تستعد ايطاليا لترحيل جميع المهاجرين السريين الذين وصلوا اليها انطلاقا من السواحل التونسية... وقد بلغ عدد هؤلاء الى غاية نهاية شهر مارس المنقضي حوالي 15 ألف مهاجر يتم إيواء أغلبهم حاليا بجزيرة لامبادوزا التي تعدّ نقطة الوصول الاولى بالنسبة الى قوارب الهجرة السرية. هذا القرار ترفضه مؤسسات مدنية تونسية منها فيدرالية التونسيين من أجل المواطنة في الضفتين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتصفه بالحل الأضعف. تذمّر من جهته انتقد السيد فيصل دشيشة رئيس جمعية التنمية المستديمة والتعاون الدولي بجرجيس والمنسق العام لبرنامج الهجرة والتنمية الممول من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة هذا القرار وأعرب خلال جلسة عمل جمعته يوم الخميس الماضي بممثلين عن المفوضية الأوروبية عن استغرابه نيّة ايطاليا الترحيل الجماعي للمهاجرين السريين مؤكدا ان ترحيلهم يعني كسرا لأحلامهم ودفعهم الى الجريمة في تونس. كما اشار السيد دشيشة الى أن الجنوب التونسي استقبل حوالي 169 ألف لاجئ من مختلف الجنسيات بسبب الأزمة في ليبيا واستطاعت تونس بوسائلها القليلة تحمّل هؤلاء وإيوائهم والتكفل بعلاجهم وغذائهم وتنقلهم دون تذمّر لتعطي العالم درسا في مفهوم التعاون الانساني والتعامل مع الوضع الاستثنائي.. في الوقت الذي تطلق فيه إيطاليا صيحات فزع بدعوة عدم قدرتها على تحمل هؤلاء. خطأكم وخطأ بن علي وفسّر السيد دشيشة للمسؤولين الأوروبيين، وهم سيسيليا مالمستروم المكلفة بالشؤون الداخلية في المفوضية الأوروبية (أي برتبة وزير داخلية) وأدريانوس كوتسنروجترْ رئيس المفوضية الاوروبية بتونس وماريا دوناتافون سيقسفولد وماريا أسانيوس وفرنسواز ملسام من المفوضية الاوروبية والسيد طوماس ملنار رئيس حزب العمل على الادماج والهجرة والطرد، الأسباب التي دفعت بعدد من التونسيين الى الهجرة السرية. تلك الأسباب مردّها غلق الحدود الأوروبية أمام الراغبين في الهجرة من خلال اعتماد سياسة صارمة في إسناد التأشيرات.. والحال ان كل المواثيق الدولية دعت الى تسهيل تنقل الأشخاص وليس هناك اي داع لرفض إسناد التأشيرات لطالبيها. كما قال السيد دشيشة إن من تسللوا خلسة خلال هذه الايام الى الحدود الايطالية هم شبان يائسون من وعود النظام السابق ومن الوعود الجديدة وأن ترحيلهم بشكل جماعي يعني إقصاء لحقهم في العمل وكسر لأحلامهم. إعادة نظر وقال السيد دشيشة انه على الاتحاد الأوروبي ايجاد حلّ دائم لإشكالية الهجرة السرية من ذلك تشجيع التنمية في الجهات المحرومة ودعم اقتصادها المحلي. كما بيّن المنسق العام لبرنامج الهجرة والتنمية الممول من الاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة أن الاتحاد الأوروبي لم يعبّر بعد عن رغبته الحقيقية في مساعدة تونس على مستوى الهجرة فكل الاتفاقات الموقعة في إطار الهجرة المنظمة ظلّت حبرا على ورق وبالتالي آن الأوان لإعادة النظر في تلك الاتفاقيات وقد أثمرت جلسة العمل المذكورة جملة من الاجراءات تنشرها «الشروق» حصريا. اجراءات تتمثل هذه الاجراءات بالأساس في توجّه دول الاتحاد الاوروبي نحو تسهيل إعطاء التأشيرات للراغبين في الهجرة مع امكانية الدخول أكثر من مرة أي (visa multi). كما قررت المفوضية الأوروبية إسناد تونس دعما ماليا قدره 20 ألف أورو (حوالي 40 مليار دينار) كقسط أول لمساعدة كل من هو راغب في بعث مشروع خاصة في الجهات المحرومة. وستتولى المفوضية الاوروبية دعم مكوّنات المجتمع المدني لمزيد تفعيل دورها في التنمية المحلية وللمساعدة على الانتقال الديمقراطي . وصرّح السيد فيصل دشيشة ل «الشروق» ان ممثلي المفوضية الاوروبية اقتنعوا بأن تدفق قوارب الهجرة السرية، على إيطاليا مردّه تصرّف شخصي ورغبة في تحسين الوضعيات الاقتصادية والاجتماعية... خاصة أن الانتفاضة الشعبية في وطننا أثبتت للعالم ان الشباب مستعدّ للموت من اجل تونس وأنه في حال تحسّنت الظروف الاقتصادية والاجتماعية في الوطن فإنهم مستعدون للعودة.