في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة خاصة في صفوف الشباب تشهد ظاهرة الهجرة غير النظامية أو ما اصطلح على تسميته ب»الحرقة» نسقا تصاعديا وتطورا نوعيا. ورغم المخاطر والأهوال التي تهدد المقبلين على هذه المغامرة فإن عددهم يتضاعف يوما بعد يوم ويتوسع كما وكيفا. إذ لم يعد يقتصر على الذكور من الشباب العاطلين. بل أضحى يشمل الكهول والشيوخ والنساء وحتى الأطفال ورغم المآسي التي رافقت بعض هذه الرحلات وغرق المئات من الشباب في عرض البحر فإن أخبار هذه الرحلات السرية لا تكاد تنقطع. وآخرها فاجعة سواحل المهدية. و لكن ما يلفت الانتباه هو التحول النوعي الذي شهدته هذه الظاهرة مؤخرا. إذ عمدت مجموعة من "الحارقين" الى مهاجمة ميناء حلق الوادي للإبحار عنوة. إن هذه الظاهرة المتنامية تمثل صيحة فزع تطلق في وجه الطبقة السياسية التي أغفلت المشاغل الأساسية للمواطن. وانخرطت في صراعات ايديولوجية وحزبية زادت في تدهور الأوضاع المعيشية. وسدت الآفاق أمام الشباب وجعلته يتوجه نحو الهجرة بكل الطرق. ولعل علاج هذه الظاهرة يتطلب عودة الأمل في مستقبل هذا البلد وهو أمر لا يلوح قريبا...