منذ أسبوع تتواصل موجة الحر القوية في مختلف مناطق البلاد لتتجاوز درجات الحرارة 6 و10 درجات المعدلات العادية لشهر أوت. وضع جوي صعب يتزامن مع فترة تنقلات الآلاف من التونسيين بين الجهات لقضاء عطلة عيد الأضحى الأمر الذي يطرح الحاجة الى توصيات وقائية لتفادي أضرار موجة الحر أثناء التنقل وأثناء المرور بمناطق الحر الشديد. تونس «الشروق» بشّر المعهد الوطني للرصد الجوي التونسيين في نشرة صباحية يوم امس بانخفاض في درجات الحرارة بداية من اليوم الخميس على ان يكون طقس العيد اقلّ حرارة واستقرارا في الأوضاع الجوية. ومن المتوقع أن تفرز موجة الحر التي مرت بها البلاد ظهور أمطار رعدية خاصة في المناطق الغربية وفقا لمعطيات من المعهد الوطني للرصد الجوي. طقس العيد يشهد طقس اليوم انخفاضا طفيفا في درجات الحرارة في المناطق الساحلية للشمال والوسط. وتتراوح الحرارة القصوى بين 34 و38 درجة في المناطق الساحلية و39 و45 درجة في بقية الجهات. وتصل الى 48 درجة بالجنوب الغربي مع ظهور الشهيلي. ويكون البحر مضطربا بالسواحل الشرقية وقليل الاضطراب بالشمال. كما يشهد ظهور سحب قليلة تتكاثف بعد الظهر بالمناطق الغربية مع امطار متفرقة ومؤقتا رعدية. وتشمل تدريجيا بعض المناطق الشرقية. ويكون اتجاه الريح من القطاع الشمالي بالشمال والوسط ومن القطاع الغربي بالجنوب قويا نسبيا قرب السواحل وضعيفا فمعتدلا ببقية المناطق. أما يوم الغد الجمعة فسيشهد بدوره انخفاضا نسبيا في درجات الحرارة لتتراوح الحرارة القصوى بين 32 و36 درجة بالمناطق الساحلية وبين 36 و40 درجة داخل البلاد. وتصل الى 44 درجة بمناطق الجنوب الغربي. وسيتواصل هبوب الرياح من القطاع الشمالي بالشمال والوسط ومن القطاع الشرقي بالجنوب وتكون قوية نسبيا قرب السواحل الشرقية فضعيفة ومعتدلة ببقية المناطق. ويكون طقس الجمعة قليل السحب في كامل البلاد .وسيكون البحر مضطربا بالسواحل الشرقية وقليل الاضطراب بالشمال. وسيكون طقس يوم السبت، يوم عرفة، مستقرا على مستوى درجات الحرارة. وسيكون البحر مضطربا مع ظهور بعض السحب بأغلب المناطق وستكون الريح من القطاع الشمالي قوية نسبيا قرب السواحل وداخل البلاد وذلك وفقا للتوقعات الجوية الصادرة عن المعهد الوطني للرصد الجوي. ومن المتوقع ان تنقشع موجة الحر خلال فترة العيد. وقاية موجة الحر التي تمرّ بها البلاد والتي يُطلق عليها فنيو المعهد الوطني للرصد الجوي تسمية ارتفاع في درجات الحرارة سجّلت مستويات قياسية بلغت مستوى 47 درجة في الظل. وقد بلغت درجات الحرارة عند زوال أمس معدل 46 درجة في جندوبة و45 درجة بباجة و44 درجة بالقيروان و43 درجة بزغوان والمنستير وسيدي بوزيد والبرمة و42 درجة في الجنوب و41 درجة في تونسقرطاج. وكان المعهد الوطني للرصد الجوي قد اكد ان درجات الحرارة ستتواصل في مستويات مرتفعة متجاوزة سقف الأربعين درجة مع ظهور الشهيلي بأغلب الجهات وتسجيل أعلى الأرقام في توزر وقبلي (47 درجة). كما ان نسب الرطوبة العالية ستعمّق من الإحساس بموجة الحر. وأكد المعهد أن «انخفاضا في درجات الحرارة منتظرا اليوم الخميس في مناطق الشمال والوسط على ان يشمل جنوب البلاد. ويتواصل خلال نهاية الأسبوع» أي انخفاض في درجات الحرارة في كامل مناطق البلاد خلال فترة العيد. وتُعرف موجة الحر التي تمر بها البلاد في التقويم الفلاحي بأنه «أوِسُّو» وهي فترة صيفية تمتد حوالي 15 يوما. وتبدأ من 25 جويلية ويكون الطقس فيها شديد الحرارة. وللتونسيين عادات وقناعات تخصّ أوسّو من ذلك السباحة مدة 7 أيام في البحر باعتبارها مسألة تدعّم مناعة الجسم و»صحّة صافية» على حد قول كبارنا. ويجد الكثير من العمال التونسيين أنفسهم مجبرين على العمل ساعات طوالا أثناء موجة الحر التي تفوق 50 درجة خارج الظل الأمر الذي يتطلب ضرورة اتخاذ إجراءات وقائية لحمايتهم من ضربة الشمس من ذلك تزويدهم بأغطية واقية للرأس وكذلك ارتداء ملابس خفيفة بألوان باردة وشرب كميات كافية من الماء تتجاوز اللترين يوميا. ويشير أخصائيو الصحة الى مؤشرات عن التعرض لضربة الشمس ومنها جفاف الجسم والشعور بخفقان وارتفاع عدد ضربات القلب وتشنجات عصبية وشعور بالتعب والإعياء وضعف النبض والتنفس غير المنتظم وضيق في حدقة العين والقيء والاسهال والغثيان أحيانا مع ندرة في إفراز البول. وقد يصل الامر الى حد فقدان الوعي والإغماء. ولتجنب مثل هذه الحالات لابد من التوقّي من أشعة الشمس خاصة خلال الفترة الزمنية الممتدة بين الساعة الحادية عشرة صباحا والرابعة بعد الزوال. يوسف صالح حلمي (باحث ليبي في العادات والتقاليد) «أوسّو» ذو منافع صحيّة تونس /الشروق (منقول) يقول الباحث الليبي يوسف صالح حلمي إنّ أوسّو هو كلمة أمازيغية الأصل. وتتكون من كلمتين وهي «أوي» بمعنى خذ و»سو» بمعنى عملية الشراب خاصة ان في هذا الموسم القائظ عالي الرطوبة يفقد الانسان فيها الكثير من السوائل والاملاح. وهو ما يترافق مع أعمال انهاء الزراعة والفلاحة وهي المهن الرئيسية لمعظم سكان المنطقة قديما وحديثا. وعليه يذهب الناس الى البحر في الصباح الباكر قبل شروق الشمس لتجنب حرارتها العالية في اثناء النهار. ويعتقد هؤلاء بحسب الباحث أن عملية الاستشفاء هذه صالحة ونافعة لعلاج العديد من الأمراض مثل الروماتيزم وغيرها. ثم يعودون الى منازلهم لتناول وجبة الإفطار. وهي عبارة عن أكلة العصيدة (اوتشو دوديّ) بزيت الزيتون (اودي امزمور) مع مسحوق الحلبة (تيفيضاص) مع كوب من حليب الماعز. ويعتبر زيت الزيتون في هذا الموسم من أهم الأغذية التي يفرطون في تناولها وطلاء أجسادهم به للأسباب التي سبق ان شرحناها، حسب الباحث. ويوجد قول مأثور متداول «زيتك ما دسّو...» أي الحث على تناول زيت الزيتون وعدم التعرض الى الإجهاد الجسدي بجميع أنواعه. كما أن نهاية هذا الموسم تترافق مع فصل الخريف الذي يستعد فيه الأهالي لحراثة الأرض وبدء الموسم الفلاحي. كما يقول الباحث إنه من حيث المعتقد العقائدي المتوارث عن الاسلاف القدامى فإن البحر له قدسية تعود الى العبادات القديمة للامازيغ. ومن ضمن تلك المعبودات آلهة البحر «بوسايدون» وبما ان هذا الموسم موسم «اوسّو» موسم بحري بحت لارتباطه بالبحر. وكلمة «بو» بالامازيغية عند التبو تعني الكبير و»سو» مشتقة من الماء وعملية الشراب أي الماء الكبير والعظيم (البحر). ومن تحليل كافة تلك الظروف المتزامنة مع موسم «اوسّو» نجد، وفقا للباحث دائما، ان كل عوامل الاستشفاء ملائمة وهي: الراحة من اعمال الفلاحة واكل العنب والتين والاستيقاظ المبكر والسباحة في البحر الدافئ ووجبة الإفطار الصحية المتكونة من مواد غذائية ممتازة وخصوصا زيت الزيتون ومادة الحلبة وحليب الماعز. ومن المعتقدات أيضا أن مياه البحار تذهب السحر وكفيلة بإزالة النجاسات والبؤس والنحس.