تضم ولاية المنستير 31 بلدية تتراوح ميزانياتها بين 500 مليون وثلاثين مليارا. وهي بلديات ينتظرها عمل كبير خاصة على مستوى التنمية والنظافة وتطبيق القانون في ما يتعلق بالبناءات واستغلال الأرصفة والانتصاب الفوضوي. (الشروق) مكتب الساحل ولئن كان هاجس التنمية أكثر ما يشغل بال أعضاء المجالس البلدية في ولاية المنستير فإن بعض البلديات الأخرى وجدت إلى جانب ذلك وتحديدا في تهيئة الأحياء والأنهج العتيقة فرصة لنيل رضا المتساكنين وجلب الأنظار والبروز على الصعيدين الوطني والدولي. الاشتغال على الجانب الجمالي للمدن وإبراز خصوصيات المنطقة وإعطاء صورة مغايرة لما هو متداول بين الناس من أن الأنهج والأحياء العتيقة هي فضاءات تضم بناءات آيلة الى السقوط كان من نصيب مدينة جمال التي آمن شبابها بأن العمل الجمعياتي قادر على التغيير والتطور ومن ذلك كانت البادرة الأولى من نصيب الغرفة الفتية العالمية التي قامت بالتعاون مع بلدية المكان بتزيين نهج أم الزين وتحديدا بطلاء جدران المنازل والدكاكين بألوان زاهية أضفت على الطريق جمالا مستفيضا. وقد بارك المواطنون في مختلف أنحاء البلاد هذه الخطوة. وأثنوا على المبادرة. ونادوا بتعميمها لما تحمله من قيم سامية ولما تتضمنه من نشر صريح لثقافة الوعي والعمل لتشهد بعد ذلك البلاد إسهامات شبابية لتجميل المدن على غرار ما حصل في تطاوين وفي جربة. الحدث في بنان... الإيمان بأن الجمال يحمل سحر المكان وجد سبيلا إلى مجلس بلدية بنان بوضر وهي بلدية صغيرة على مستوى الأرقام. لكنها غنية على مستوى البرمجة والإنجاز. ولقد حققت هذه البلدية خلال المدة الأخيرة ما لم تحققه أشهر البلديات في الولاية وأغناها على مستوى الميزانية وذلك بتعهدها بتهيئة وتجميل نهج عتيق... وبلغ صدى هذا الإنجاز وسائل الإعلام الدولية. وأصبحت مدينة بنان مضرب الأمثال داخل البلاد وفي الإمارات العربية المتحدة وليبيا والجزائر. وتناقلت مختلف الجرائد الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي صورها الجميلة التي أبرزت أن الانتشار والنجاح لا يتطلب الأموال بقدر ما يتطلب الأفكار. وللحديث عن مشروع تهيئة النهج العتيق بمدينة بنان التقت «الشروق» السيد بلال العريبي رئيس المجلس البلدي وهو شاب متحمس للعمل الميداني. وقد تولى منصبه منذ نحو سنة بعد الانتخابات البلدية. بلال قال إن المشروع كان حلما يراوده منذ كان صغيرا. وقد نفذه مؤخرا بعد أن لمس تحمسا وتجاوبا من قبل مساعديه وأيضا المواطنين. وكانت البداية بترميم الجدران المتداعية للسقوط وطلائها بألوان زاهية متناسقة في شكل مربعات ثم تزيين الجدران بأصص من النباتات الخضراء والأزهار واللوحات التشكيلية الجميلة ثلاثية الأبعاد التي تروي جانبا من تاريخ المدينة (20 لوحة) وتثبيت أقواس عند بداية النهج ونهايته وفوانيس كهربائية (12 فانوسا) و"تبليط" الأرضية. وأوضح بلال العريبي أن هذا العمل كلف البلدية ما يناهز ثمانية آلاف دينار. وهو مبلغ بسيط مقابل الإشعاع الذي عرفته من خلاله المدينة مؤكدا أن السكان الذين استحسنوا الفكرة وأعجبوا بهذا العمل وعدوا بالمحافظة على النهج وتنظيفه. مشاريع جديدة... تجربة تجميل نهج 2 مارس 34 الحيوي بمدينة بنان ونجاحها جعل من المدينة مزارا. إذ توافد عليها عدد من السياح ومن رجال الأعمال الأجانب (من الصين) وأيضا من مواطني المعتمديات المجاورة. وهذا النجاح جعل المجلس البلدي يفكر في تعميم التجربة. وبناء على ذلك قال العريبي إن العمل سيتواصل بنفس التصور وبنفس الجدية وبنفس الحماس وربما بأفكار أخرى جديدة. وقد تمت برمجة تسعة أنهج عتيقة ضيقة ستعرف في القريب العاجل تقريبا نفس الأشغال مع تركيز 300 حاوية نظافة جميلة وجديدة بالأعمدة الكهربائية. كما أشار رئيس البلدية إلى أن هذا العمل يتطلب مجهودات خاصة. ويتم في إطار من التشاور ومن الشفافية في إشارة إلى أن هذه المشاريع تندرج ضمن باب الاعتناء بالطرقات والأرصفة. العمل الذي قام به مجلسا بلديتي جمال وبنان بوضر سبقته إليهما بلدية لمطة التي حرصت منذ سنوات في إطار مشروع رئاسي على تجميل المدخل الشمالي للمدينة بالأشجار والأزهار والذي يُعد اليوم الأجمل على الإطلاق في ولاية المنستير.. وقد قامت البلديات الصغرى بما لم تقم به البلديات الكبرى. وهو ما جعل المواطنين في مدن قصر هلال والمكنين والمنستير وطبلبة والبقالطة وغيرها يطالبون المسؤولين في جهاتهم بالاقتداء بعمل البلديات الصغرى خاصة أن الأنهج العتيقة أو (الأحياء العربي) منتشرة بكثرة ويمكن إبراز مواطن الجمال فيها واستغلالها لتكون مسالك سياحية تبرز خصوصيات كل مدينة وتكشف عن موروثها الحضاري.