افتتح أمس رئيس الحكومة هشام المشيشي مجلس الوزراء بكلمة موجهة بوضوح إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي أمعن في التدخل في صلاحيات رئيس الحكومة وتعمّد تجاوزه والمس من رمزيته وقد تكررت هذه الحالات التي استهدف فيها سعيد رئيس الحكومة الذي اختاره هشام المشيشي مما دفع هذا الأخير أمس إلى الرد بوضوح على هذا المسار الذي اختاره سعيد منذ الإعلان عن الحكومة الجديدة وقد كانت البداية بفرض وزير الثقافة وليد الزيدي الذي عزله المشيشي لكن سعيد استقبله في ذات اليوم وثبته بل هاجم كل الذين تحفظوا على تعيينه متهما إياهم بأنهم عميان البصر والبصيرة! سعيد لم يتوقف عند وزير الثقافة فقط بل دأب على استقبال بعض الوزراء وتوجيه التعليمات لهم ولم يسلم من هذا حتى المشيشي نفسه عندما استقبله سعيد ووجه له خطاب لوم وتقريض على تعيين مستشارين له - عينهم الفايس بوك َولا يوجد أي تعيين رسمي - رغم أن تعيين المستشارين من تصميم صلاحياته. لقد تحول قيس سعيد الذي يفترض أنه رئيس كل التونسيين إلى عنصر توتر في الشارع التونسي بخطابه التحريضي الذي لم يتوقف عنه منذ الحملة الانتخابية قبل عام ففي الوقت الذي ينتظر فيه الشارع التونسي خطاب المصالحة الوطنية وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء من الرئيس الذي يفترض أنه أكبر من كل الخلافات ومترفع عن الصغائر يقدم لنا نموذجا من أسوأ ألوان الثورجية والشعبوية حتى أصبح أغلب المواطنين يتمنون لو يصمت هذا الرئيس! إن ما تعانيه تونس اليوم ليس وباء كورونا الذي انتشر إلى الحد الذي يهدد البلاد بكارثة صحية في غياب الإمكانيات بل كورونا السياسية التي تفتك منذ عشر سنوات بأحلام التونسيين في التنمية والاستقرار فالخلافات بين الرؤساء الثلاثة تتعمق كل يوم والهوة بين الشعب الغارق في مشاكله اليومية تزداد كل يوم حدة فيما يواصل أعضاء مجلس النواب صراعاتهم العبثية وأمام هذا المشهد المؤسف تنتظر تونس الخلاص الذي يبدو أنه يحتاج إلى معجزة فأرحموا تونس أيها السياسيين وخاصة الذين في الحكم! نورالدين بالطيب