بلغت المنافسة أشدها في الفترة الأخيرة بين القنوات التلفزية الخاصة، طبعا، لأن المرفق العمومي، خير منذ سنوات، أن يأخذ مكان المتفرج، ويحيد عن مساره الأصلي وواجبه المهني، ليقدم اللاشيء ويغرد حتى خارج سرب الأحداث. المنافسة المتحدث عنها، تخص البرمجة الشتوية التي انطلقت هذا الأسبوع على القنوات المتنافسة على كعكة الإشهار، وهي الحوار التونسي والتاسعة، وبأقل درجة نسمة، لأن الأخيرة مركزة اهتمامها على الدراما التركية، وما كان منها لدخول السباق على الإشهار إلا أن تقوم بإيقاف بث مسلسل «الريح في البريمة»، دون سابق إعلام للمشاهد، وتعويضه بمسلسل جديد «الحب إلي كواني»، مع إعادة بث المسلسل الذي سبق وأن حطم أرقاما قياسية في نسب المشاهدة «قطوسة الرماد». أما قناة التاسعة فاستغلت فرصة التفويت في شركة «كاكتوس»، لتنهم منها برامجها التي لا تسمن ولا تغني من جوع، على غرار «لاباس» و»عندي مانقلك» وكأن الأفكار والتصورات انعدمت، ولم يبق أيضا في الساحة غير المنشطين المعروفين، فهذه القناة بعد أن حصدت نسب مشاهدة كبيرة في رمضان الفارط، رأى مسؤولوها أنهم قادرون على المنافسة بجدية، بل وإن أمكن سحق قناة الحوار التونسي، التي ظلت في المرتبة الأولى لسنوات سواء على مستوى نسب المشاهدة أو عدد الومضات الإشهارية. لكن المسألة لا تقيم ولا تقاس بهذه الطريقة، ولو كان الأمر كذلك لما عرف برنامج «ليميسيون» على قناة التاسعة» أو برنامج لطفي العبدلي، نسب مشاهدة هامة، المهم أن هذه المنافسة بين القناتين تبدو غير نزيهة بالمرة، وحتى أدوات التنافس ونقصد البرامج، هي أكبر مدمر للمجتمع التونسي في السنوات الأخيرة، أليس أحد هذه البرامج، هو نفسه عينه وإياه من يستضيف منال عمارة ونجلاء التونسية ومصطفى الدلاجي أكثر من ثلاث مرات في الموسم، حتى أن هناك من علق على هذه الأسماء وقال إنه يراها أكثر من منشط البرنامج في برنامجه؟... أليست نفس الوجوه التي لا علاقة لها أصلا بالثقافة والتثقيف، هي التي تطل علينا كل أسبوع في القناتين المتنافستين، نفس الوجوه من النساء تتنافس على التقصير في الملابس أكثر ما يمكن فوق الركبة، ونفس الوجوه من الرجال يتسابقون في «الغشة» أحيانا حتى مع المنشط... إنه السباق نحو إفساد الذوق العام.