احتضنت قاعة صوفي القلي صباح أمس الجمعة منبر حوار حول دور المبدع التونسي في الخارج في نشر صورة تونس في العالم ضمن أيام الإبداع المهجري تونس - الشروق بحضور قنصل تونس في باريس نوفل الزيادي ومدير المركز الاجتماعي والثقافي بباريس فتحي الهويملي انتظم صباح أمس منبر حوار شارك فيه عدد من المبدعين التونسيين منهم لطفي بوشناق والشاعر كمال بوعجيلة والمطربة منيرة حمدي والمسرحي الأسعد بن عبدالله والشاعر كمال بوعجيلة والمسرحي حسام الساحلي والفنانة عبير النصراوي والسينمائي الناصر القطاري والمسرحي جمال العروي والإعلامي طارق مامي وغيرهم. الاستراتيجية الغائبة تحدث الفنان لطفي بوشناق بمرارة عن الوضع الثقافي في البلاد وأشار الى أنه ليس من المعقول أن يتداول على وزارة الثقافة ستة وزراء في سبع سنوات وأكد أن هذا من بين أسباب غياب الاستراتيجية الثقافية كما ذكر أن تونس بلاد تقتل أبناءها في الحياة ومن بين المعلومات الغريبة التي قدمها بوشناق قوله أنه يدفع 17 بالمائة عن كل حفل يقدمه خارج البلاد كما لم يحصل على أي مليم عن حقوق التأليف طيلة مسيرته الفنية ولم يقدم الى حد اليوم أي ملف للدعم ولَم يطلب من أي مهرجان تونسي برمجته ولا عربي ولخّص بوشناق الوضع الثقافي في تونس بأنه مصاب بداء قتل "المعلم " وهو سر انتشار ثقافة البؤس والرداءة و"البوز" عوضا عن ثقافة الإبداع وأشار بوشناق الى أنه يحمل أربع جنسيات منحت له لكنه لا يتنقل إلا بهويته التونسية كما يستطيع ان يترك الأموال التي يحصل عليها مقابل حفلاته في العالم في بنوك أجنبية لكنه يفضّل أن يعود بأمواله الى تونس التي يدفع لها ٪17 كضريبة رغم أن الدولة في المقابل لم تقدّم له أي شيء واعتبر الفنان لطفي بوشناق بأن الوضع لا يبعث على التفاؤل بالمرة على جميع المستويات وفي غياب الاستراتيجية الثقافية أشار الأسعد بن عبدالله الى أن تونس لم تعرف استراتيجية ثقافية واضحة منذ الستينات مع الشاذلي القليبي وحان الوقت أن نشخص الوضع ونحدد ماذا نريد من هذه المهرجانات مثلا والتي تتالى كل يوم موضّحا أنه لابدمن تحديد الاولويات الثقافية قبل الحديث عن صورة تونس ودور الفنان فتشخيص الحالة هو الخطوة الاولى لتحديد الاستراتيجية الثقافية وفي ذات السياق قال الشاعر والناقد محمد الهاشمي بلوزة بأنه لا وجود لسياسة ثقافية في تونس باستثناء محاولة الأستاذ البشير بن سلامة الذي لم تطل فترته. والمطلوب اليوم مراجعة الوضع الثقافي وتحديد الاولويات أما السينمائي الناصر القطاري فقال أن الإرادة السياسية غائبة وعندما تتوفر الإرادة السياسية ستنتهي كل المشاكل وقدم مثالا عن فشله في الحصول على منحة لدبلجة شريط وثائقي عن تاريخ تونس من البونية الى الجمهورية. المركز الثقافي بباريس الحلم أكدت الفنانة عبير النصراوي أن المطلب الآساسي للمبدعين التونسيين هو بعث مركز ثقافي تونسي في باريس باعتبارها أكبر مدينة يعيش فيها المبدعين التونسيين على أن يتم بعث مراكز أخرى في المدن التي تتواجد فيها الجالية التونسية وساند الشاعر كمال بوعجيلة هذا المطلب وتساءل عن سر رفض الحكومات بعث هذا المركز الحلم الذي يمكن أن يكون واجهة للثقافة التونسية وهو نفس مطلب الإعلامي طارق مامي الذي ذكر بسعي المبدعين التونسيين منذ الثمانينات لتأسيس هذا المركز لكن كل المحاولات لم تلق أي إستجابة من الحكومات المتعاقبة وهو صمت غريب لا مبرر له. وفي ذات السياق قال فتحي الهويملي مدير المركز الاجتماعي والثقافي بباريس بأن المطلوب اليوم تأسيس شبكة للمبدعين التونسيين في الخارج وأشار الى أنه يحاول منذ توليه إدارة المركز فتح الباب للمبدعين بعد أن وجده مقفرا واعتبر أن هذا المهرجان للمبدعين في الخارج مكسب كبير لابد من تطويره مؤكدا على أن تونس تزخر للأسف بهواة إحباط العزائم وقدّم الهويملي صرخة فزع معلنا أن تونس في خطر مطالبا المبدعين بالالتفاف حول مشروع ثقافي حقيقي يكون جسرا نحو العالم. المهرجانات وتهميش الفنان قال المسرحي حسام الساحلي أن مهرجان الإبداع المهجري يطرح سؤالا كبيرا حول جدوى تتالي المهرجانات مفضلا اختيار موعد آخر للمهرجان أما المسرحي جمال العروي والمطربة منيرة حمدي فقد تحدثا عن الوضع البائس للفنان التونسي الذي يعاني من التهميش والإحباط وحتى مستحاقته لا يحصل عليها إلا بعد عذاب كبير ومطالب كأن الفنان متسول فضلا عن غياب التغطية الصحية والاجتماعية. الجمهورية في خطر اعتبر القنصل نوفل الزيادي أن الجمهورية اليوم في خطر والمبدعون التونسيون هم العامود الفقري لهذه المعركة مع أعداء الجمهورية الذين يستهدفون أسس النمط الاجتماعي التونسي وهذا المهرجان هو خطوة أولى في بناء استراتيجية تشارك فيها كل الجهات المتدخلة مثل وزارة السياحة والخطوط الجوية وديوان التونسيين بالخارج ووزارة الخارجية وترعاها وزارة الثقافة معتبرا أن المشكل في تونس ليس مشكل إمكانيات بل مشكلة تنسيق وتحديد الاولويات وهذا ما ينقصنا اليوم وأشار القنصل الزيادي الى هذا للمهرجان الذي ينتظم بين وزارتين هو خطوة أولى لابد من تثمينها ودعمها. وفي كلمة الاختتام اعتبر الشاعر محمد أحمد القابسي مدير الدورة بأن هذه الدورة هي خطوة واجتهاد وقد يكون فيها الكثير من النقائص مثل أي جهد إنساني لكن لابد أن نكون إيجابيين فهذه الدورة الاولى واكبها جمهور كبير في أغلب العروض واللقاءات الثقافية ومنابر الحوار لكن يبقى العائق الكبير هو الإمكانيات المالية المتواضعة وغياب المستشهرين ولكن هذه الدورة هي خطوة في طريق طويل وكل بداية فيها صعوبات لكن المهم أن وزارة الشؤون الاجتماعية أصبحت من أولوياتها الشأن الثقافي أيضا وهذا مكسب للمبدعين التونسيين في تونس والخارج.