طرح قرار إقالة وزيري الدفاع الوطني والشؤون الخارجية وكاتب الدولة للديبلوماسية الاقتصادية جملة من التساؤلات لدى الرأي العام خاصة حول أسبابه وتوقيته وأيضا حول ما قد يترتب عنه من تبعات في علاقة بالسير العادي لدواليب الدولة. تونس (الشروق) قرّر رئيس الحكومة يوسف الشاهد أمس الثلاثاء 29 أكتوبر 2019، بعد التشاور مع رئيس الجمهورية قيس سعيّد إعفاء وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي ووزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي وكاتب الدولة للديبلوماسية الاقتصادية حاتم الفرجاني من مهامهم. هذا القرار الصادر عن رئاسة الحكومة طرح أمس عديد التساؤلات على عدة مستويات. توقيت؟ من حيث التوقيت، أثارت قرارات الإقالة جملة من التساؤلات. فالحكومة الحالية في آخر فترة عملها مع اقتراب تشكيل الحكومة الجديدة في ظل المشاورات الجارية منذ أيام بين النهضة، صاحبة الأغلبية البرلمانية المترتبة عن الانتخابات الأخيرة، وبقية الأطراف السياسية الفاعلة وأيضا رئيس الجمهورية. وهو ما دفع بالبعض إلى التساؤل لماذا لم ينتظر رئيس الحكومة يوسف الشاهد انتهاء عهدة حكومته وتشكيل الحكومة الجديدة التي ستتضمن بطبعها وزيرين جديدين للدفاع والخارجية. إرباك ؟ وقال متابعون إن ذلك من شأنه إرباك السير العادي لدواليب الدولة خلال الفترة الحالية خصوصا أن الأمر يتعلق بوزارتين سياديتين تهم الأولى الدفاع الوطني وما لذلك من علاقة بالأمن العام للبلاد وبالتهديدات الإرهابية وغيرها. وتهم الثانية الشؤون الخارجية وما لذلك من ارتباط بعلاقات تونس الخارجية خاصة في مثل هذه الفترة التي ينظر فيها العالم الى تونس بعد نجاحها في تأمين الاستحقاقين الانتخابيين. كما يطرح التساؤل نفسه أيضا في علاقة بالديبلوماسية الاقتصادية التي تحتاجها تونس اليوم أكثر من أي وقت مضى في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد خصوصا أنه لم يقع تعيين كاتب دولة جديد. دوافع وأسباب مباشرة بعد قرار الإقالة أورد بعض المتابعين جملة من الدوافع والأسباب التي قد تكون دفعت بالشاهد إلى اتخاذ هذا القرار بتزكية من رئيس الجمهورية قيس سعيّد. فهناك من ذكر أن الأمر يدخل في إطار تصفية حسابات سياسية وذلك خاصة بالنسبة الى وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي الذي شهدت علاقته بيوسف الشاهد في الفترة الأخيرة وخاصة منذ الحملة الانتخابية تدهورا ملحوظا. فالجميع يذكر ما حصل بين الرجلين عندما ترشحا للانتخابات الرئاسية من «حرب» تصريحات إعلامية أو عبر ال"فايسبوك" ذهبت الى حدّ تبادل اتهامات خطيرة. ويستحضر آخرون الغياب الأخير لوزير الدفاع عن حضور مجلس الوزراء الذي ترأسه يوسف الشاهد. وبالنسبة الى خميس الجهيناوي، يتحدث البعض أيضا عن تقلب في العلاقة بينه وبين الشاهد منذ فترة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي. فالجهيناوي كان محسوبا على الدائرة المقربة جدا من الباجي قائد السبسي الذي عينه في حكومته سنة 2011 كاتب دولة لدى وزير الخارجية، والشاهد كانت علاقته متقلبة بالباجي قائد السبسي في الفترة الأخيرة . ومن الطبيعي أن تكون لكل ذلك تبعاته على مستوى العلاقة الحالية بين مختلف الأطراف. وبالنسبة الى كاتب الدولة للديبلوماسية الاقتصادية حاتم الفرجاني فقد كان بدوره محسوبا على شق حافظ قائد السبسي داخل نداء تونس وذلك بالخصوص خلال فترة التقلب الشديد للعلاقة بين الشاهد وحافظ قائد السبسي والتي تواصلت حتى بعد تعيين الفرجاني كاتب دولة. الجهيناوي والتطبيع؟ كذلك هناك من فسّر إقالة خميس الجهيناوي (الذي يشغل خطة وزير للخارجية منذ 6 جانفي 2016 مع حكومة الحبيب الصيد) بالعلاقة التي بدت بدورها مهتزة بينه وبين رئيس الجمهورية قيس سعيّد منذ اليوم الأول لتولي هذا الأخير منصب رئاسة الجمهورية. وقد ربط البعض ذلك خاصة بالموقف الذي يحمله قيس سعيّد من التطبيع مع إسرائيل. وبما أن الجهيناوي كان خلال فترة حكم بن علي مديرا لمكتب تونس بتل أبيب من سنة 1996 إلى سنة 2000 فإن ذلك قد تكون له علاقة بتزكية قرار رئيس الحكومة إقالته علما ان الجهيناوي سبق أن صرح أن تلك الفترة التي قضاها على رأس ذلك المكتب في تل أبيب لا علاقة لها بموقفه من التطبيع. وقال إن ذلك كان بطلب من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في إطار جهود السلام المبذولة آنذاك. بين الجهيناوي وبالطبيب هناك من فسّر إقالة الجهيناوي أيضا بالقول إن من يقف وراءها هو المساعد الحالي لقيس سعيّد الذي من المنتظر أن يكون مدير ديوانه الرئاسي عبد الرؤوف بالطبيب الذي سبق أن اشتغل بوزارة الخارجية خلال السنوات الماضية. وتردد أن علاقته كانت متقلبة بالوزير خميس الجهيناوي لذلك دفع نحو إقالته. وكانت الخطوة الأولى منذ أمس الأول عندما لم تقع دعوة الجهيناوي الى حضور لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيّد بوزير الخارجية الألماني. وحضر عوضا عنه سفير تونس بطهران، وكذلك ما تردد أيضا منذ أول أمس عن تكليف كاتب الدولة للشؤون الخارجية بتمثيل تونسي تونسي في اجتماع الدول الفرنكوفونية يوم 30 أكتوبر الجاري بدل وزير الخارجية خميس الجهيناوي. وهو ما تقرر رسميا أمس علما أن تونس ستستلم رئاسة منظمة الفرنكوفونية للعام المقبل. بلاغ رئاسة الحكومة بعد التشاور مع رئيس الجمهورية قيس سعيّد وعملا بأحكام الفصل 92 و89 من الدستور، تعلم رئاسة الحكومة أنه تقرر: 1 - إعفاء وزير الدفاع الوطني السيد عبد الكريم الزبيدي من مهامه ويتولى السيد كريم الجموسي وزير العدل الحالي مهام وزارة الدفاع الوطني بالنيابة. 2 - إعفاء وزير الشؤون الخارجية السيد خميس الجهيناوي من مهامه وتكليف السيد صبري باشطبجي، كاتب الدولة بوزارة الشؤون الخارجية، بتسيير شؤون الوزارة طبقا لما تقتضيه النصوص القانونية الجاري بها العمل. 3 - إعفاء كاتب الدولة للديبلوماسية الاقتصادية السيد حاتم الفرجاني من مهامه.