أنهى البرلمان الجدل الحاصل مؤخرا حول تعديل القانون الانتخابي بعد ان صوت على الفصول التي اثارت خلافات كبرى صلب الراي العام التونسي والنخب السياسية والقانونية، لينتقل النقاش الى مرحلة ثانية وهي أروقة الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين. تونس «الشروق» سرحان الشيخاوي انطلقت الجلسة العامة في البرلمان امس على إيقاع رسالة وجهها المترشح للانتخابات الرئاسية نبيل القروي، طلب ضمنها نواب البرلمان برفض مقترحات تعديل القانون الانتخابي التي قدمتها الحكومة والتي اعتبرها مقدّمة خصّيصا لإقصائه من الانتخابات الرئاسية وأشار القروي الى ان المجتمع القروي يتابع ما يحدث في البرلمان. رسالة يبدو انها خارج سياق التأثير في قرار النواب، خاصة وان نهاية الأسبوع الماضي كانت مساحة كافية لجهة المبادرة مكّنتها من تعديل اوتارها وبدفعهم للحضور بشكل مكثّف تجنّبا لاي مفاجأة قد تسقط المقترحات وتعطي صورة سلبية عن ما يجري داخل ائتلاف السلطة. تأجيل انعقاد الجلسة دعا رئيس الجلسة العامة عبد الفتاح مورو الى انطلاق الجلسة العامة وتسجيل الحضور مع الساعة العاشرة صباحا لكن عدد النواب الحاضرين لم يتجاوز ال 25 نائبا وهو ما دفعه الى تأجيلها، لكن الفترة التي استغرقها إعادة الدعوة الى عقد الجلسة طالت اكثر من اللازم وهو ما دفع الى ضرورة البحث عن الأسباب الحقيقة التي تقف وراء هذا التعطيل، ان كانت في علاقة بمقترحات التعديل التي اثارت جدلا او بملفات أخرى. البحث عن السبب الحقيق لتعطيل اشغال الجلسة كشف عن خلاف بين الكتل البرلمانية في بدء الجلسة العامة بقراءة الفاتحة على روح الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وهو ما فتح الباب امام نقاشات مطولة لم تفض الى أي نتيجة . انطلقت الجلسة بطلب رئيس كتلة الائتلاف الوطني مصطفى بن احمد تغيير جدول الاعمال وإضافة مناقشة مشروع القانون المعدل للقانون الانتخابي. تنقيح جدول الاعمال صوت اغلب النواب مع تنقيح جدول الاعمال وأصبح تنقيح القانون الانتخابي نقطة ثانية في جدول الاعمال، لكن بعد ان انتهت معركة تغيير جدول اعمال الجلسة العامة سرعان ما انطلقت معركة أخرى وهي معركة قراءة الفاتحة على روح محمد مرسي .فطلب كتلة حركة النهضة القاضي بضرورة قراءة الفاتحة، جوبه برفض النائبة فاطمة المسدي التي اعتبرت ان مرسي ينتمي إلى «الخوانجية « واصفة هذه الحركة «بالارهابية». العتبة الانتخابية هذا الملف فتح الباب امام تواتر المداخلات منها ما يدفع في سياق قراءة الفاتحة ومنها ما يعتبر الامر شانا مصريا لا دخل لتونس فيه . انتهت المداخلات بطلب رئيس الجلسة العامة قراءة الفاتحة على روح محمد مرسي، وهو ما دفع كتلة حركة نداء تونس وكتلة مشروع تونس ونواب الجبهة الشعبية الى مغادرة قاعة الجلسات العامة التي لم يبق فيها سوى نواب حركة النهضة ونواب كتلة الائتلاف ونواب الكتلة الديمقراطية . انتهى الصراع حول الفاتحة وانطلق النواب في الجلسة العامة، سارعوا بانهاء مشروع اتفاق بين تونس وسنغافورة ثم مروا الى تعديل القانون الانتخابي، ليصوتوا على تركيز عتبة انتخابية تقدر ب3 بالمائة بعد ان اقترحت الحكومة تركيزها في حدود 5 بالمائة، ثم مروا الى النقاط الإشكالية التي اثارت جدلا واسعا مؤخرا . الدور السياسي قبل الدخول في مناقشتها والتصويت عليها تدخل الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان اياد الدهماني ليقول إن القانون الانتخابي تضمن ثغرات تهدد الانتقال الديمقراطي، يجب تداركها مشيرا الى ان القانون التونسي يفرض قيودا على الأحزاب اول البعض تجاوزها بانشاء جمعيات لعبت دورا سياسيا . مداخلة أجاب عنها رئيس كتلة حركة نداء تونس سفيان طوبال بالتأكيد على أن نواب النداء يرفضون مناقشة مقترحات تعديل تم تقديمها لهم دقائق فقط قبل المصادقة عليها وطالب بمهلة لمناقشتها ورفع الجلسة العامة . استجاب رئيس الجلسة العامة عبد الفتاح مرور لهذا الطلب وقرر رفع الجلسة . الاستفادة من الاشهار السياسي بقيت الجلسة العامة معلّقة لما يقارب النصف ساعة ليعود النواب ويصوتوا على مقترح منع كل القائمين والمستفيدين من الاشهار السياسي على امتداد 12 شهرا من الترشح للانتخابات الرئاسية وتحصل هذا المقترح على موافقة 124 نائبا . ثم مر النواب الى المقترح الثاني القاضي بفرض شرط توفير بطاقة عدد ثلاثة وان يكون المترشح للانتخابات الرئاسية نقي السوابق العدلية وتم التصويت على هذا المقترح ب 124 صوتا . أما المقترح الثالث وينص على أن ترفض الهيئة ترشح كل من يثبت لديها قيامه بشكل صريح ومتكرر بخطاب لا يحترم النظام الديمقراطي ومبادئ الدستور والتداول السلمي على السلطة او يهدد النظام الجمهوري ودعائم دولة القانون او يدعو للعنف والتمييز والتباغض بين المواطنين او يمجد ممارسات انتهاك حقوق الانسان وتم التصويت على هذا المقترح ب 123 صوتا. إنهاء الجدل تم تمرير المقترحات بشكل سلس بعد ان وفترت كتل ائتلاف السلطة النصاب القانوني ودفعت نوابها الى الحضور بشكل مكثف مع استقطاب عدد من النواب المستقلين وتصويت بعض نواب المعارضة مثل نواب التيار الديمقراطي مع هذه المقترحات، وهو ما مكن من تمرير مشروع القانون برمته ب128 صوتا تم تمرير مشروع القانون بشكل رسمي في البرلمان لينتهي مسلسل الجدل حول هذه المقترحات في جزئه الأول ويبقى الجدل قائما باعتبار ان عددا من النواب الرافضين لمضمونه قرروا الطعن فيه لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وهو ما يمكن ان يفتح باب النقاش القانوني مجددا. حضور قياسي حضر الجلسة العامة لمناقشة التعديلات التي تم اجراؤها على القانون الانتخابي 174 نائبا، وهو رقم قياسي لم يسجله البرلمان في الجلسات العامة التي تم عقدها في الاشهر الماضية .