انتشرت في ليبيا صور صادمة أعادت إلى الأذهان صورة وقصة الطفل السوري «إيلان كردي» الذي غرق في البحر أثناء رحلة هروب من الحرب في سوريا، واختزلت المخاطر التي يخوضها الأطفال وأسرهم هربا من الفقر وسفك الدماء وبحثا عن حياة أفضل في أوروبا. طرابلس (وكالات) هذه الصور هي لجثث أطفال رضع التقطت من سواحل ليبيا خلال عملية انتشالهم نهاية الأسبوع الماضي، بعد أن قذفتهم أمواج البحر إلى الشاطئ إثر غرق المركب الذي كان يقلهم مع عائلاتهم، في رحلة غير شرعية إلى أوروبا وفق ما اوردته قناة العربية أمس. ويظهر في الصور الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم سنة واحدة وهم بين ذراعي عمال الإنقاذ كأنهم نائمون، وأيديهم الصغيرة تتدلى في الهواء بينما تتلألا أشعة الشمس على أجسادهم البريئة بلا حراك، في مشهد مؤلم ودرامي اهتزت له المشاعر وأثار حزن كل من رآه. وفي وقت يتصارع فيه السياسيون للتوصل إلى اتفاق حول سبل التعامل مع أسوأ موجة هجرة يشهدها البحر الأبيض المتوسط، تتكرر قصة الطفل السوري "إيلان" يوميا على سواحل ليبيا، أين انطفأت شمعة حياة العشرات من الأطفال على الشواطئ أو في قاع البحر بينما لا يزال مصير عدد كبير من المهاجرين الذين غرقت المراكب التي تقلهم خلال الأيام الماضية مجهولا، من بينهم عدد كبير من الأطفال الصغار. ورغم حملات المراقبة المكثفة التي تقوم بها الدول الأوروبية على طرق العبور في البحر الأبيض المتوسط، تزايدت رحلات الهجرة غير الشرعية في الفترة الأخيرة من سواحل ليبيا، قضى بسببها حوالي 180 مهاجرا من الرجال والنساء والأطفال غرقا في البحر، استغل مهربو البشر حاجتهم للفرار من المجاعات والفقر والحروب لتسفيرهم في قوارب متهالكة، غرق أغلبها على بعد أميال من السواحل الليبية، لتنهي بفاجعة تختصر مأساة الباحثين عن حياة أكثر أمنا في أوروبا. وأكّدت أمس تقارير ليبية ان نحو 180 شخصًا لقوا حتفهم أو اعتبروا في عداد المفقودين إثر غرق ثلاثة مراكب خلال خمسة أيام في البحر الأبيض المتوسط، مع تسارع وتيرة مغادرة مهاجرين، بعد اتفاق أوروبي لردع عمليات عبور مماثلة. والثلاثاء الماضي، غرق زورق آخر ليعيد إلى الأذهان مأساة الهجرة غير الشرعية، فيما لقي سبعة أشخاص مصرعهم، بينهم طفلان، وتم إنقاذ 123 آخرين بعد غرق قاربهم ليس بعيدا عن الساحل الليبي. وأكّد قبطان سفينة تابعة للبحرية الليبية هو رامي غميض عدم التمكن من انتشال جثث خمسة مهاجرين لقوا حتفهم لدى وصول طاقم الإنقاذ، مشيرًا إلى العثور على طفلين فارقا الحياة على متن القارب دون تقديم مزيد من التفاصيل. وكان الناطق باسم البحرية الليبية العميد أيوب قاسم أعلن اول امس الثلاثاء إنقاذ 41 مهاجرا غير شرعي واعتبار 63 آخرين في عداد المفقودين إثر غرق زورق مطاطي كان يقلهم قبالة سواحل بلاده. وقال إن 41 مهاجرًا نجوا من الموت لأنهم كانوا يرتدون سترات نجاة وتم إنقاذهم. وبحسب إفادات الناجين، كان هناك 104 أشخاص على متن الزورق الذي غرق قبالة سواحل القره بوللي على مسافة نحو 50 كلم شرق طرابلس. رأي خبير لخضر حمادي، المحلل السياسي الليبي: "أزمة المهاجرين تحوّلت بالفعل إلى كارثة، فمعسكرات الاحتجاز داخل ليبيا شاهدة على أزمة إنسانية كبيرة، حتى أنها تطورت لمرحلة اتخاذهم كرهائن، وأحياناً بيعهم كعبيد وخصوصاً الأفارقة - داخل بعض المناطق، لكن هذه التجارة لم ترق إلى مستوى الظاهرة، كما يدعي الأوروبيون".