في وقت يتذمر فيه التونسيون من ارتفاع أسعار اللحوم، كشفت دراسة طبية جادة أن اللحوم الحمراء تعد سببا رئيسيا في ارتفاع معدلات الاصابة بمرض السرطان. إذ ينضاف يوميا أربعون مريضا جديدا الى قائمة المصابين بهذا الورم الخبيث. تونس (الشروق) متابعة الحبيب الميساوي لما يكشف الدكتور فرحات بن عياد أول طبيب في المغرب العربي في اختصاص علم الأورام ومؤسس الجمعية التونسية لمكافحة السرطان عن أرقام تتعلق بمرض السرطان في تونس، ما على الجمهور العريض و الدولة الا اعتمادها كمرجع في فهم سبب انتشار هذا الداء. و الرقم الذي كشف عنه الاختصاصي هو أربعون حالة جديدة يوميا تسجل في بلادنا أي ما يعادل خمسة عشر الف حالة سنويا. و ان كان لكل حالة من هذه الحالات سببها الخاص فإن استهلاك بعض المواد الاستهلاكية التي كانت تعد رمزا للصحة الجيدة و القوة البدنية تعد سببا رئيسيا في تكون الأورام الخبيثة و انتشارها في سائر الجسد. و الحديث هنا عن اللحوم الحمراء التي بين الدكتور بن عياد أن « تغير النظام والنمط الغذائي من خلال الاقبال على اللحوم والخبز والسكر والمشروبات الغازية تسبب في استفحال هذا المرض». و في تقارير لها، أشارت منظمة الصحة العالمية الى أن تعزز خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 18% وارد مع استهلاك 50 غراما من هذه اللحوم يوميا. كما أثبتت الدراسات أن خطر الإصابة بالسرطان يرتفع وفقا للكمية المستهلكة، ناهيك عن أن استهلاك اللحوم الحمراء مرتبط بأنواع أخرى من الأمراض، مثل داء السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية. الأحمر القاتل ان كان التونسيون يتذمرون من ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء فإنهم لا يعلمون انهم يشترون الموت بمالهم الخاص. وذلك جاء في بحث أنجزه المعهد الوطني للاستهلاك حول استهلاك اللحوم في تونس سنة 2018 أنّ الإنتاج الوطني من اللحوم الحمراء يقدّر بحوالي 125 ألف طنّ سنويا. وتبلغ نسبة تغطية الحاجيات الوطنية 98 بالمائة باعتبار أنّ معدّل الاستهلاك السنوي يبلغ 127,5 ألف طنّ. فيما تطوّر استهلاك الفرد التونسي من اللحوم بجميع أصنافها دون اعتبار الأسماك ومنتجات البحر من 17,8 كغ سنة 1985 إلى 24,8 كغ سنة 2000 ثمّ إلى 23,4 كغ سنة 2015. وتنفق كلّ أسرة سنويّا ما يقارب 1065 دينارا في شراء اللحوم والدواجن. و بعملية حسابية بسيطة يتبين أن التونسي يستهلك يوميا ما يعادل المائة غرام من اللحوم. وهي كمية كافية لتضاعف من امكانية الاصابة بالسرطان حسب التقارير الطبية التي تحدد الكمية المنصوح بها بأقل من خمسين غراما. من الجوع الى التخمة رغم أن النظام الغذائي الذي ورثه التونسيون عن أجدادهم لم يكن كافيا حد الاشباع، الا انه كان يمتاز بالتنوع و القيمة من الناحية الصحية. و مع تطور مستوى العيش في تونس، تغير هذا النظام الغذائي ببروز عادات استهلاكية جديدة افرزت بدورها جملة من المشاكل الصحية لعل ابرزها امراض السمنة و القلب و طبعا السرطان. وينصح الأطباء و خبراء التغذية بالعودة الى الاصل باعتبار أن «أفضل نظام غذائي للحفاظ على الجسم من الأمراض هو اتباع طرق التغذية السليمة من حيث مصادر المواد الغذائية وطريقة إعداد الوجبات الغذائية الصحية ونوعية الأطعمة التى يتم اعدادها ومواعيد تناول الوجبات الغذائية. حيث أن النظام الغذائي الصحي هو منظومة متكاملة تبدأ من بيئة المصدر الغذائي في السلسلة الغذائية مرورا بتجهيز المنتج الغذائي وتصنيعه وحفظه وتداوله في الأسواق وشرائه والحفاظ على مكوناته وقيمته الغذائية أثناء تداوله وطرق إعداده ومواعيد تناوله والكميات التي يجب تناولها. حيث أن كل هذه الخطوات تتأثر بعوامل ومخاطر بيولوجية وكيميائية وفيزيائية ممكن أن تؤثر على سلامة المادة الغذائية وجودتها والتى تؤثر بدورها على سلامة وصحة الانسان». الحل في البحر... ثبت طبيا أن الاسماك و منتوجات البحر المختلفة تعد مدخلا الى نظام غذائي سليم و مفيد. اذ انه « إضافة إلى كونه غنياً جداً بالبروتينات فإن أكل السمك الأبيض و الازرق يعد مصدرا مهما للسيلينيوم. وهو واحد من أهم مضادات الاكسدة التي يمكن أن تساعد في التخفيف من خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان. ويحتوي السمك على اليود وهو عنصر غذائي مهم لضمان قيام الغدة الدرقية بوظيفتها على أحسن وجه وتلعب هذه الغدة دورا مهما في ضبط عملية الأيض في الجسم. ويؤمن السمك للجسم نسبة كبيرة من الفيتامين A الضروري للحفاظ على صحة الجلد والنظر ولتقوية الجهاز المناعي. إن سمك السردين و السالمون المعلب يحتوي على عظام طرية يمكن أكلها. وهذا يجعل منه مصدراً غنياً بالكالسيوم المعروف بأهميته في الحفاظ على عظام و أسنان صحية وقوية ويتوجب على النساء بشكل خاص الإكثار من تناول الكالسيوم لتفادي الإصابة بمرض هشاشة العظام. و تعتبر الأسماك الدهنية مصدراً ممتازاً لحوامض أوميجا 3 وأوميجا 6 الدهنية التي تسهم في خفض إمكانية الإصابة بمرض القلب. و معظم أنواع الأصداف البحرية وخاصة المحار غنية جداً بالزنك وهو معدن أساسي لقيام الجهاز المناعي بوظيفته المتمثلة في حمايته من الأمراض.