تونس – الشروق: «هي المجاهدة والمثابرة والمطمئنة والمحذرة للشعب التونسي من مغبة الاستهتار بفيروس كورونا كوفيد – 19 الذي ضرب العالم وتفشى في تونس رغم كل المجهودات التي بذلت لمنع انتشاره. آلت على نفسها أن تصل الليل بالنهار, وأن تبتعد عن عائلتها وأولادها في سبيل الاضطلاع بمهمتها النبيلة والراقية وأن تعمل ما في وسعها لإنقاذ التونسيين من براثن الفيروس الوبائي القاتل, إنها الجميلة والشجاعة والمثابرة والحرة الدكتورة نصاف بن علية مديرة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة, التي عملت بكل جد واجتهاد على رأس خلية متابعة أزمة كورونا منذ جانفي الماضي. وتضاعف جهدها الذي وصل درجة الجهاد من اجل تأمين المعلومة الصحيحة للمواطنين ومدهم بتفاصيل ومستجدات الفيروس القاتل بعد انتشاره في تونس وطمأنتهم أيضا. عقدت عشرات الاجتماعات رفقة بقية أعضاء اللجنة المكونة من خيرة أطبائنا وأكفأهم, ظهرت عشرات المرات أمام الكامروات لتدلي بآخر أخبار الوباء القاتل بألق وتعب باد على وجهها وإرهاق تسلل إلى ملامحها الهادئة وهي تدعو المواطنين إلى التوقي من فيروس كورونا اللعين. الدكتورة نصاف بن علية الأم والزوجة والابنة والأخت تركت عائلتها لترابط في معسكر محاربة كورونا رفقة بقية زملائها من الاطارات الطبية وشبه الطبية فكانت واحدة من جنود الوغى وقائدة بارعة سلاحها علمها وثقافتها وأملها أيضا في وعي التونسيين, القادرين على هزم الفيروس القاتل, فكانت تراوح بين التحدث بنبرة الأمل في التغلب عليه وابتسامة خفيفة تعلو محياها وبين التحدث بنبرة فيها الكثير من الألم والمرارة مخنوقة بعبرات لم تدمع بها عينيها لكنها تظهر جلية في نبرات صوتها المتعب وهي تدعو التونسيين لأخذ الاحتياطات اللازمة وعدم الاستهتار بالحجر الصحي الشامل حتى لا نعيش السيناريو الايطالي والاسباني والامريكي لا قدر الله. «مازال بالامكان السيطرة على الوضع في حال التزام الجميع بالحجر الصحي» كلمات نطقتها خلال آخر ندوة صحفية فبدت الدكتورة نصاف بن علية أشبه بقائد حربي متمرس داخل ساحة المعركة, وفي خضم الحرب يخفي ظل عدوه الذي يحوم حوله وحول جنوده ليوقظ فيهم الأمل ويشحذ همهم ويشجعهم على مواصلة الحرب والانتصار على العدو الشرس. خطابها كان عفويا وصادقا ونابعا من الأعماق فكانت بمثابة الأم الحنون التي يرعبها أن يصاب أحد أبنائها بمكروه. ولم تكن مجرد طبيبة تؤدي دورها فقط بل كانت كملاك رحمة لا يتوانى عن تخفيف آلام الناس ومساعدتهم والعبور بهم إلى بر الأمان. الدكتورة نصاف بن علية حازت على إعجاب التونسيين ومحبتهم وأصبحت رمزا وأيقونة للمرأة التونسية والبورقيبية الحرة التي كانت وفية لمبادئها وصادقة في عملها, وأصبحت ملهمة للشعراء لنظم قصائد شعرية تتغنى بها ونذكر هنا الشاعر التونسي عمار الجماعي الذي كتب قصيدة مدحية في الدكتورة نصاف بن علية وهي كالاتي: يا واقفة فوق الحجر ياحرة شامخة رغم الظروف المرة يا شامخة في عزك موش الحجر تيرفعك ويهزّك وقت المعارك ع الصعيب يلزّك توقف وقفة الصقر حاكم برّه لا تتلعثمي لا تتركيه يدزّك ويرمي عليك من المصائب شرّه الوقت الصعيب يحزّ كيما حزّك وبنت الأصول تبان كيف الدرّه فيك شي من داخلنا ومشغول بالك زي ما تشغلنا رميت الحجر باش تنطق حناجرنا ولولاك رانا في الدرك وضرّه