قضت محكمة التعقيب اللبنانية مؤخرا برفض مطلب ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس الاسبق بن علي لاسترجاع مبلغ 28 مليون دولار المودعة باسمها لدى البنك اللبناني الكندي. تونس : الشروق : يذكر ان الصك الذي تسلمته الدولة التونسية من دولة لبنان سنة 2013 مضمن به مبلغ 28 مليون دولار أمريكي كأموال منهوبة مسترجعة من لبنان تم الاستيلاء عليها في العهد السابق من طرف ليلى الطرابلسي ومودعة بالحساب السري لدى البنك اللبناني الكندي والتي تم تجميدها بناء على قرار وحدة المعلومات المالية اللبنانية (هيئة التحقيق الخاصة ). إلا أن ليلى الطرابلسي سعت جاهدة لاسترجاع المبلغ المذكور من البنك المركزي التونسي ونشرت عديد القضايا الاستعجالية بلبنان وتم رفضها لدى الطور الابتدائي والاستئنافي. ولتدقيق الفهم القانوني للإجراءات التي تمت بها مصادرة الحساب البنكي بلبنان وموقف القضاء اللبناني تم التباحث مع المستشار الرئيس لنزاعات الدولة المختص في قضايا الفساد المالي منير الشاذلي في مخرجات القضية وتداعياتها القانونية * ماهو السند القانوني للمصادرة الجزائية في كل من تونسولبنان؟ يعتبر كل من الفصل 5 من المجلة الجزائية التونسية والمادة 42 من قانون العقوبات اللبناني أن المصادرة عقوبة جزائية تكميلية (القانون التونسي) وعقوبة فرعية أو إضافية (القانون اللبناني) وتشمل المصادرة طبقا للفصل 28 من المجلة الجزائية التونسية الأشياء التي استعملت أو كانت معدة لايقاع الجريمة. وكذلك الأشياء الحاصلة من الجريمة وتشمل طبقا للمادة 69 من قانون العقوبات اللبناني الأشياء التي نتجت عن جناية أو جنحة مقصودة أو التي استعملت أو كانت معدة لاقترافهما * كيف تمت عملية مصادرة الأموال الراجعة للحساب السري لليلى الطرابلسي بلبنان ؟ القانون الجزائي اللبناني يتوافق مع القانون الجزائي التونسي في تصنيف المصادرة كعقوبة جزائية توقع على المحكوم عليه عند الحكم بالإدانة وفي اعتبارها جزءا لا يتجزأ من الحكم الجنائي القاضي بثبوت الادانة وتسليط العقوبات ، كما يتلاءم تصنيف المصادرة كعقوبة جزائية مع الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بمكافحة الجريمة ومن بينها اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد التي صادقت عليها الدولة التونسية سنة 2008 والتي تعرف المصادرة بأنها :«تشمل التجريد حيثما انطبق ، الحرمان الدائم من الممتلكات بأمر صادر عن محكمة أو سلطة مختصة أخرى» فعبارتي «التجريد» و«الحرمان» تشيران إلى الطبيعة العقابية للمصادرة. وتطبيقا لأحكام المادة 5 من المجلة الجزائية التونسية ، أصدرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس (1) حكمها عدد 23004 بتاريخ 20062011 المتمم بقرار الشرح المؤرخ في 13122011 قاضيا بإدانة المتهمين زين العابدين بن علي وليلى الطرابلسي وعقابهما بالسجن لمدة معينة وخطايا مالية وكذلك استصفاء الأموال المحجوزة عنهما بتونس ومصادرة المبلغ المالي المجمد بحساب ليلى بالمصرف اللبناني الكندي. وتشير مستندات الحكم ومنطوقه بوضوح أن الاستصفاء والمصادرة جزء من العقاب الجزائي الذي تسلط على المحكوم عليهما ، مكمل أو مضاف للعقوبات الأصلية بالسجن والخطية باعتبار أن الأموال محل الاستصفاء والمصادرة تمثل عائدات الجرائم التي حوكما من أجلها. وقد أمكن تنفيذ الحكم بالنسبة لاستصفاء الأموال الموجودة بتونس في حين تعلق الطلب الموجه إلى السلطات اللبنانية المختصة بتنفيذ الحكم موضوع طلب التعاون وذلك في فرعه الجزائي الخاص بمصادرة واسترجاع الاموال المجمدة بالحساب البنكي بلبنان. * كيف سعت ليلى الطرابلسي لاسترجاع الأموال المصادرة والمسترجعة للبنك المركزي التونسي؟ بعد اعتراضها على اجراءات إكساء الصبغة التنفيذية للحكم الجنائي القاضي بالمصادرة وبتاريخ 652016 تقدمت ليلى الطرابلسي بدعوى مستعجلة امام قاضي الامور المستعجلة في بيروت طالبة طبقا للقانون اللبناني منحها «سلفة وقتية» بقيمة المبلغ المصادر الذي حوّل الى البنك المركزي التونسي لحساب الدولة التونسية بتاريخ 242013 وذلك استناداً الى الفقرة 3 من المادة 579 من قانون اصول المحاكمات المدنية والى استنادها الخاطئ بأن الدين المطالب به غير قابل لنزاع جدي. * لماذا اعتبر القضاء اللبناني ليلي الطرابلسي فاقدة للأهلية وغير مخولة لمقاضاة الدولة التونسية؟ ليلى الطرابلسي فاقدة لأهليتها بقوة القانون وطلبنا من القضاء اللبناني تطبيق أحكام الفصل 30 من المجلة الجزائية التونسية الذي تنص على أنه يكون حتما تحت قيد الحجر كل محكوم عليه من أجل جناية واحدة بالسجن لمدة تتجاوز عشرة أعوام من تاريخ الحكم عليه إلى إتمام مدة عقابه. ويعين له مقدم للقيام بإدارة مكاسبه ولا يمكنه التصرف فيها إلا بالإيصاء كما لا يمكنه قبض أي مبلغ ولو جزئي من مداخيلها...». وعليه فان ليلى الطرابلسي ونظرا لعديد الاحكام السالبة للحرية الصادرة ضدها لعشرات السنين لا يمكنها القيام باسمها الخاص ضد الدولة. * هل ان القضاء اللبناني مخول لتطبيق أحكام الفصل 30 من المجلة الجزائية التونسية مباشرة؟ القانون اللبناني لا يوجب اعطاء الصيغة التنفيذية للأحكام الاجنبية التي تتناول موضوع الاهلية حيث تنصّ المادة 1012 من أصول المحاكمات المدنية اللبنانية على انه «تنتج الاحكام الاجنبية المتعلقة بالأهلية وبالأحوال الشخصية والقرارات الاجنبية الصادرة عن القضاء الجزائي مفاعيلها حكماً في لبنان دون اقترانها بالصيغة التنفيذية شرط ان لا تكون موضوع نزاع». وعليه فقد استقر القضاء اللبناني في مختلف درجاته على اعتبار قضايا الاهلية تهم النظام العام ويقتضي التقيد بها دون الحاجة الى صيغة تنفيذية ولا الى حكم مستقل بالتجريد من الحقوق المدنية. وتعتبر ليلى الطرابلسي فاقدة لأهليتها وفقا لأحكام السجن الصادرة ضدها.