كشف وزير العلاقات مع البرلمان الجزائري، بدة محجوب، أن حكومته تُعاين الوضع داخل المؤسسة التشريعية، ولا تتدخل في علاقة نوابها مع رئيسهم، عقب اتهامات خطيرة تُلاحق الحكومة ومنها سعيها لتفخيخ البرلمان. الجزائر (الشروق): من مراسلنا الطاهر إبراهيم وأعرب الوزير بدة مجوب، وهو قيادي في الحزب الحاكم، عن أمنياته في أن تشهد الأزمة في مجلس النواب الجزائري، انفراجًا يُجنب تعطيل العمل البرلماني وعرض مشاريع القوانين من طرف الحكومة، ومنها قانون المالية 2019. ويتخوف متابعون من أن تؤدي الأزمة الحالية إلى حل البرلمان، وبالتالي توجيه الأنظار إلى موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في أفريل المقبل. وفي تطورات سريعة داخل البرلمان الجزائري، قرر 8 أعضاء في مكتب المجلس الشعبي الوطني و11 رئيس لجنة ينتمون إلى الأغلبية، تجميد نشاطهم بهدف إحكام الحصار على رئيس الهيئة السعيد بوحجة، في مؤشر واضح على أن الصراع قد بلغ خط عدم الرجعة بين الطرفين. وأعلن نواب الرئيس المنتمون إلى حزب جبهة التحرير الوطني وهم 4، وممثلو التجمع الوطني الديمقراطي ال3 وممثل كتلة الأحرار في المكتب و11 رئيس لجنة برلمانية تتبع للموالاة أيضا، في بيان مشترك، رفضهم العمل مع رئيس المجلس وتجميد أشغال المكتب تنفيذا لقرار سحب الثقة الذي أعلنته كتل الموالاة الأحد الماضي. وجدد ممثلو الموالاة دعوتهم لرئيس المجلس لتقديم استقالته فورا من رئاسة الهيئة، كما أصدر أعضاء المكتب بيانا مستقلا يدعون فيه بوحجة للتنحي. ويعد مكتب المجلس أعلى هيئة في المؤسسة التشريعية، ويتولى مهام عدة منها «تنظيم سير جلسات المجلس، ضبط جدول أعمال الجلسات ومواعيد عقدها باستشارة الحكومة». ويعني القرار المتخذ من مسؤولي الهياكل شل نشاط المجلس كليا، باستثناء المهمات الخارجية، حيث لم يمانع ممثلو الموالاة من الاستفادة منها، ويوجد حاليا أعضاء منهم في نشاطات خارجية. ولم يصدر أي فعل رسمي من الرئاسة الجزائرية بخصوص هذه القضية، ومن المتوقع أن لا يتأخر ذلك، بسبب الوضع غير المسبوق الذي تشهده البلد والمجلس يجهز نفسه للنظر لأهم النصوص: قانون المالية. وقال رئيس المجلس، السعيد بوحجة، إنه لايزال عند موقفه بخصوص مستقبله السياسي، حيث جدد عزمه على الاستمرار في منصبه، محتميا بالأحكام الدستورية وعدم تلقيه اتصالا من الجهة التي عينته وهي رئاسة الدولة. من جهتها أعربت حركة مجتمع السلم المعارضة في البرلمان الجزائري، عن امتعاضها من الأوضاع التي وصلت إليها مؤسسات الدولة الجزائرية وآخرها أزمة المجلس الشعبي الوطني. وأفادت الحركة التي تستحوذ على أكبر كتلة برلمانية معارضة، أنها تعتبر أن سبب هذه الأوضاع المزرية التي تعرفها مختلف مؤسسات ومصالح الدولة هو اهتزاز الشرعية وفقدان المصداقية وغياب الحس الوطني وعدم تقدير المصلحة العليا للشعب الجزائري بسبب التزوير المستدام الذي وضع مؤسسات الدولة في أياد غير آمنة». وقالت إن ذلك «أنهى أي فرصة للرقابة على الشأن العام وسمح لتجذر نظام خفي مواز للمؤسسات يسيّر الدولة بالتعليمات الهاتفية والشفوية، ويعتمد على شراء الذمم وشبكات الانتهازية، والتشاركية في النهب، وعلى التخويف والترهيب والعقاب خارج الأطر القانونية باستعمال القانون ظلما وتعسفا». ويعتقد المحلل السياسي والأكاديمي الجزائري، سمير دريسي، أن العهدة التشريعية الحالية قد وصلت إلى نهايتها. وقال دريسي إن السعيد بوحجة، رئيس المجلس الشعبي الوطني، أمام سيناريوهات عديدة ومنها: «الاتزام والتمسك بقوانين الجمهورية الناظمة لمؤسسات الدولة الدستورية، تحريك دعوى ضد العابثين لاستقرار مؤسسات دستورية والمزورين لتواقيع زملائهم، مراسلة الأمين العام لحزب جبهة التحرير لتوضيح موقفه وتحميله مسؤولية الموقف، والدعوة إلى اجتماع طارئ للجنة المركزية مع المكتب الوطني، وتحميلها المسؤولية الحزبية، ودعوة الكتل الحزبية لاتخاذ موقف قانوني إزاء تجميد العمل للجان المجلس (آليات تغيير رؤساء اللجان الرافضين للعمل)». وتوقع سمير دريسي وجود رغبة ل»تجميد عمل المجلس بسبب الانسداد وبالتالي الذهاب إلى الغرفة الثانية، وتفعيل أدواره لمرحلة خطة طريق 2019 المتعلقة بالانتخابات الرئاسية وإمكانية ترشح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة».