تونس الشروق: كانت الساعة تشير إلى الثالثة والنصف بعد الزوال لما تجمع مئات التونسيين أمام الركح الذي تمت تهيئته بشارع الحبيب بورقيبة، تقريبا قبالة المسرح البلدي بالعاصمة، أفواج تجمعت لتستمتع بالموسيقى التراثية التونسية أمنتها مجموعة «قو قو جرجيس»، لتقدم في نصف ساعة تقريبا باقة من أجمل تراثنا الموسيقي القادم من الجنوب.. كان هذا العرض فاتحة الاحتفالات التي أعلنت للجمهور العريض عن انطلاق فعاليات الدورة 20 لأيام قرطاج المسرحية. ومع نهاية العرض سرعان ما تفرق الجمهور الذي تابع العرض الموسيقي وقوفا، بيد أنك، لن تنتظر طويلا، بمجرد أن تنظر إلى الأسيجة الحديدية التي أحاطت بواجهة المسرح البلدي، أين انتصبت «بيت شعر» على يمين واجهة المسرح وبئر أمامه مباشرة، وبدأ الجمهور يتوافد مجموعة تلو الأخرى لاكتشاف هذا الديكور الذي لم يكن إلا بعضا من ديكور ملحمة «خضراء للمخرج المسرحي حافظ خليفة وشعر حاتم الغرياني ورضا بن منصور، مع مساهمة غنائية بصوت الفنان القدير لطفي بوشناق... ملحمة حقيقية، جمعت مجموعة من خيرة الممثلين التونسيين، على غرار صالح الجدي الذي أدى باقتدار شخصية الكاتب الكبير امحمد المرزوقي، الذي استلهم العمل مما كتبه عن السيرة الهلالية وكذلك من رواية الجازية الهلالية، وعلى غرار دليلة مفتاحي وصلاح مصدق وسهام مصدق ونادرة لملوم ونور الدين العياري وليلى الشابي، وكمال العلاوي وعبد اللطيف بوعلاق... و تغطي ملحمة «خضراء» مرحلة تاريخية كبيرة في حياة بني هلال أبطال السيرة الهلالية وتنطلق جذورها في سيرة الزير سالم جدّ الهلالية ثم تمتد لتشمل تغريبة بني هلال وخروجهم إلى تونس ومساهمة قبائل بني هلال، و التي ترجع أصولها إلى قبيلة «المرازيق»، في إثراء النسيج الاجتماعي والثقافي والحضاري، عند استقرارهم بتونس، كما قدم العمل، حياة البادية وما تتخللها من أهازيج وأشعار وصراعات ومعارك وأفراح البدو الهلاليين، بإيقاعتها المختلفة كالزقايري والفزاعي والنخان... ومن جمالية ملحمة «خضراء»، تذهب الأعين إلى العرض الفرجوي لسيرك باباروني بشارع الحبيب بورقيبة مرة أخرى، أين التأم آخر عرض لهذا السيرك والذي أعد خصيصا لافتتاح أيام قرطاج المسرحية، عرض استلهم جماليته وخصوصيته من كونه لا تحلو مشاهدته إلا وقت غياب الشمس أو ليلا تحديدا، لما تضفيه عليه تقنيا الإضاءة من جمالية.. هذه العروض ليست سوى مذاق أونكهة اليوم الأول والافتتاحي في عشرينية أيام قرطاج المسرحية، فمازال شارع بورقيبة سيحتفل بمرور 35 سنة على انبعاث هذا المهرجان، ويشاهد الجمهور أمسيات شعرية وعروض موسيقية لعدد من الفنانين والمجموعات الموسيقية على غرار بدر الدريدي، و»أجراس»، و»ماما أفريكا»، وياسر الجرادي ومحمد بوسلامة، وفرقة البحث الموسيقي، و»زنزانة» ونضال اليحياوي، ومسك الختام سيكون مع الفنانة بديعة بوحريزي.