في بلد المتناقضات، موطن الإجرام والمافيا والمخدرات، أرض الجمال والطبيعة الساحرة الخلابة في كولومبيا، نشأ أندريس أسكوبار، يبحثُ عن السلام والخير والامان، والمتعة. يبحث عن الحياة، ليجد كل هذا في كرة القدم، أو هكذا كان يظن، خلال رحلته القصيرة بين الأحياء. كان لاعبا في منتخب بلاده للدفاع عن ألوانه، وكان له ما أراد، فكان ضمن اللاعبين المشاركين مع منتخب كولومبيا في مونديال 1994 بأمريكا، وكانت آمالهم كبيرة في البطولة، بعد الأداء الرائع الذي قدَّموه في التصفيات المؤهلة لكأس العالم، وتفوقهم الساحق على منتخبات كبيرة مثل الأرجنتين، والباراغواي. ومع هذا التأهل، كثُرت المراهنات من قبل تجار المخدرات، والمافيا، في المكاتب المخصصة لذلك، التي تشتهر بها كولومبيا، ودفعوا أموالا طائلة للمراهنة على فوز منتخبهم في مونديال أمريكا. ليذهب أسكوبار ورفاقه بآمال، وطموحات كبيرة، يرجون تحقيقها خلال البطولة. 12 طلقة رصاص وقعت كولومبيا في مجموعة متوازنة مع أمريكا، ورومانيا، وسويسرا، ومثَّلت خسارتها في أولى مبارياتها امام رومانيا (1 - 3) مفاجأة مدوية، حيث لم يكن متوقعا لها تلك البداية السيئة. ولم يستوعب أسكوبار ما فعله، وأنَّه سجَّل في مرماه، فسقط أرضا حزينا، متأثرا من أجل منتخب بلاده، وقد أثر هذا الهدف على مشواره في المونديال. ولم يكن يدرك أنَّ عواقب هدفه ستكون وخيمة، ولن تنتهي بتوديعهم للمونديال فحسب. فبعد عودته بنحو 10 أيام وتحديدا يوم 2 جويلية 1994، وبينما كان بإحدى الحانات مع أصدقائه بكولومبيا، خرج عليه 3 من رجال العصابات، وأطلقوا عليه النار، وقتلوه ب12 طلقة رصاص، وهو عدد المرات التي قال فيها المعلق (غول) بعد هدفه بالخطأ، وظلت دماؤه تنزف حتى فارق الحياة بعد 45 دقيقة . ما حدث كان صادما، ليس للمجتمع الكولومبي فقط، لكن للعالم بأسره، بل وربما لقناعات سكوبار نفسه الذي كان يقول دائما إنَّ سبب حبه لكرة القدم، واحترافه لها دون غيرها مثل مصارعة الثيران التي تشتهر بها بلاده، هو أنه في كرة القدم لا دماء تسيل. لا يموت أحد، فكرة القدم هي الحياة، فكيف له أن يمارس رياضة فيها الموت؟. لكنها لم تكن كذلك يا أسكوبار، فلم تُنصفك الكرة، وها هي الدماء قد سالت منك، ومُت أنت، وكلفك خطأ فيها حياتك، وأنت في ال27 من عمرك، فقضت على آمالك وطموحاتك فيها، بطريقة هي الأسوأ في تاريخ اللعبة.