تدفع المناطق المتاخمة للجبال التي تتحصّن بها المجموعات المسلّحة منذ سنوات دماءها ثمنا لتشبثها بأرضها ذلك أنها تتواجد في الخطوط الأولى لخطر الدواعش. تونس (الشروق): بعد أن كان جبل عرباطة من ولاية قفصة ممر عبور للإرهابيين نحو ولايتي القصرين وسيدي بوزيد أصبح الآن مقر تمركز لل"دواعش" و"القاعدة". وقد شهد الجبل عديد الهجمات الإرهابية التي وقعت فيه أو حوله. ولعل أبرزها ملحمة القضاء على الارهابي لقمان أبي صخر أمير كتيبة عقبة بن نافع وثمانية من أبرز القيادات الارهابية الجزائرية والتونسية. ويشار الى أن الوحدات العسكرية كانت قد عثرت في الفترة الأخيرة على مخيم بجبل عرباطة الذي يبعد عن مدينة قفصة 44 كيلومترا. وقد تبين أن الارهابيين حوّلوا هذا الجبل الى مقر تمركز للقيام بالعمليات الارهابية. ومازالت عمليات التفتيش عنهم مستمرة وفق ما صرح به مصدر أمني ل»الشروق». وأضاف أن كافة الوحدات الأمنية مرابطة الآن لترصد كل التحركات المشبوهة بالجبال. وقدّر عدد الارهابيين بالمخيم حسب المعطيات الأولية ب8 أفراد من خلال ما تم العثور عليه في المخيم الذي كانوا يقيمون فيه بقلب جبل عرباطة. ويشار الى أن هذه المجموعة الارهابية أصبحت محاصرة ومعزولة في منطقة محددة. ومن المرجح أن تتم الاطاحة بهم قريبا. وذكر مصدرنا أنه تم تقريبا تحديد هوية قائد المجموعة الارهابية المتحصنة بالجبال والذي يرجح أنه الارهابي الجزائري المكنى بسلامة الفرماش. وغير بعيد عن تمركز قوات الأمن بدت عيون حراس المكان من المواطنين فطنة تترصد تحرك كل غريب وقد حدّثونا عن معاناتهم من الارهاب دون أن يغفلوا حرصهم وحبهم لهذا المكان الذي لا عيش لهم خارجه. «الشروق» تحدثت خلال زيارتها الميدانية الى المرابطين في سفوح جبال أولاد بوعمران وبو سعد التابعة لجبل عرباطة. وقد فضلنا عدم نشر صور المتساكنين الذين تحدثنا اليهم مخافة أن يترصدهم ذئاب الارهاب. ويكون مصيرهم كمصير الأخوين السلطاني وبقية أبناء الجبال التي اتخذها الارهابيون أوكارا لهم ولغدرهم. وجل الذين كان لنا لقاء معهم أكّدوا لنا أن حياتهم في هذه الجبال حتى وإن كان الخطر يترصدهم من كل مكان. وفي هذا الاطار ذكر لنا محسن (وهو عامل يبلغ من العمر 56سنة) أن مخاوفه من التهديدات الإرهابية التي أصبحت تحاصر المنطقة زادت في الفترة الأخيرة من كل جانب. وأضاف أن حياة الأهالي أصبحت بعد اكتشاف المخيم غير آمنة. ولاحظ أن أهل المنطقة اكتشفوا تواجد الجماعات الارهابية في الفترة الأخيرة. وهو ما بث الرعب فيهم مشيرا الى أنه يشعر بالخطر بعد تواتر أخبار انفجارات الألغام بجبل عرباطة المحاذي لمنازلهم. وقاطعه جاره علي معلقا «بعد أن كانت الجبال مصدر رزقنا نجمع منها قوت أبنائنا أصبحت مصدر رعبنا وقلقنا اليومي خاصة بعد الأحداث الأخيرة المتمثلة في إصابة جنديين من بواسل الوطن في الأسبوع الفارط». واعتبر محدثنا أن العملية الأخيرة أكدت شكوك الأهالي في خصوص تواجد المجموعات الارهابية في الجبال. وبسؤالنا السيدة حسنة عن مدى تغير نمط حياتها بعد الأحداث الأخيرة التي شهدها الجبل ذكرت أنها تخشى على أبنائها. وأصبحت أكثر حذرا. فكما أن قلقها زاد في خصوص ذهاب أبنائها وحدهم الى مدرستهم وناشدت السلطات المعنية بضرورة تأمين حياتهم وحياة أسرهم ذلك أنه لا ذنب للأهالي سوى عيشهم في سفوح الجبال التي أصبحت مرتعا للإرهابيين. ورغم كل المخاطر فإن جل الذين تحدثنا إليهم أكدوا أنهم متمسكون بالبقاء في مساكنهم الريفية البسيطة حتى وإن لقوا حتفهم بسبب هذا القرار. ويشار الى أنه في إطار مواصلة العملية العسكرية بجبل عرباطة بقفصة وتقفي أثر العناصر الإرهابية عثرت التشكيلات العسكرية على مخيم لهذه العناصر يحتوي على كميات من المواد الغذائية والمؤونة ومواد أولية تستعمل في صنع الألغام والمتفجرات. وقد أبطلت وحدة الهندسة العسكرية مفعول ثلاثة ألغام تقليدية الصنع خلال تفتيش المكان وتمشيط محيطه. وقد أصيب عسكري على مستوى الساق جراء انفجار لغم آخر. ويذكر أنّ عسكريا كان قد أصيب يوم السبت في انفجار لغم أيضا في جبل عرباطة أثناء تنفيذ مهمة عملياتية . جبل عرباطة يقع الجبل غرب مدينة قفصة على امتداد 60كلم 470 كلم يبعد جبل عرباطة عن العاصمة التونسية 9 إرهابيين قتلوا سنة 2015 بجبل عرباطة أبرزهم لقمان أبو صخر الإرهابي الأخطر في كتيبة عقبة بن نافع