يعود برج قليبية الى الفترة البونية من تاريخ تونس وعرفت القلعة حضارات متعاقبة منها الرومانية والبيزنطية والاسلامية والعثمانية. والزائر لقليبية ينبهر من بعيد بعظمة البرج وما أن يدخل القلعة يندهش لغياب أيّ أثرا يذكر الحياة التي كانت تسكنها منذ 2500 سنة! والتفسير بسيط جدا فبرج قليبية لم يحظ بحفريات وبحوث وكل ما حصل به هو اصلاح للسور الخارجي في أواخر السبعينات. تحركت جمعية قليبية للثقافة والفنون والتراث (كاب قليبية) وجمعيات أخرى في يوم مناصرة لبرج قليبية وتحصلت عريضة موجهة للسيد وزير الشؤون الثقافية على 1111 امضاء يطالب فيها المواطنون بإرساء لجنة علمية خاصة ببرج قليبية وبها منهجية التدخل العلمي والإداري لترميمه وكتابة تاريخه وتسلّم وزير الشؤون الثقافية وبمكتبه العريضة الممضاة يوم 4 أكتوبر 2018 من يدي رئيس «كاب قليبية». وفي ديسمبر 2018 أُحْدِثَتْ لجنة بلا مقرّر رسمي عملت أيام ثم اندثرت علما وأنّ جمعية قليبية للثقافة والفنون والتراث نبّهت وكتابيا المدير العام للمعهد الوطني للتراث بالمنهجية الصحيحة في احداث اللجان ولكن كالعادة لا تواصل بين المعهد والمجتمع المدني الذي يفضح ويكشف الانتهاكات والذي لا يعرف للمجاملة والتواطىء طريق. وأعلمت جمعية «كاب قليبية» مؤخرا في مراسلة رسميّة وزير الشؤون الثقافية بما حصل ولكن وكالعادة لاحول ولا قوّة له على ما يدور في أروقة المعهد الوطني للتراث.ما يعيشه برج قليبية هو حال كل المواقع الأثرية بقليبية التي تندثر من جراء اهمال وزارة الشؤون الثقافية وادارات الاختصاص التابعة لها والبلديات المتعاقبة وحتى المواطن ولعلّ وضعية المواقع الأثرية بالحروري ومنزل يحي والمنصورة وبئر النحال خير دليل على ما سبق سرده. إنّ وزير الشؤون الثقافية، والذي بادر بحذف «المحافظة على التراث» من تسميّة وزارة الشؤون الثقافية حال تولّيه مهامه، انتهج الجانب الاحتفالي والاستعراضي والمهرجانات كسياسة رسمية مدعمة بتمويل للموالين فاق العشرة مليون دينار وأخفق في الاهتمام بتراثنا وخيّر تظاهرات مؤقتة تمر أكثر إعلاميا وتمس حينيّا جماهير الفرجة ويجني ثمارها بالتعاطف والشكر والموالاة. هكذا تراثنا يهدر وتاريخنا يمحى في صمت مدوّي للجميع. السعدي دريدي («رئيس جمعية «كاب قليبية»)