مكتب الشروق – نابل: كان جمهور مهرجان الحمامات الدولي في دورته الرابعة والخمسين على موعد مع برمجة دسمة وثرية أصرت إدارة المهرجان على أن تلبي جميع الأذواق ومع محاولة الموازنة بين مختلف الفنون من عروض موسيقية إلى السينما والمسرح. وقد واكبت مختلف هذه العروض أعداد غفيرة من الجماهير من أبناء الجهة وعديد الزوار والبعض من جاليتنا بالخارج الذين كان لديهم هامشا كبيرا للاختيار بين 39 عرضا متاحا والذي انطلق يوم 8 جويلية الفارط بعرض مسرحية "خوف" لجليلة بكار وسيكونون على موعد يوم 18 أوت مع اختتام المهرجان بعرض موسيقى لغالية بن علي. ومن أكثر العروض التي شدت اليها الجمهور هما عرضا الفنانتان "فايا يونان" من سوريا والفنانة اللبنانية "جاهدة وهبة". فايا صاحبة الوجه الملائكي صعدت على الركح بلباسها الأبيض الطويل، حاملة المشموم التونسي، وقد رافق دخولها تصفيق وتهليل الجمهور الحاضر بكثافة، الذي كان ينتظر بشوق سماع صوتها القوي المفعم بالحيوية والإحساس. غنت فايا العديد من الوصلات الجميلة على غرار "اسهر بعد اسهر" و"شبابيك" و"في الطريق اليك".تميز فايا يونان وإحساسها تسللا إلى وجدان الجمهور طوال العرض ليرسخ اسمها في قلوبهم فرموها بالورد والمشموم وأطلقت الزغاريد وكلمات الحب، لترد عليهم بعبارات راقية واصفة حبها لهم بالعاصفة. جاهدة وهبه أو "ديفا الشرق" كما لقبتها الصحافة العربية والغربية والمجاهدة في سبيل الفن الأصيل كما قال عنها الكبير وديع الصافي استهلت عرضها بمقطوعة لفيروز "سكن الليل" تنفس خلالها الجمهور جرعة من فن الزمن الجميل بصوت هز وجدان كل الحاضرين وأكد أنها استثنائية صوتا واختيارا. ثم انطلقت جاهدة في التغني بحب تونس قائلة "كيف نشفى من حب تونس... أحبك يا تونس... أحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد"، فكانت المفاجأة بتلحينها لأغنية تحمل كلمات النشيد الوطني التونسي لأبي القاسم الشابي اذا الشعب يوما أراد الحياة أهدتها لشهداء تونس. «يا زهرة في خيالي»، «كنت سأنجب منك قبيلة»، «يا ريت»، «يا حبيبي» تعالى ، أغان لشعراء وكتاب كبار أمثال أحلام مستغانمي وطلال حيدر ومحمود درويش، حركت بهم جنبات المسرح، فلم تتوقف طيلة العرض عن الغزل والإبحار في الرومانسية. فتمكنها من أصول الموسيقى إلى جانب صوتها القوي جعلاها تتجاوز موهبتها وكل الحدود، لتغرق مستمعيها بعوالم من المتعة والرقي، وهو ما تجلى في مقطوعة يا طير الحمام. كما وقف الجمهور لقوة صوتها من خلال تأدية "انت عمري" لكوكب الشرق أم كلثوم.
