يعدّ المسرح البلدي بالعاصمة أحد أهم معالم شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي، ولا تكمن قيمة هذا الصرح الثقافي العريق الذي تمّ تشييده أوائل القرن الماضي من صبغته المعمارية والفنية فحسب، بل أيضا باكتسابه دلالات أخرى بعد الثورة إذ أن الكثير من الوقفات والاحتجاجات تتم أو تنطلق من أمامه . هذا الفضاء الفني المعماري العريق تمّ تشييده يوم 20 نوفمبر 1902، خارج أسوار المدينة العتيقة وبهندسة معمارية تحمل بصمات التصميم الفرنسي والتنفيذ الإيطالي ووفقا لبعض الباحثين في المجال المسرحي فقد جاء تشييده استجابة لدعوات بجعل العاصمة تونس مركزا للاستقطاب السياحي ولتشجيع الحركة التجارية خاصة في فصل الشتاء. ويؤكد الأستاذ الجامعي والمسرحي محمد المديوني أن «المقالات الصادرة في أواخر القرن 19 تبيّن هذا الأمر، مشيرا الى أن الحجة المقدمة لبناء المسرح البلدي كانت لاستقطاب السياح وتمكين المقيمين كذلك من أن يكون لهم موسم مسرحي» جون إميل رسبلوندي مهندس الفضاء لقد أشرف المهندس الفرنسي «جون إميل رسبلوندي» على تصميم المسرح، الى جانب اشرافه أيضا على تصميم معالم بارزة بالعاصمة كبلدية تونس وقصر العدالة ومستشفى شارل نيكول وقد دعا عددا من الفنانين لإتمام الرسم والنحت ويعد المسرح البلدي من المسارح النادرة فهو عبارة عن قطعة أثرية قيّمة على اعتبار نه يحمل كل متطلبات المسارح الحديثة وقتها جاءت هندسة المسرح على الشكل الايطالي فهو يكتسب قيمته المعمارية في ذاتها التي تحمل خصائص الهندسة الفنية غير الوظيفية وهو ما يحيل على عدد المسارح الايطالي. وقد مثل المسرح البلدي بالعاصمة منذ تشييده الى جانب كونه قطعة معمارية فنية، فرصة أيضا للتعبير ولتكوين الفرق المسرحية التونسية وأيضا لبث الوعي السياسي خلال فترة الاستعمار... فقد أمكن للمسرح البلدي في ذلك الوقت استقبال أكبر الفنانين علاوة على اللقاءات السياسية والفكرية والأدبية. 2016 ثالث عملية ترميم عرف المسرح البلدي سنة 2016ثالث عملية إعادة تهيئة وترميم، على امتداد تاريخه فعند افتتاحه كان يستوعب 856 شخصا فكان أن تمّ هدمه سنة 1909 للزيادة في طاقة استيعابه وأعيد افتتاحه في 4 جانفي 1911 بطاقة استيعابية تصل الى 1350 مقعدا موزعة على 4 أقسام: المقاعد الأمامية والميزانين والمقصورة والأروقة والواجهة الخارجية هي التي لم تطالها عملية الهدم، ثاني عملية ترميم تمت في 2001 في إطار الاحتفال بمائوية التأسيس 1959 فتح الأبواب لسهرات شهر رمضان كان على التونسيين انتظار رمضان 1959 حتى يؤموا المسرح البلدي بالعاصمة لمتابعة السهرات الفنية والثقافية لأول مرة... وقد مثل حدثا ثقافيا وإبداعيا استثنائيا بانخراطه لأول مرة في تنشيط المدينة من خلال سهرات الطرب التونسي الأصيل، حيث كان الموعد مع المالوف وفرقة الرشيدية وأسماء بارزة في حجم وقيمة الهادي الجويني وعلي الرياحي وسيد شطا وفتحية خيري وصليحة وحسيبة رشدي وشافية رشدي ومحمد الجموسي والقائمة طويلة في هذا المجال.