صوت تونسي اصيل جمع بين اناقة المظهر والابداع، على درجة من الثقافة الموسيقية المتميزة، عاشقة للموسيقى، دائمة البحث عن الجديد الذي يحلق بالمتلقي في الافق الرحب .. هي المطربة الدكتورة شهرزاد هلال الرافعة لواء مقاومة الرداءة الموسيقية، لاجل ذائقة فنية ترنو الى معانقة الشمس . * ماذا بقي من ذكريات الطفولة بالنسبة لشهرزاد هلال ؟ عشت طفولة سعيدة مع عائلتي وأقاربي وخاصة أبناء عمي فقد كنا نسكن في منزلنا المبني على الطراز التونسي التقليدي في حومة عربي في باب سويقة وأتذكر مختلف الألعاب الجماعية التي كنا نتشارك في ابتكارها والاستمتاع بها في فناء المنزل الكبير والذي احتضن أجمل ذكريات طفولتنا وأجمل ذكريات طفولتي هي اللحظات التي تجمعني بجدتي التي كانت تقص علينا الحكايات والأساطير التي نتابعها بشغف واهتمام كبير وكنا في كل جلسة نستمع الى حكاية جديدة فجدتي رحمها الله كانت بحرا لا ينضب من الحكايات. * هل كان للصدفة دور في تخصصك الموسيقى ؟ وأنا صغيرة وجدت نفسي عاشقة لأم كلثوم في سن الست سنوات فكانت رباعيات الخيام من تلحين رياض السنباطي أول أغنية أقوم بحفظها وقد أعجبت العائلة بصوتي وأدائي للأغنية فنلت كامل التشجيع من والدي الذي حرص على أن أتلقى تعليما جيدا للموسيقى وللعزف على آلة العود. في الواقع ورثت الموهبة عن والدي فقد كان منشدا في السلامية ومؤذنا بجامع الزيتونة منذ طفولته. وخلال سنوات الدراسة بالمعهد الوطني للموسيقى تلقيت التشجيع والمساندة من والدي فقد كنت الطفلة المدللة لديه. * جمعت بين مختلف الأنماط الغنائية في انتاجك بحثا عن التنوع ام تأكيد على ان هذا التوجه ضروري بالنسبة للفنان؟ هو اختيار مني أن أكون متنوعة في انتاجاتي وتجاربي الغنائية وأنا أحب كل أنواع الموسيقى وأنماطها وأعتقد أن لكل نمط جماليته ورمزيته ودلالاته التي تستوجب ابرازها وصياغتها في أغان ولي القدرة على غناء كل الأنماط الموسيقية العربية والتونسية بالأساس لذلك فان الأمر يعد سهلا وممتعا لي في نفس الوقت. * ماهي قراءتك للمشهد الموسيقى اليوم؟ المشهد الموسيقي في تونس في طور التغير والتطور فقد شهدت الفترة الأخيرة بروز عديد الأسماء في مجال الغناء وعديد الفرق الموسيقية المتخصصة في الموسيقى العربية والغربية وهي تضم شبابا من العازفين الذين سيكون لهم مستقبل واعد فضلا عن تعدد التظاهرات الموسيقية التي تقدم في إطار البرنامج السنوي لمدينة الثقافة لكن ما يمنع هذه التجارب الفنية والموسيقية الجديدة من المواصلة والنجاح هو انعدام الترويج والتغطية الإعلامية في وقت لا اهتمام فيه سوى بالسياسة. وقد تعودت وسائل الاعلام المرئي والسمعي على موسمية التظاهرات الثقافية حيث لا يقع التركيز على العروض الفنية سوى خلال فترة المهرجانات الصيفية أما ما يقدم على مدار السنة فهو لا يثير الاهتمام. * أطلقت « صرخة فزع « لمقاومة ما وصفتيه ب « الاغنية الهزيلة « ...الا تعتقدين ان الرواد يتحملون المسؤولية لانسحابهم الواحد تلو الاخر؟ أعتقد أنه لا وجود لرواد فالريادة كلمة لها وقعها وهي تذكرنا بالهادي الجويني وعلي الرياحي ومحمد عبد الوهاب وإلى غير ذلك من المدارس الموسيقية الخالدة لكن اليوم كل فنان مجتهد تجده يحارب من أجل اثبات وجوده في وقت تغيرت فيه مقاييس النجاح اذ لم تعد القيمة الفنية للعمل الفني أو الصوت الجميل مقياسا لنجاح الأغنية وإنما نسب المشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي وقد انجر عن ذلك عديد المغالطات وربما لم يستطع الفنانون القدامى منهم والجدد كذلك مجاراة هذا النسق والاندماج في قواعد العولمة وأحكامها. * تكتبين وتلحنين اغانيك ... هل هذا يعني ان النص اليوم لا يرقى الى مستوى ما تبحثين عنه في الاغنية؟ أنا ملحنة وهذا الاختصاص ليس حكرا على الرجل ولي من الموهبة ما يجعلني قادرة على تلحين أغاني ذات قيمة فنية راقية وقد تلقيت عروضا من فنانين لشراء ألحاني ولكني رفضت ذلك أحبذ أن تؤدى ألحاني بصوتي وقريبا ستستمعون لأغنية جديدة من ألحاني وكلماتي وستكون مفاجأة لمحبي شهرزاد هلال فيها الكثير من الابداع. * بعد هذه المسيرة، هل هناك محطات فنية تودين اسقاطها من الذاكرة لم أندم على أي محطة فنية من مسيرتي فقد حرصت دائما على أن أكون متواجدة في أرقى المناسبات الثقافية وأكبر المسارح العالمية قد أسيئ الاختيار في أمر ما والانسان ليس معصوما من الخطإ لكني لم أرتكب أخطاء فادحة تستوجب الندم سأفتخر دائما بثباتي على الأصالة والجودة وعدم تنازلي لإغراءات الشهرة وأحكامها.؟ * هل عشت الظلم واي مظلمة خلفت في داخلك مرارة؟ أكيد تعرضت للظلم في مسيرتي وسوء التقدير لكن ذلك يقوي عزيمتي ويزيدني إصرارا على مزيد التألق وتحقيق النجاحات فشكرا لمن ظلموني هم دافع لي للمثابرة والعمل ليسوا حجر عثرة في طريقي. * الحراك السياسي في تونس اليوم كيف يبدو لك ؟ أظن أن بلادنا في حاجة لمن يعمل على انقاذها من التدهور الاقتصادي والاجتماعي وتلك مسؤولية المجتمع ككل شعبا وقيادة وذلك رهين ثورة يجب أن تحدث في عقولنا وذواتنا قبل أن تحدث فعليا على أرض الواقع. المشهد السياسي مبني على صراعات متواصلة من أجل السلطة والكراسي هذه معاناة الشعب التونسي منذ تسع سنوات فهل سيلتفت السياسيون لهموم الشعب وتطلعاته وهل سيعمل كل من موقعه على الخروج من الأزمة والرقي ببلادنا إلى مراتب أفضل. * كثرة الأحزاب في تونس نعمة ام نقمة من وجهة نظرك ؟ لا أرى فائدة من تكاثر الأحزاب السياسية فقد أثبتت التجربة التونسية أن هذه الأحزاب لا برنامج سياسي ولا اقتصادي ولا اجتماعي ولا ثقافي لها وقد اندمج أغلبها مع أحزاب كبرى وحتى الأحزاب الكبرى شهدت انقسامات وانشقاقات مما يدل أن الأحزاب في تونس لا إيديولوجيا سياسية لها ولا تؤسس على مبادئ ثابتة وانما على ولاءات ومصالح مشتركة. * الا يهمك ان تكوني قيادية في حزب سياسي ؟ ليس لي انتماء حزبي وولائي الوحيد لوطني وذلك دوري كفنانة أختار الحيادية حتى أضمن محبة الجميع دون استثناءات. * ما هو الشيء الذي يسعد شهرزاد هلال الموسيقى هي سبب سعادتي مجرد استماعي للموسيقى وممارستي لها عن طريق الغناء يحدث شعورا بالاكتفاء والرضاء والقناعة والسعادة فتلك مهنتي وبها أحقق وجودي. * أي الأمور التي تجعل شهرزاد هلال تعيش الإحباط ؟ بعدنا عن الاحترافية في مجال الفن وانسداد الآفاق مقارنة بالدول المتقدمة وبالمشرق العربي وذلك يدفعني لخوض تجارب عربية بحثا عن وسط فني أنال فيه حقوقي كمطربة وملحنة وأشعر فيه بأن الفن مهنة محترمة لها قوانينها وهياكلها ومبادئها تجعل من يمارسها مسؤولا عن ما يقدمه ومساهما بدرجة ما في دفع عجلة الاقتصاد وهذا ما لم نراهن عليه في تونس للأسف. * ان تكوني نجمة او فنانة معروفة ماذا تفضلين ؟ أنا فعلا نجمة وفنانة معروفة وقد حققت ذلك بالعمل والاجتهاد والإنتاج والحفلات وقدمت أغان راقية للفن التونسي وساهمت في ترسيخ الهوية الموسيقية التونسية وان تنكر البعض لذلك فهو من باب الحقد والخوف لأن بصمتي في الفن التونسي ثابتة ولا يمكن زعزعتها وأحمد الله على ذلك. * رسالة لمن ترسليها وماذا تكتبين فيها ؟ رسالة أوجهها لجمهوري وأحبائي ومن ساندوني بالتشجيع منذ بداياتي الأولى سأواصل مسيرتي بكل ثبات وشغف وأعدكم بالأفضل.