وزير التربية: خطة وطنية لتأهيل البنية التحتية التربوية وتعميم التعليم العصري    القطاع السياحي ينتعش: تونس تتوقع موسمًا سياحيًا واعدًا يتجاوز أرقام 2024    عاجل/ وزارة التعليم العالي تحذّر من بلاغات كاذبة حول التوجيه الجامعي..    للناجحين في البكالوريا: هكذا تكتشفون صيغتكم الإجمالية عبر الإرساليات القصيرة    مباراة ودية: النادي الصفاقسي يفوز على نجم المتلوي 4-1    ديوان الحبوب يؤكد عدم تسجيل أضرار في الحبوب المجمّعة جراء الأمطار الأخيرة    مدنين: إخماد حريق اندلع بسوق الملابس المستعملة بمدينة مدنين دون تسجيل أضرار بشرية    لقاء تونسي - جنوب إفريقي لدعم التعاون الصحّي والابتكار في إفريقيا    وزير الداخلية : "الوضع الأمني مستقر.. والدولة تخوض حربا ضد أباطرة المخدرات    لحظة مذهلة في مكة: تعامد الشمس على الكعبة وتحديد دقيق للقبلة    شركة نقل تونس: استئناف الجولان على الخط الحديدي تونس-حلق الوادي-المرسى على المسلكين    منوبة: وفاة زوجين وطفلهما في انقلاب شاحنة خضر    وفاة مقدم البرامج والمنتج الفرنسي الشهير تييري أرديسون عن 76 عاماً    أسبوع الأبواب المفتوحة : وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية تصغي للتونسيين المقيمين بالخارج المهتمين بالاستثمار في الفلاحة    عاجل/ حجز كميات هامة من اللحوم والمواد الغذائية الفاسدة بهذه الولاية    القصرين: تقدّم موسم حصاد الحبوب بالجهة بنسبة 76 بالمائة    عاجل/ ترامب يُمهل بوتين 50 يوما لإنهاء الحرب    عملية تغيير مسار المعدة تُنهي حياة مؤثّرة شهيرة على "تيك توك".. #خبر_عاجل    موسم الصولد الصيفي على الأبواب...والتخفيضات تصل إلى 60    حرب على التهريب: حجز بضائع بأكثر من 115 مليار في 6 أشهر فقط!    ب360 مليون؟ أجر نجوى كرم في قرطاج يصدم الفنانين و إدارة المهرجان توضح !    من الكاف إلى دبي: توأم التحدي بيسان وبيلسان يسطع نجمهما في تحدي القراءة العربي!    قبل حفلتها في قرطاج : لطيفة العرفاوي توجه رسالة لجمهورها    عاطف بن حسين يعلن عن مسرحية سياسية ساخرة بعنوان "الديكتاتور" تروي أحداث "العشرية السوداء"    فيلم ''سوبرمان الجديد'' يعمل البوليميك قبل مايتعرض...شنوا صاير ؟    السيسي يصدر عفوا رئاسيا عن اسم الرئيس السابق حسني مبارك    شمس الصيف تقلّقك؟ هاو كيفاش تحمي تليفونك وتستعملو بلا مشاكل!    7 عادات صباحية بسيطة... تغيّر حياتك من أول أسبوع!    تحسّ بحاجة تصعقك كي الضو في يدك ولا ساقك؟ هاو التفسير الطبّي    تسوق في السخانة؟ ما تخرجش قبل ما تقرا هالكلام!    عاجل/ هكذا أثّرت الأحوال الجوية على إنتاج الأسماك وأسعارها    62 بالمائة من الجالية التونسية بالخارج تهتم بشراء العقارات    أيام قرطاج المسرحية: متى يعلن عن موعد الدورة الجديدة ؟    تونس تشارك في بطولة افريقيا للكاراتي ب 10 عناصر (المدير الفني الوطني)    الدورة 30 من مهرجان الياسمين برادس من 20 جويلية إلى 15 أوت 2025    الدورة السادسة لمهرجان الفل والياسمين من 13 الى 16 أوت المقبل بمدينة الحمامات    نادي كرة اليد بقصور الساف: "البوزيدي" يرأس الهيئة التسييرية    سينر يطيح بألكاراز ويحرز لقب بطولة ويمبلدون للتنس    تسجيل إضطراب وانقطاع في توزيع مياه الشرب بالمناطق العليا من سيدي بوزيد وضواحيها الإثنين    قفصة: بلدية السند تتحصّل على جائزة أنظف بلدية لسنة 2025 على المستوى الوطني    وزير الداخلية السوري يكشف السبب الرئيسي وراء أحداث السويداء    استشهاد صحفيين اثنين في قصف للاحتلال الصهيوني على قطاع غزة..#خبر_عاجل    الحماية المدنية : 137 تدخلا لإطفاء الحرائق في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة    وزير التربية: قبول الحاصلين على معدل 14 من 20 فما فوق لدخول الإعداديات النموذجية    عاجل/ فاجعة جديدة في شاطئ سليمان..وهذه التفاصيل..    عاجل/ منح وإجازات وتوقيت عمل خاص.. تفاصيل مقترح قانون يهمّ الأم العاملة..    المنتخب الوطني للجيدو يتحول إلى أنغولا للمشاركة في بطولة إفريقيا    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المركز 71 عالميا    طقس اليوم: الحرارة تصل الى 46 درجة مع ظهور الشهيلي ٍ    مونديال الأندية : الإنقليزي كول بالمر يتوج بجائزة أفضل لاعب    توفيق مجيد: الكفاءات التونسية في الخارج ليست بحاجة ل"ياسمين" بل إلى اعتبار ودور فاعل في الإصلاح    يشمل قرابة مليون تونسي .. مقترح قانون لتسوية الوضعية العقارية للأحياء الشعبية العشوائية    لقطة طريفة.. ترامب يكسر البروتوكول على منصة تتويج تشيلسي بلقب كأس العالم للأندية    أعلام من بلادي: عزيزة عثمانة .. أميرة الورع والخير    تاريخ الخيانات السياسية (14): القصر لساكنه..    مع الشروق : مهرجانات بلا سياقات    تاريخ الخيانات السياسية (13) ...الحجّاج يخشى غدر يزيد    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الواقعية... منهجا في الكتابة
نشر في الشروق يوم 03 - 01 - 2021

و مثل هذه الأحكام العامة و المسقطة والتي ذكرناها في الجزء الثاني من هذه الدراسة ، أرى أنها تسيء إلى العمل كثيرًا ، فمن أدرانا مثلًا أن هذه الظّاهرة خاصّة بالشّرق دون غيره من المجتمعات؟ بل شعرت كقارئ، أن هذا الحكم يعود إلى قناعات الكاتب و لا صلة له أساسًا مع تركيبة الشّخصيات السّردية في الرواية، والتي كانت ملامحها و تركيبتها متنوّرة بالعلم و الحداثة و الثّقافة. بل إنها كانت متصالحة مع أصولها، و غير مستعدة لجلد الذّات الذي عبرت عنه هذه الجملة التي شعرت أنها مسقطة دون تبريرات كافية . كما لم تخل أحداث الرواية من مواقف مبطّنة، جاءت لتضفي عليها صفة محاكاة الواقع، حيث نقرأ مثلًا ذاك الرأي الذي جاء على لسان أحد داعشي تونس: " ...الحقيقة أنّنا كنّا منقسمين بين الجهاد على أرض تونس و بين الجهاد في أيّ رقعة أخرى من أرض الإسلام. " (ص49)
و من خلال هذه النماذج و غيرها من الإشارات المبطّنة، يلاحظ القارئ معي بأن أسلوب الواقعية لم يغب أبدًا و هذا ما أعطى للأحداث تشويقًا أكبر و إمكانيات تأويلات مختلفة و متعددة، رغم تدخّلات الكاتب المجانية في بعض الأحيان. وحتى أكون موضوعيًا في قراءتي للرواية ، أرى أنه من واجبي الإشارة إلى بعض الملاحظات علّني بذلك أتوصّل إلى جلب انتباه الكاتب لتفاديها مستقبلًا ، حتّى و إن حصل ذلك في أعماله الإبداعية القادمة. وفي هذا المجال أشير مثلًا إلى تلك الجولة التي قامت بها (سيمون/مريم) في مسرح المعركة أو المجزرة التي نفّذتها الدّواعش مع التّأكيد على الإحساس بالرّعب الّذي أصاب مريم بسبب قطع الرّؤوس الآدمية ببرود أمامها، ثمّ نجدها و بعد عودتها إلى النّزل مباشرة تقول : " ... ما إن وصلنا إلى دار الإقامة حتّى اندفعت مسرعة إلى المطعم، أكلت بنهم و رغبة و كأنّني لم آكل من قبل،... "(ص 86) . فقد شعرت أنّ الأمر لا يستقيم مع ملامح شخصية مريم الرّقيقة و المقبلة على متع الحياة بإحساس الفنّان المرهف. فالحالة النفسية لشخصيتها لم تكن تسمح لنا كقرّاء بقبول فكرة إقبالها على الأكل بنهم و رغبة في تلك الأوضاع النفسية على الأقل. و ما زاد في قناعتي هذه ، هو ذاك الاستدراك الذي اختاره الكاتب للأحداث، حيث كتب على لسان مريم، و في آخر جملة من نفس الفقرة : " ...أخذت حمّاما دافئا، و ارتميت على السّرير أنظر في أنحاء الغرفة، غارقة في التأمّل، مدهوشة و مخطوفة، أكاد أتقيّأ ما تناولته من أكل. " (ص86) ومن وجهة نظري كقارئ طبعًا ، أرى أنّه كان من الأسلم الاستغناء عن الجملة الأولى في الفقرة، لأن الإحساس الطّبيعي للشّخصية، كان يتطلّب البحث عن الرّاحة و الاسترخاء. و حتّى تكون ملاحظتي مبرّرة، أشير مثلًا إلى بعض الأوصاف التي قدّمتها الأحداث لشخصية مريم. فنقرأ مثلًا: "....سيمون الفتاة اللّندنيّة المدلّلة في أسرتها و التي تحظى بالاحترام والتّقدير في عملها. (ص109) أو نقرأ بعد ذلك أيضًا:" ...لكم كانت مقبلة على الحياة و منجذبة إلى الفنون التّشكيليّة والسّينما و المسرح و الأدب! سيمون الآن منشطرة إلى نصفين. "(ص109).
كما لا يفوتني و في نفس هذا السّياق ، إقدام سيمون على قراءة الشّعر و الحال أنّ وضعها النّفسي في الأحداث لم يكن يسمح بذلك. من ذلك مثلًا انغماسها في مطالعة قصيدة سعاد الصباح عن العراق في الصّفحة الثّالثة و الثّمانين بعد المائة.وأستغلّ هذه الفرصة، لأشير إلى تلك الملاحظة الشّكلية و التي أظن أنها وقعت سهوًا ، حيث يدقّق في ذكر اليوم و التّاريخ و الشّهر و السّنة ليقع في الخطء. فيدقّق الكاتب قائلًا: "وحاولنا النّوم في انتظار السّاعة الخامسة فجرا من يوم غد الأحد الموافق للخامس عشر من شهر نوفمبر 2016. " (ص 187)
ثمّ نقرأ في مستهلّ الفصل السّابع عشر من الرّواية: " ...استيقظنا صباح الأربعاء الموافق ل17 نوفمبر 2016 "(ص 195 )فإن كان الأحد هو الخامس عشر، فالسّابع عشر لن يكون إلّا يوم الثّلاثاء من نفس السّنة و على الكاتب التّثبّت من صحّة المعلومة، أو هكذا أرى الأمر. أما أهم مقطع شعرت أنّه كان مسقطًا و غير مبرر بما فيه الكفاية، فهو طبعًا حضور محمد بوحوش الشّخصية الحدثية في الرواية، و إطنابها في البوح بذاك الخطاب الأيديولوجي في حضرة شخصيات ثبت انتماؤهم إلى جهاز المخابرات البريطانية، فرجال المخابرات هم أقل الناس كلامًا ، و لم تقدّم لنا الأحداث المبرّرات الكافية لإرغامهم على سماع ذاك الخطاب المباشر.
و مع ذلك أشير إلى أنّ رواية " تحت سماء تحترق" تستحق أكثر من قراءة، و حسبي في هذا المجال الإشارة إلى أهميتها لدفع النّاس إلى مطالعتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.