«إلى الغِربان التّي لم تستطع فهم لغة البلابل... إلى الذين ينكرون نور الشّمس فيشعلون شموعهم في رأْدِ الضّحَى ...» يَرْوُون أن حائطَ المدينةِ العتيدهْ مدينةِ الأحرارْ لم تستطع تهديمَهُ المدافعْ بما رمتْ من نارْ وكان حولَه الجيوشْ يكشّرونَ كالوُحوشْ ويقذفون سُوَرها العتيدْ بالنّار والحديدْ ويخنقون كلّ زهرة تضوعْ ويُسكِتونَ كلَّ أطيارِ الرّبيعْ ويَقطعون، في الظّلامْ، أَلْسِنَةََ الشّموعْ لأنهم قد كرهوا السّلامْ وعشِقوا الدّموعْ فحُطَِّم الجدارْ واندكّتِ الأسوارْ في أوجُه التّتارْ من بعد أعوامٍ من الحصارْ لكنّهم لم يفتحوا مدينة النّضالْ لم يهزموا سكّانها الأبطالْ لم يُسكتوا الطّيورْ لم يخنقوا الزهورْ لم يُطفِئُوا الشّموعْ لم يقتلوا الرّبيعْ لأنهم، إذا هدّموا الأسوارْ، جابَهَهُمْ سكّانُها الأحرارْ أقوَى من الأسوارْ فطردوا التّتارْ وأطلقوا أَلْسِنَةَ الأطيارْ بأعذبِ الأشعارْ وسيّجوا بلادَهم بالحبّ و الأزهارْ. مَن أحرق روما !؟ شُنقَ العدلُ وهوت مِقصلةُ الظّلمِ على عُنِقِ الحريّهْ وتربّع فوق العرشِ ملكٌ نَذْلُ يَسْتَعْبِدُ شعبا باسم الحريهْ. ٭ ٭ ٭ مَنْ أحرقَ رومَا؟ من حطّمَ فوقَ الأرضِ نجومَا ؟ من صَيَّرَ أمجادَ الأمسِ رميمَا ؟ من حوّل هذا الفردوسَ جحيمَا؟ «نيرون ؟» معاذ الحقّ، لقد أحرقها مَنْ ألَّهَ «نيرونَا» أحرقها شعبٌ ألّهَ مجنونَا فغدَا ربًّا فيهم يحرقهم باسم الحريهْ ... لمّا صُلِبَ العدلُ وهوت مقصلةُ الظّلم على عنُق الحرّيهْ ٭ ٭ ٭ وتقول الأسطورهْ ، بل كتب التّاريخ: «لمّا كانت روما تلتهبُ والنّاس لها حطبُ والنّار لها غضبُ شُهُبٌ شهبٌ شهبُ في الجوّ لها قُضُبُ ذهبٌ ذهبٌ ذهبُ تطعن قلب الجوّ وتنتهبُ سُحُبٌ سحب سحبُ والشّعب له صخبُ يلعنُ مَن أحرقه باسم الحريّهْ.. صُلِبَ العدلُ وهوت مِقصلةُ الظّلمِ على عنقِ الحريّهْ. ٭ ٭ ٭ في ذاك الوقت الملعونْ كان يُرَى في أعلى شرفاتِ القصرِ ... «ربٌّ مجنونْ» يُدعَى «نيرونْ» يَنْظُرُ كالنّسْرِ يعزف قيثارَهْ ينشد أشعارهْ ينظم أعظمَ ألحانِ الحريّهْ: «ما أعظم هذا الشّعبَ الجبّارْ لمّا خاض غمار النّارْ ما أصدق هذا الصّوت الصّاعدَ من حنجرة الشّعبْ يُتْقِنُ فيه فنّ الثّلْبْ يتعلّم فيه كيف يثورُ على هذا «الرّبّْ» هذا النذل المأْفونْ: «لم أُحْرِقْ رومَا لكنّي أوقدتُ عزائمَ هذا الشّعبْ علّمتُ أظافره كيف تمزّق جلْدَ الأشرارْ علّمتُ سواعدَه كيف تحطّم أصنام الحرّيَّهْ... لمّا شُنق العدلُ وهوت مقصلةُ الظّلمِ على عنق الحرّيّهْ. من خطاب مسؤول في دولة متخلّفة حضراتِ الإخوهْ يا أهلَ الساعد والحرفْ كنا في العام الماضي فوق شفا جرْفْ لكنّا في هذا العام تقدمنا خطوه