولا رفيعا للقائه والاستجابة الى طلباته». تابع الهوني: «كان منصور رجلا سياسيا لكنه كان بعيدا عن الحس الأمني. وكان يردد: أنا لماذا يقتلني العقيد. لم أحمل سلاحا ضده ولن أحمل. بصري ضعيف وصرت في السبعين». ذهب الكيخيا الى القاهرة فتلقى اتصالا قال فيه المتصل: «نريد التحاور معك في بيت السفير الليبي في مصر ومندوب ليبيا لدى الجامعة العربية ابراهيم البشاري. طبعا البشاري تولى لاحقا إدارة الاستخبارات وقتلوه في حادث سيارة مفتعل». وعن قصة قتل الكيخيا يقول الهوني: «القصة متداوَلة بين أركان النظام. اتهموه بأنه سرّب معلومات عن تفجير طائرة ال«يوتا» الى الفرنسيين، كما اتهمه البعض بتسريب معلومات عن حادث لوكربي. طبعا تفجير ال«يوتا» حصل لأن الأجهزة الليبية تلقت معلومات عن وجود شخصية ليبية معارضة على الطائرة وهي الدكتور محمد المقريف. وهذا كان الهدف. شاءت الصدفة ان المقريف سافر في وقت قريب جدا، لكن ليس في ذلك النهار بالذات». كما أكد الهوني أن القذافي خطط لاغتيال الملك عبد اللّه بن عبد العزيز «أكثر من مرّة» والملك الأردني حسين. التخلّي عن المجرم وقال الهوني إن القذافي يقاوم الانهيار الذي نشهده اليوم مع «أولاده ويمكن أن تضيف اليهم عشرين شخصية مجرمة»، مؤكدا أن «الرجل الثاني في انقلاب سبتمبر الرائد عبد السلام جلود في منزله ولا علاقة له بممارسات القذافي في الفترة الاخيرة». وتحدث أيضا عن رئيس الاركان أبوبكر يونس جابر: «يقال إنه الآخر في بيته لأنه رفض إصدار أوامر للجيش بإطلاق النار على المدنيين... يجب أن نعرف أن الجيش الليبي تعرض لعملية تصفية الجيش الحقيقي في ليبيا هو الكتائب الست التي يقودها أبناء العقيد وأطلقت عليها أسماؤهم». وأشار إلى أن القذافي لن يفر خارج ليبيا «فرأيي أنه حسم أمره، إما قاتل وإما قتيل». وقال إن القذافي «يعتقد أن العناية الإلهية أرسلته. أنا لا أبالغ. هذه حقيقة مشاعره، وأقواله تؤكد هذا الجنوح لديه. كان يضرب مثلا شديد الدلالة. كان يقول إن المشركين كانوا يهزأون من سيدنا نوح حين كان يُعدّ المركب ويتندرون حول ما يقوم به. ويضيف أن من كانوا مع نوح في المركب هم الذين نجوا حين جاء الطوفان. وهلك الذين كانوا يضحكون منه». وقال الرائد عبدالمنعم الهوني: «لا أعتقد أن حربا أهلية ستقع. أعتقد أننا سنشهد مجازر فظيعة، لكنني واثق ان الشعب سينتصر في النهاية». وعن علاقة القذافي بالرئيس المصري السابق حسني مبارك أضاف «كان يقول إن مبارك تقدَّم في السن وخرّف، وأن مصر تعيش بلا قيادة (يضحك). وكان يلمح الى أن ليبيا لا تتسع لقدراته. كانت العلاقة هادئة وباردة، وبدا لي ان الرئيس مبارك هو الذي كان حريصا على العلاقة أكثر من القذافي».