تونس (الشروق) دفعت نتائج الانتخابات البلدية نداء تونس الى توسيع المشاورات قصد تشكيل جبهة سياسية سيعلن عنها قريبا تهدف الى تحقيق التوازن السياسي حيال «هيمنة» النهضة، فماهي آفاق هذه الجبهة وما مستقبل نجاحها أمام تعدد الجبهات وكثرة الانقسامات؟ سيشهد المشهد السياسي الاسبوع المقبل على الارجح تشكل تحالف سياسي جديد هو ثمرة المبادرة التي أطلقها نداء تونس مؤخرا وطالب عددا من الاحزاب على غرار مشروع تونس وتونس أولا وبني وطني وحزب مستقبل تونس وآفاق تونس بالانخراط فيها قصد تجميع ما أمكن من القوى السياسية الديمقراطية والحداثية والتقدمية. وحسب ما بلغ «الشروق» فان جملة هذه المشاورات طُرحت فيها فكرة تشكيل جبهة سياسية ولم تُطرح فيها نوايا انصهار هذه الاحزاب في حزب مُوحّد ويتبين ان اهدافها الاساسية تتعلق بتحقيق التوازن السياسي في تونس امام «هيمنة» النهضة وتقديم بديل سياسي للمرحلة القادمة، فماهي آفاقها وما مستقبل نجاحها؟ انقسامات من البداية وقبل الاعلان الرسمي عن الجبهة السياسية المذكورة شقت الانقسامات مكوناتها وباتت تنذر بصعوبة إيجاد الارضية المشتركة ،وإثر تنصيب المجلس البلدي في بلدية تونس العاصمة برزت الانقسامات بين نداء تونس والائتلاف المدني، حيث اتهمت قيادات ندائية من سيعلنون التحالف معهم «بالخيانة» في التصويت وفي هذا السياق دوّن رئيس كتلة نداء تونس سفيان طوبال قائلا :«حركة النهضة تتحالف مع الاتحاد المدني(محسن مرزوق ورضا بالحاج) للفوز برئاسة بلدية تونس...مرحبا بكم في التوافق». في المقابل كذّب منسّق حركة تونس أولا رضا بلحاج الادعاء بتصويتهم ضد نداء تونس مضيفا بان حزبه يشهد حملة ممنهجة إثر التقارب بين نداء تونس والشخصيات التي غادرت الحزب وإمكانية تكوين جبهة سياسية، كما انتقدت رئيسة المجلس المركزي لمشروع تونس وطفة بلعيد، اتهامهم بالتصويت ضدّ مبادئ الحزب التي اختارها. تعدد الجبهات ولئن نجحت فكرة تحقيق التوازن السياسي عند نشأة حزب نداء تونس في تكوين قطب بديل عن النهضة بوصفها القوة السياسية التي هيمنت على المشهد السياسي آنذاك فان المشروع العصري الحداثي الذي بات يرفع لواءه العديد من الاحزاب المنشقة عن النداء هو اليوم إزاء قراءات مختلفة حبيسة الزعامات والتشتيت واختلاف الرؤى سيما وأن الانتخابات الوطنية على الابواب. فمن جبهة الانقاذ التي قاربت بالأمس بين الوطني الحر والغاضبين من النداء مرورا بترويكا الحكم الثانية وصولا الى الائتلاف المدني ونوايا إعلان جبهة سياسية جديدة اقتصر التقارب فيها على مشاريع تحالفات آنية ظرفية ،أو انتخابية وقتية مما جعل جل الجبهات تؤول الى الانكسار عدا ائتلاف الجبهة الشعبية الذي حافظت على حد أدنى من التماسك والاستقرار نتيجة وجود مشترك ايديولوجي. التضاد مع طرف سياسي لا يبني جبهات قوية وفي استشرافه لآفاق بناء جبهة سياسية بعنوان التضاد مع النهضة أو أي حزب آخر يرى الناشط السياسي والنائب المؤسس رابح الخرايفي أن هذا البناء منحرف وغير قويم طالما وأن الجبهات القوية تبني أساسا على رؤية اصلاحية لهياكل الدولة ومؤسساتها واصلاح للتصور المجتمعي وليس على مفهوم الاضداد الذي هو في النهاية دافع انتخابي ظرفي يعترف ضمنيا بقوة الطرف المقابل ولا ينافسه ببرامج. ويضيف الخرايفي بأن الوجوه التي يريد نداء تونس ضمها إليه في تحالف جديد هي لفيف من الشخصيات السياسية التي كانت فيه والتي خرجت إثر انقسامات حادة تتطلب عودتها جرأة في تقييم الوضع الهيكلي والتنظيمي وايجاد الارضية الادنى حول البرنامج المشترك بما لا يشكك في مصداقية هذا التحالف. ويخلص الخرايفي الى أن الاحزاب السياسية العازمة على تكوين جبهة جديدة عليها أولا إعادة قراءة تطور المشهد السياسي وادراك ان الجبهات تبنى على برامج وأرضية فكرية سياسية مشتركة وعلى تأجيل المختلف فيه والنأي عن الخلافات الشخصية والتباغض.