لا أحد ينكر أن وباء الكورونا الذي تفشي في جميع أصقاع العالم ومنها تونس, غير العادات وبدل الاهتمامات وأثر بشكل أو بآخر في سلوكنا ونشاطنا اليومي واهتمامتنا. فكيف كان وقع الكورونا على أطفالنا وشبابنا؟ تونس – الشروق: مما لا شك فيه أن وباء الكورونا أثر في البشرية جمعاء وخاصة فئة الاطفال الذين وجدوا أنفسهم في حجر صحي يقيد تحركاتهم ويسجنهم في فضاءات مغلقة تتعارض مع طبيعتهم التي تتميز بالحركية والنشاط والحيوية.فتوقف الدروس منذ 12 مارس الماضي، وإقرار الحظر الصحي الشامل منذ يوم 22 مارس الماضي. جعل أطفالنا محبوسين داخل المنازل. ومع تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا وما رافق تفشي الفيروس من مخاوف وفوبيا أرهقت الأعصاب ودمرت النفسيات وفي ظل غياب وسائل ترفيه اعتاد عليها الطفل التونسي كالرياضة المدرسية ورياض الاطفال وغيرها، وجد الطفل التونسي نفسه محاصرا داخل اسوار المنزل يبحث عن بديل ترفيهي يسلي به نفسه ويشغل به وقته فلا يجد سوى الصور المتحركة على جهاز التلفاز او الالعاب الإلكترونية فأصبح بين مطرقة الكورونا الخانقة للأنفاس والتي حرمتهم من الدراسة والنشاط واللعب بكل حرية وسندان أجهزة الهواتف المحمولة والتابلات و»البلاي ستايشن» التي ستأثر على سلوكاتهم وعلى صحتهم آجلا أم عاجلا. ومن هنا كان لا بد من ايجاد بعض الحلول لانقاذ أطفالنا من القلق النفسي والتوتر العصبي خلال الفترة المتبقية من الحظر الصحي والبحث عن البدائل الترفيهية التي من الممكن توفيرها لاطفالنا لتخليصهم من قلق الحجر الصحي. الدكتور عبد الرزاق بوشهدة طبيب وخبير في الصحة والتنمية المستمرة أشار إلى أن هناك طرق متعددة لتخليص أطفالنا من الإدمان على الألعاب الالكترونية, مقترحات لتجاوز هذه المرحلة ويرى أنه لا بد من اجتهاد الأولياء لإيجاد بدائل ترفيهية لتلك التي كان الطفل يتمتع بها خلال الأيام العادية. وعلى العائلة إرشاد أبنائهم لكيفية التعامل الصحيح مع الألعاب الإلكترونية وإيجاد بدائل مفيدة لهم وهنا يمكننا أن نقول: عوضا عن المنع البات وحرمان الأبناء من الألعاب الالكترونية يجب أن يشارك الآباء أبناؤهم ألعابهم ويوجهونهم لاختيار الألعاب السليمة التي تتماشى مع أعمارهم ولا يترب عليها أضرارا نفسية واجتماعية وسلوكية. ومن البدائل الترفيهية للأطفال هي ابتكار أنشطة اجتماعية كالترغيب في المطالعة وتشجيع الأطفال على ممارسة هواياتهم كالرسم والموسيقى, والقيام ببعض الأنشطة الأخرى كغراسة الأشجار والورود وتربية العصافير, وإرشادهم لمتابعة برامج تلفزية مفيدة كالبرامج الوثائقية والطبية التي تمنحهم فرصة التعلم والتثقيف. كما يمكن تكليفهم ببعض الأعمال المنزلية والمشاركة فيها مثل النظافة والطبخ وإيجاد حلول لصيانة بعض التجهيزات المنزلية وتغيير ديكور المنزل أو الاعتناء بزهور الحديقة ... هذه الأنشطة يمكن أن تمكن الطفل من إبداء رأيه ودعم ثقته بنفسه. كما أن البديل الأهم هو ضرورة استعداد العائلة لقضاء أكثر ما يمكن من الوقت مع أبنائهم والجلوس والحوار معهم من خلال دعوتهم للتفكير في حلول لبعض المشاكل اليومية وكيفية تجاوزها أو من خلال ألعاب فكرية تنافسية يشارك فيها الآباء والأبناء... وعلى الأولياء الاهتمام أكثر بمسألة البدائل الترفيهية للاطفال خلال فترة الحجر الصحي الشامل لمساعدة أبنائهم على تجاوز هذه الفترة العصيبة واستغلالها بشكل ايجابي بدل أن تكون مناسبة لتدمير نفسياتهم وتحويلهم إلى مدمنين على الألعاب الالكترونية التي لها انعكاسات خطيرة على سلوكاتهم وصحتهم الجسدية والنفسية. ابداعات شبابية زمن الكورونا لئن ساهمت الكورونا في ادمان الاطفال الصغار على الألعاب الالكترونية فإن فئة من شباب تونس استغلت هذا الوباء في الاتجاه الايجابي وحولته إلى فرصة ثمينة لتطوير المهارات والهوايات. وهو ما لمسناه في شباب دار الشباب برطال حيدر بمنوبة على سبيل المثال. «الشروق» كان لها لقاء مع مريم الغيضاوي مديرة دار الشباب برطال حيدر بمنوبة لتحدثنا عن نشاط هذه الدار ونشاط شبابها, فأشارت إلى أنه وقع تنظيم دورة تكوينية افتراضية بعنوان « كيف أكون رائد أعمال ناجح؟» وخص هذا التكوين متابعيه من الشبان بمحاور مدارها كيف تستثمر فترة الحظر الصحي؟ الى جانب تقديم ريادة الاعمال وسبب تناولها في الوقت الراهن وتسليط الضوء على أهم مجالات الاستثمار وبحث سبل الانطلاق «من الصفر» باقل ما يمكن من المخاطر. ومن أهداف هذه الدورة كما بينت لنا السيدة مريم الغيضاوي مديرة دار الشباب نذكر السعي إلى التخفيف من حالة الاحباط التي يعيشها بعض الشبان لاستفحال أزمة البطالة وفقدانهم لمواطن شغلهم بسبب جائحة الكورونا وضخ جرعة من الامل بفتح أفاق تشغيل ممكنة من خلال الانتصاب للحساب الخاص. الى جانب تذليل الصعوبات التي يمكن أن تعترضهم بمسار بحثهم عن سبل تأسيس مشاريع خاصة بهم ومرافقتهم في مختلف المراحل. وأضافت مديرة دار الشباب أنه ومنذ اندلاع أزمة الكورونا واغلاق سلطة الاشراف لدور الشباب ، عمدت دار الشباب برطال حيدر الى تحويل نشاطهاعلى الشبكة الالكترونية من خلال برنامج تضمن ومضات توعوية وتحسيسية حول كوفيد 19 وأخرى لبث رسائل ايجابية الى جانب ابداعات غنائية شبابية وأنشطة ترفيهية ورياضية . ولم تثن جائحة كورونا دار الشباب برطال حيدر على مواصلة تنفيذ الرؤية القطاعية للشباب وتنفيذ اتفاقيات الشراكة المبرمة مع بعض المنظمات والجمعيات من خلال العمل الشبكي ومشاريع الشراكة التي جمعتها افتراضيا بالجامعة التونسية للبيزبول والسفتبول ودار الشباب الكرم وجمعية التثقيف الاسري وذلك لملامسة أكثر عدد من الشبان وتأطيرهم وان كان افتراضيا. وبينت مريم غيضاوي مديرة دار الشباب برطال حيدر أنه بالاستناد الى لغة الارقام وعدد مشاهدات الومضات والفيديوهات المنجزة منذ ادلاع جائحة كورونا على صفحة المؤسسة يمكن القول أن التواصل مع الشباب عبر النات قد أثبت نجاعته من خلال سلاسة وصول الرسالة الى الشبان حيث تصل عدد المشاهدات في اليوم الى حدود ألف مشاهدة وهذا ما لا يمكن تحقيقه في التواصل المباشر نظرا لخصوصية الفضاءات بالمؤسسات الشبابية. وأوضحت أن الحظر الصحي جعل الشباب يلازمون المنزل ويرابطون حول النات فاكتشفوا مواهب وابداعات كانت كامنة في نفوسهم من غناء ورسم وشعر وكانوا سعداء جدا وهم يفصحون بها على صفحة دار الشباب برطال حيدر . وخلصت الى أنه وبالاستناد الى هذه التجربة يفترض على سلطة الاشراف أن تفكر في دار شباب الكترونية maisons de jeunesenligne على غرار دور الشباب المتنقلة ووحدات تنشيط الاحياء للإحاطة بالشبان في ظل ما يشهده العالم من سلطة الكترونية على العقول .