الدكتور احمد البارودي كتاب فيه أسس الدين ونظم الحياة وحميد الاخلاق ومرضي التقاليد داوى النفوس وهذب الطباع والف بين القلوب ووحد الصفوف وانقذ من كان على شفا حفرة من النار شع نوره في ارض قفر وبواد غير ذي زرع في بلد تشح فيه موارد الرزق وتضيق طرائق الكسب تحكمه اعراف بالية وتشيع فيه بوائق منكرة وترهقه غارات متلاحقة وفي امة امية لا علم عندها سوى فن الادب والشعر والانساب وشيء من معرفة حركات النجوم لتهتدي بها في ظلمات البر « وعلامات وبالنجم هم يهتدون « النحل 16 . ولا دين صحيح لديها غير آثار من الحنيفية السمحة امتدت جذورها الى الدعوة المحمدية التي غيرت حال الامة السيئ الى أحسن حال معايش وقيما فاخصب عيشها بعد محل وزكت عقيدتها بعد جهل واستقامت سبيلها بعد عوج وأمنت بعد خوف وظهر دينها دين الحق على الدين كله « ان الدين عند الله الإسلام « آل عمران 19 . ثم سرى نوره في أقطار الأرض مشارقها ومغاربها فأنشأ أمة قوية تهابها الأمم ويخشاها الأعداء وتجبى اليها ثمرات الأرض سادت زمنا طويلا حين كان القرآن الكريم منهجا والسنة الشريفة سندها فها هو الخليفة هارون الرشيد يتباهى بسعة ملكه وعظمة سلطانه يخاطب سحابة عابرة من احدى شرفات قصره قائلا ما معناه : اذهبي حيث شئت فلن تبرحي ملكي وأمطري حيث شئت فخراجك سيأتيني ( روائع الطنطاوي ، اختيار وجمع واعداد إبراهيم مضواح الالمعي 121) والخليفة المعتصم بالله يوقد نارا للحرب تلبية لاستغاثة امرأة مسلمة اسرها الروم صاحت وامعتصماه فلم تنطف الحرب الا بعد ان هزم الروم أسوأ هزيمة وخلص المرأة من اسرها . فتحت راية القران أنجد المستغيث وحمي الضعيف ونصر المظلوم وأقيم الدين وبعز القرآن عز المسلمون وبهجره ذلوا كحالهم اليوم وقد تداعت الأمم عليهم من كل حدب وصوب وأضرمت الفتن بينهم فصار بأسهم بينهم شديدا تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى وأصبحوا عاجزين عن حماية أوطانهم وحراسة دينهم ونصرة إخوانهم المضطهدين في فلسطين المجاهدة التي تستصرخ ولا مصرخ وبخاصة غزة المحاصرة الصامدة التي تقدم الشهيد تلو الشهيد والجريح اثر الجريح وقد اعياها ايقاظ الرقود وغيرها من بلاد العرب والإسلام التي تقطع اوصالها وتنتقص من أطرافها لا لقلة عددهم فهم كثير ولكنهم غثاء كغثاء السيل كما انبأ بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم « يوشك الأمم ان تداعى عليكم كما تداعى الأكلة الى قصعتها « قال قائل « ومن قلة نحن يومئذ « قال « بل انتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدوركم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن « فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن قال « حب الدنيا وكراهة الموت « . يتبع