تونس الشروق: أثار تصريح الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي حول تحركات السفراء الاجانب في بلادنا « دون إذن ودون رقيب» جدلا لدى الملاحظين وهو ما يطرح تساؤلات حول هذا الملف. دعا مؤخرا امين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي من وصفهم ب»صناع القرار في تونس» إلى ضرورة الانتباه لما قد يلحق بالسيادة الوطنية وبالقرار الوطني وبالتالي بهيبة الدولة من اضرار جراء تحركات بعض ممثلي البعثات الديبلوماسية في تونس الذين قد لا يحترمون تقاليد وضوابط العمل الديبلوماسي. ليست المرة الاولى التي يواجه فيها ممثلو البعثات الديبلوماسية في تونس مثل هذه التهمة وخاصة بعد 2011. حيث يرى الملاحظون والمتابعون ان بعض الدول الاجنبية تحاول احيانا استغلال ما تعرضت له الدولة بعد 2011 من هشاشة وضعف لخدمة بعض مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية واجنداتها المختلفة وربما لتصفية حسابات مع دول اخرى.. وقد لحقت هذه التهمة على حد سواء ببعض الدول العربية والغربية واصبحت عديد الاحزاب والشخصيات السياسية والناشطين الحقوقيين وناشطي المجتمع المدني في مواجهة تهمة الاصطفاف وراء هذا الطرف الاجنبي او ذاك لخدمة مصالح اجنبية. وهي التهمة نفسها التي لحقت ببعض المسؤولين المتداولين على السلطة بالقول انهم يسهلون المصالح الاقتصادية والمالية واحيانا العسكرية لبعض الدول الاجنبية انطلاقا من التراب الوطني ويخضعون لبعض املاءاتهم وما قد يترتب عن ذلك من مساس باستقلالية القرار الوطني. نفي تنفي الحكومة التونسية باستمرار تدخل اطراف اجنبية في استقلالية وسيادة قرارها الوطني، وهو ما تذكره رئاسة الحكومة باستمرار واكده وزير الخارجية خميس الجهيناوي اكثر من مرة. كما ينفي ممثلو البعثات الديبلوماسية في تصريحاتهم ولقاءاتهم الاعلامية المختلفة أي تدخل في الشان الداخلي التونسي ويرفضون ابداء الراي في ما يحصل من تطورات سياسية داخلية او في الخيارات الوطنية. وعلى الصعيد القانوني يخضع ممثلو البعثات الديبلوماسية في شتى انحاء العالم بما في ذلك تونس الى اتفاقية فيانا لسنة 1961 التي تضبط «الإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول وتبين الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية» مثلما ورد بمطلعها. وتعتبر هذه الاتفاقية ان الهدف من العلاقات الديبلوماسية هو المساعدة على تحسين علاقات الصداقة بين البلدان مع التاكيد على احترام استقلالية وسيادة الدول. والى جانب هذه الاتفاقيات الدولية تنظم الدساتير والقوانين الداخلية مسالة التمثيل الديبلوماسي. احتياطات الحكومة وكانت رئاسة الحكومة قد أصدرت في جانفي 2017 منشورا (انظر المؤطر المرافق) حددت فيه عديد ضوابط عمل ممثلي البعثات الديبلوماسية في تونس. وبالنظر الى كل ذلك فانه لا يمكن من الناحية النظرية حصول تجاوزات في هذا المجال. لكن هذه الاحتياطات لا يجب ان تحجب في راي المختصين والملاحظين حصول بعض التجاوزات في حق استقلالية وسيادة القرار الوطني ببعض الدول. ففي تونس يتحدث الملاحظون عما يحصل بين الحين والآخر من ضغوطات من بعض الدول عبر ممثليها الديبلوماسيين من اجل ان تتخذ تونس مواقف معينة من دولة او من دول اخرى او محاولة التدخل في الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية او في عمل بعض الاحزاب او في الاعمال الجمعياتية والخيرية في مختلف انحاء البلاد عبر ممارسة الضغوطات المالية والاقتصادية ( القروض – المساعدات – الهبات). يقظة هذه الاحتياطات تبقى في رايهم في حاجة الى اكثر تفعيل على ارض الواقع مع ضرورة المتابعة واليقظة المستمرة من الدولة لتفادي حصول انزلاقات وتجاوزات، على غرار تكثيف المراقبة والصرامة في تطبيق القانون تجاه المخالفين وهو ما دعا إليه أمين عام اتحاد الشغل مؤخرا. كما يرى اصحاب هذا الراي ان ممثلي البعثات الديبلوماسية مطالبون بدورهم بالتقيد باخلاقيات ونواميس وقوانين التمثيل الديبلوماسي وتجنب التحركات المشبوهة او المثيرة تفاديا لكل الشبهات وتفاديا لاثارة الراي العام ولتجنب التاثير السلبي على العلاقات الديبلوماسية المحترمة بين تونس ودولهم منذ عشرات السنين. بعض ما ورد في اتفاقية فيانا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961 مادة 3: تشمل أعمال البعثة الدبلوماسية ما يأتي: تمثيل الدولة المعتمدة لدى الدولة المعتمد لديها. حماية مصالح الدولة المعتمدة وكذلك مصالح رعاياها لدى الدولة المعتمد لديها في الحدود المقررة في القانون الدولي. التفاوض مع حكومة الدولة المعتمد لديها. التعرف بكل الوسائل المشروعة على ظروف وتطور الأحداث في الدولة المعتمد لديها وعمل التقارير عن ذلك لحكومة الدول المعتمدة. تهيئة علاقات الصداقة وتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولة المعتمدة والدولة المعتمد لديها. مادة 9 : للدولة المعتمد لديها في أي وقت وبدون ذكر الأسباب أن تبلغ الدولة المعتمدة أن رئيس أو أي عضو من طاقم بعثتها الدبلوماسي أصبح شخصا غير مقبول أو أن أي عضو من طاقم بعثتها (من غير الدبلوماسيين) أصبح غير مرغوب فيه، وعلى الدولة المعتمدة أن تستدعي الشخص المعني أو تنهي أعماله لدى البعثة وفقا للظروف.. أبرز ما ورد في منشور رئاسة الحكومة في جانفي 2017 دعوة الوزراء وكتاب الدولة والموظفين العموميين إلى ضرورة الانضباط والالتزام بالقواعد المنظمة للعلاقات الخارجية التونسية وإخضاع الاتصالات والمقابلات بالأجانب إلى ضرورة التنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية والإعلام المسبق. دعوة الديبلوماسيين الاجانب وممثلي المنظمات الدولية ممثل المرور وجوبا عبر القنوات الدبلوماسية (وزارة الخارجية) عند الرغبة في إجراء مقابلة مع أي مسؤول عمومي تونسي مهما كانت رتبته، ولا يُسمح بأي لقاء خارج ذلك الإطار. وجوب اعلام وزارة الخارجية بصفة حصرية بالنسبة إلى تنقلات ممثلي البعثات والمنظمات الأجنبية أو دعوتهم لتونسيين في حفلاتهم و تظاهراتهم، وعدم قبول التونسيين للدعوات إلا بعد إعلام ذات الوزارة. وجوب مرور المراسلات الصادرة والواردة المتعلقة بالمقابلات بين الرسميين التونسيين وممثلي السفارات أو المنظمات حتميا عبر مصالح وزارة الخارجية ايضا. ضرورة اعلام رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية بأي زيارة لأي وفد أجنبي للبلاد مع إرفاق الإعلام بتقرير مفصل.