يبدو طلب راشد الغنوشي من رئيس الحكومة يوسف الشاهد عدم الترشح للاستحقاقات القادمة ودعوته الى إجراء تحوير وزاري. هي شروط النهضة لضمان بقائه في الحكم. فهل بتجاهل الطلب وتأجيل حسم الدعوة بداية خروج الشاهد عن طوق الغنوشي؟ تونس الشروق: وبعد انقطاع حبل الوصل بين الشاهد وحزبه نداء تونس وانفضاض جل الداعمين للحكومة عدا حركة النهضة يؤكد كثيرون أن التوصيف السياسي يجعل حكومة الشاهد تحولت الى حكومة النهضة حيث تأتمر بأوامرها وبتوجهات «شيخ مونبليزير». واستند هذا التوصيف الى اقتصار الشاهد بإعلام النهضة دون سواها بمسألة اقتراح وزير الداخلية الجديد حتى أن بعض القراءات السياسية ذهبت الى الإقرار بأن رئيس الحكومة عرض على النهضة عددا من الأسماء لسد الشغور الذي تركته إقالة لطفي براهم، ليتوافق الشاهد معها على اسم هشام الفوراتي في ما بعد. ولعلّ الحديث عن سند سياسي قوي من النهضة للشاهد دون افتراض شروط لهذا الدعم كان سببا في غموض ملامح الصورة الى حين صدور موقفين لحركة النهضة، الأول بتاريخ 16جويلية الماضي حيث جدد المكتب السياسي لحركة النهضة دعوة رئيسها للشاهد بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية في 2019 والثاني بتاريخ 28 جويلية حيث دعا رئيس الحركة الشاهد ضمنيا الى التعجيل بإجراء تحوير وزاري قائلا:» أعتقد أن رئيس الحكومة سيجري تغييرا في 5 أو 6 وزارات بعد استشارة رئيس الدولة». وفي المقابل واجه رئيس الحكومة طلب عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية بالتجاهل الكلي. واكتفى ببعض الإشارات حمالة المعاني في العديد من التصريحات التي يؤكد من خلالها أنه غير معني سوى بالأجندا الوطنية، بينما تعامل مع دعوة التحوير بمنطق إرجاع الكرة الى ملعب الخصوم. حيث تعلل بالتجاذبات السياسية التي عطلت المسألة. فهل خرج الشاهد من طوق الغنوشي؟ الإجابة عن هذا التساؤل تحمل جانبين جانب تقني وآخرسياسي. فمن الناحية التقنية يعد طلب راشد الغنوشي من رئيس الحكومة إعلان عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة طلبا مخالفا للفقرة الأولى من الفصل ال73 من الدستور التونسي كما يؤكد الناشط السياسي والنائب المؤسس رابح الخرايفي. وأوضح الخرايفي أنه كذلك يصادر حق الترشح المضمون لكل تونسي وتونسية. وهذا من المفروض أن لا يصدر عن عاقل وعن رئيس حزب يعمل في اطار الضوابط الدستورية ومن المفترض أن يدعو الى إيقاف كل من يخرقه أما أن يبادر هو بخرق الدستور فإن هذا لا يقبل منه أو من غيره مضيفا أن طلبه إجراء تحوير وزاري هو الآخر ضد أصول العمل السياسي والدستوري. فتغيير الحكومة له أساليبه. حيث كان على كتلته في البرلمان أن تدعو رئيس الحكومة الى المجلس وتسحب الثقة من عدد من الوزراء وتقدم في ذات الجلسة قائمة الوزراء الذين سيتم تعويضهم عوضا عن دعوة تندرج في باب الشعوذة السياسية في رأيه. أما من الناحية السياسية فإن رفض رئيس الحكومة أو صمته أو تجاهله لهذه الدعوة ينم عن دهاء سياسي كما يبين الخرايفي انطلاقا من أن عدم الاستجابة للطلبات لا تترتب عنها آثار قانونية أو سياسية. وإن النهضة والغنوشي في وضع محرج إن قدموا لائحة لوم ضد الشاهد أو انقلبوا عليه مستقبلا لأنه لا توجد أسباب سياسية جدية لفعل ذلك. كما يرى الخرايفي أن إجراء أي تحوير الآن يستدعي ضمان التصويت على هذه الأسماء الجديدة ، وفي ذلك احتمالات مفتوحة على المجهول هذا إذا ما عقد البرلمان دورة استثنائية وكل ذلك يهيئ الظروف لتوتر في العلاقات بين الشاهد والنهضة لاسيما أن الشاهد يريد أن ينزع عنه الجبة النهضوية إقناعا للرأي العام. وتقترب النهضة من الانتخابات الرئاسية برأي أغلبي داخلها متمسك بأن يكون مرشحها من أبناء الحركة. ويرى الخرايفي أن الشاهد مدرك جيدا أن أسباب تمسك النهضة بحكومته ليس إيمانا منها بنجاحها واقتناعا به وبفريقه الحكومي وإنما في رأيه لسبب عدم تقديم رئيس الجمهورية خلال مفاوضات قرطاج اسم رئيس الحكومة الذي سيخلفه لتغتنم النهضة الفرصة في إفادة قواعدها بأنها تحكم وليس كما يروج بأنها في مسايرة تامة للباجي قائد السبسي. وفي المحصلة إن أفلت الشاهد من «كماشة» اتحاد الشغل وحزبه نداء تونس ورئيس الجمهورية بفضل إنقاذ النهضة فإن الأيام القادمة تفتح على سيناريوهات محتملة في العلاقة بين الشاهد والحركة لاسيما أن الشاهد تعهد بالتحوير الوزاري منذ أواخر ماي الماضي.