إنّ كيفية خلق الإنسان في الرحم والمراحل التي يمر بها، في غاية الإعجاز وقد ذكرها الله بقوله {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} (المؤمنون 12...14) والله وحده يخلق ما يشاء ويعلم ما في الأرحام ويقدر الأرزاق والآجال {لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير } (الشورى 49 و 50) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل وكل بالرحم ملكاً يقول يا رب نطفة يا رب علقة يا رب مضغة فإذا أراد أن يقضي خلقه أذّكر أم أنثى؟ أشقي أم سعيد؟ فما الرزق والأجل؟ فيكتب في بطن أمه. (رواه البخاري) وقد أكرم الله بني آدم فسخر لهم ما في السماوات وما في الأرض {ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} (لقمان 20) وميز الله الإنسان وأكرمه بالعقل الذي يعرف به ربه وخالقه ورازقه ويعرف به الخير والشر وما ينفع وما يضر وما يحل وما يحرم. وما كان الله ليخلق الإنسان ويتركه هملاً بلا منهاج يسير عليه بل أنزل الله الكتب وأرسل الرسل لهداية البشرية إلى الصراط المستقيم. وقد فطر الله الناس على التوحيد وكلما انحرفوا عنه بعث الله نبياً يردهم إلى الصراط المستقيم أولهم آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} (البقرة 213) وجميع الرسل يدعون إلى حقيقة واحدة هي عبادة الله وحده والكفر بما سواه {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} (النحل 36) والدين الذي بعث الله به الأنبياء والرسل واحد هو الإسلام {إن الدين عند الله الإسلام} (آل عمران 19) وقد ختم الله الكتب السماوية بالقرآن العظيم مصدقاً لما قبله من الكتب وهداية للناس كافة {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} (إبراهيم 1) وختم الله الأنبياء والرسل بمحمد صلى الله عليه وسلم {ما كان محمداً أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين} (الأحزاب 40) وأرسل الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً} (الأعراف 158) فالقرآن الكريم آخر الكتب السماوية وأعظمها ومحمد صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء والرسل وأفضلهم. وقد نسخ الله جميع الكتب السماوية بالقرآن فمن لم يتبع القرآن ويدخل في الإسلام ويؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم ويتبعه فلن يقبل منه عمله {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} (آل عمران 85) والدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم مؤكد لما جاء به الأنبياء قبله في أصول الدين ومكارم الأخلاق كما قال سبحانه {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} (الشورى 13).