أكثر من 230 فاعلا اقتصاديا من تونس والجزائر يشاركون في لقاءات مهنية مباشرة    وزيرا الفلاحة والتجارة يأذنان بالشروع في تنفيذ برنامج تخزين زيت الزيتون    المؤسسة المالية الدولية تؤكد مواصلة دعم تونس في مجال الطاقات المتجددة    غدا.. انقطاع التيار الكهربائي في هذه الولاية    وهبي الخزري يعلن اعتزاله كرة القدم    موعد الشروع في ترميم معلم الكنيسة بقابس    كارثة: وفاة فتاة بسبب ''ترند'' خطير على ''تيك توك''    إندونيسيا: حصيلة الفيضانات تتخطى الألف قتيل    جمعية قرى "س و س" تعلم عن حصيلة حملة التبرعات لفائدة أطفال فلسطين..#خبر_عاجل    تونس: بطاقة إيداع بالسجن لشاب قتل خاله دهسًا بسيارته    تبيع منتوج مزيّف للتوانسة؟ عقوبة مالية والسجن في انتظارك!    شنوّ المشكل بين مخابرالتحاليل والكنام؟    الدورة 38 لمهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل من 21 إلى 28 ديسمبر 2025    اليوم: إنطلاق الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية    القصرين: نجاح أوّل عملية زرع قرنية بالمستشفى الجامعي بدر الدين العلوي    فخر الكرة التونسية: الخزري يعتزل بعد 74 مباراة و25 هدفًا للمنتخب الوطني    فيروس الإنفلونزا يضرب المدارس: تعليق الدراسة لجميع المراحل التعليمية في ليبيا    شاكرا تونس.. وهبي الخزري يعلن الاعتزال    الأمم المتحدة تعتمد قرارا يُلزم الاحتلال بعدم تهجير وتجويع أهالي غزّة    فحوى مكالمة هاتفية بين وزير الدفاع ومساعد وزير الحرب الأمريكي..#خبر_عاجل    تجدد القتال بين تايلند وكمبوديا رغم إعلان ترامب وقف إطلاق النار    تحذير عاجل: الضباب قد يصل إلى حدّ انعدام الرؤية ببعض النقاط    الأمطار موجودة: كيفاش بش يكون طقس اليوم؟    الغرفة الوطنية لصانعي المصوغ تدعو الشباب إلى الإقبال على شراء الذهب    طقس اليوم: ضباب صباحا وارتفاع في درجات الحرارة    طالب دكتوراه يتهم جامعة تونس بمنعه من مناقشة أطروحته... والجامعة توضّح الأسباب    إيران تصادر ناقلة نفط أجنبية على متنها 6 ملايين لتر من الديزل المهرب في بحر سلطنة عُمان    ألمانيا.. مصادرة أكثر من 11 ألف ماسة من أحد المسافرين في مطار فرانكفورت    ولاية تونس :جلسة عمل حول الاستعدادات لتنظيم الدورة 14 لمعرض "مدينة تونس للكتاب" من 18ديسمبرالجاري الى 4 جانفي القادم    ماذا قال ترامب عن ظهوره في صور جيفري إبستين؟    البحث عن آفاق جديدة للشراكة التونسية الجزائرية في مختلف المجالات ذات الأولوية محور جلسة عمل بين وزير الفلاحة ونظيره الجزائري    تنديد عربي وإسلامي بهجوم إسرائيل على "الأونروا"    من زاوية أخرى...كثر اللغو واللغط حوله أتركوا نور الدين بن عياد ينام في سلام    احتضنه رواق «قمّودة» بالمعهد العالي للفنون والحرف بسيدي بوزيد ... «بيروسيس»: معرض جديد للفنان التّشكيلي الدّكتور أحمد نصري    في لقاء تكريمي بالمنستير.. محمد مومن يبكي ويرد على وصف الفاضل الجزيري ب "النوفمبري"    انتبهوا.. ضباب كثيف يتسبب في انخفاض مدى الرؤية    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    فيديو - وزير الاقتصاد : الدورة 39 لأيام المؤسسة تركّز على التحوّل التكنولوجي ودعم القطاع الخاص    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    مجموعة رائدة في صناعة مستحضرات التجميل تختار الاستثمار في بوسالم    وزارة البيئة تعلن عن فتح باب الترشحات لتقديم مبادرة فنية رياضية مسرحية ذات الصلة بالبيئة    النوم مع ال Casque: عادة شائعة ومخاطر خفية    فريق كبير ينجح في إستخراج 58 حصوة من كلية مريض    صادم: أجهزة منزلية تهدد صحة الرئتين    الألعاب الأفريقية للشباب – لواندا 2025: تونس ترفع رصيدها إلى 5 ميداليات برونزية    31 ديسمبر 2025: انطلاق موسم تصدير البرتقال المالطي إلى فرنسا    حملة صحية مجانية للتقصي المبكر لسرطان القولون بجهة باردو..    جمعت تبرعات لبناء جامع...تفكيك عصابة تدليس وتحيل وحجز أختام وبطاقات تعريف    كأس القارات للأندية: فلامنغو البرازيلي يواجه بيراميدز المصري في نصف النهائي    3 ميداليات برونزية لتونس في اليوم الثاني لدورة الألعاب الإفريقية للشباب بلوندا    الرابطة الأولى: مستقبل المرسى يتربص بالمنستير.. و3 وديات في البرنامج    قابس: تركيز الشباك الموحد لتوفير مختلف الخدمات لفائدة حجيج الولاية    جدول مباريات اليوم الجمعة في كأس العرب ..التوقيت القنوات الناقلة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    القطاع يستعد لرمضان: إنتاج وفير وخطة لتخزين 20 مليون بيضة    خطبة الجمعة.. أعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك    قبل الصلاة: المسح على الجوارب في البرد الشديد...كل التفاصيل لي يلزمك تعرفها    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن رواية مأزق تشايكوفسكي..كابوس ما بعد المأزق
نشر في الشروق يوم 20 - 02 - 2019

سأظلّ على قناعتي بأنّ الإبداع في جميع مجالاته إن لم يخلخل الثوابت والمسلّمات ولم يطح بالتابو المهيمن تتجاوزه القاطرة ولا يترك أثرا.. ورواية مأزق تشايكوفسكي خلخلت الكثير من الثّوابت الفنيّة والدلاليّة بدءا بالمحاورة الخفيّة والمعلنة بين روح النصّ وعوالم تشايكوفسكي في الموسيقى، في رائعته بحيرة البجع مثلا، وفي تجربته المثليّة التي انتهت به إلى الانتحار.. شوقي البرنوصي ذوّب هذه التراجيديا في نوباته السّاخرة والمتأمّلة في الوجدان والوجود، نوبات المرح والحزن، نوبات الغربة والجنون. ولم يسنح له كلّ ذلك إلا بعمق معرفي وجماليّات واعية . والرّواية هيّ بالأساس معرفة وسحر ولا انفصال بين القطبين المبشّرين بالإدهاش السّردي.
يقول السارد: «صنعت غرفة زجاجيّة بموسيقى تشايكوفسكي، وتوسّطتها، كنت مثل سمك زينة في أكواريوم، يحلم بأفق ما وسط عالم مغلق شفّاف. كلّنا اسماك زينة في هذا العالم، ولا نختلف إلّا في الألوان والأحجام أو في أنواع البلاستيك التي صنعنا منها. ألقتني مكالمات فاطمة المتكرّرة خارجا. ألا يكفيها وضع السيليكون في صدرها، لتحوّل حياتي إلى بلاستيك؟. لن أترك مغامرتي الجديدة تنتهي في مهدها بسببها. لم ينقصني إلّا السيليكون؟؟» (ص 173)
تقنية التداول على السّرد أو تعدّد الأصوات تتيح للقارئ أن يكون ساردا أيضا ومنتجا للكثير من التّفاصيل، تفاصيل الكائن المضطرب عاطفيّا وجنسيّا وتفاصيل الهويّة المقموعة في مجتمع يربّينا منذ الصّغر على الخوف والعنف والعقاب ويدرّبنا على تسلّق مدرّجات الجنة.
هذا التعدّد استطاع أن يخرج النّوازع المثليّة من المختبر العلمي إلى ورشات الحياة في تناقضاتها وخيباتها وانتظاراتها، ورشات تسرد لنا رحلة التشظّي والخيبة ( عنف الأب / كره الأمّ / صورة الأنثى / استبداد المؤسسة / سياقات الحميميّة والانفلات).. وفي اعتقادي فإنّ رحلة القطار كانت الفضاء المناسب لسرد هذه العوالم العجيبة، وهو سرد جرى مجرى الحياة البسيطة التي تنفذ إلينا بيسر وبلا تعقيد هندسي أو لغوي.
طيلة رحلة القطار نحو المنستير في الأصل والمنتهية في الأخير إلى سوسة يفكّك البرنوصي النّوازع المثليّة لدى مروان لا كحالة عارضة وسريعة وإنّما كمحنة عاطفيّة ووجوديّة في علاقتها بالأنا المتأزّمة، وعلاقتها بالآخر الغريب والطّارئ والمستبدّ أيضا (الأب / الأم / فاطمة / المؤسسة الاجتماعيّة) .. الاستبداد لا يرتبط دائما بالسّلطة، وسلطة المجتمع تظلّ من أكبر الزّنازين المفرّخة للقمع. وما اشتغل عليه البرنوصي في روايته هوّ تسريد القمع الذي يواجهه الكائن المثليّ، فعل كلّ ذلك بجرأة ، أو ليست الرّواية الحديثة هيّ فنّ الجرأة؟.
ولغة الرّواية متماهية مع هذه العوالم، لغة ينتزعها البرنوصي من اليوميّ الحيّ ، فهو يلتقط ألفاظه بكشّاف ضوئي تمرّس بالتجارب الروائيّة العالميّة كما خبر عوالم الكائن المثليّ، هكذا أسمّيه في مجتمع لا يرحم سلوكه واختياراته. ولذلك استطاعت الرّواية أن تستفزّ قارئها وتشاكس معرفته وهويّته وتلك هيّ قيمة النّصوص المهمّة، قيمتها أن تربك، والإرباك في هذا المستوى يكون منتجا للمعرفة ومستشرفا لما بعد المأزق.
* مازق تشايكوفسكي رواية لشوقي البرنوصي صادرة عن دار سوتيميديا تونس 2018.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.