بالصفقة التي انطلقت تونس في إبرامها مع روسيا للحصول على لقاح سبوتنيكv، بدا واضحا أن الجهات الصحية الرسمية التونسية حسمت أمرها في "لقاح الحياة " الذي من المنتظر أن يكون بيننا خلال شهر فيفري المقبل من روسيا الاتحادية مع ما ستتحصل عليه من منظمة الصحة العالمية من خلال مبادرة "كوفاكس" . هذه الصفقة السريعة والمفاجئة للرأي العام التونسي، سبقها بيومين تقريبا تصريح لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات بروفيسور عبد الرحمان بن بوزيد لقناة "روسيا اليوم "، قال فيه إن بلده سيدرس الطلب التونسي لاقتسام لقاح سبوتنيكv المضاد لفيروس كورونا، مضيفا أن تونسوالجزائر والمغرب بلد واحد، لهم نفس العادات والتقاليد والمصير والمستقبل. وإن هذه الحدود ليست إلا نتيجة الاستعمار، مبرزا أنه عندما ستحصل الجزائر على اللقاح فإنها ستتقاسمه مع تونس أو أي بلد آخر لأنه من طبيعتنا كجزائريين ومسلمين أن نقتسم كل ما عندنا في الظروف العادية فما بالك حين نكون في مثل هذا الظرف الوبائي.. تصريح الوزير الجزائري المفعم بعلاقات الأخوة الصادقة ومشاعر الصداقة النبيلة، عرّى حقيقة الواقع السياسي التونسي. فالجزائر ستنطلق خلال هذه الفترة ب500 الف لقاح من روسيا تليها دفعات أخرى خلال الأشهر القادمة. بل تنتظر لقاحات مضادة للفيروس من الصين الشعبية. وفي المقابل تونس تطلب منها اقتسام لقاحاتها ... ويبدو أن تونس لم تتلق رسالة إيجابية واضحة من القطر الجزائري الشقيق، مما دفعها إلى الإسراع بالتواصل مع الجهات الروسية الرسمية للاتفاق على اقتناء لقاح "سبوتنيك v" الذي تعرض كغيره من اللقاحات إلى هجومات من هنا وهناك لأسباب تجارية وسياسية أكثر منها طبية وصحية. فلقاح فيروس كورونا اليوم هو أداة جديدة لتعزيز النفوذ الجيوسياسي. وقد تحول إلى محرار دولي من خلاله تتضح العلاقات الدولية السياسية والتحالفات والمصالح الإقليمية. وروسيا الحريصة على وضع موطئ قدم بشمال أفريقيا من مصلحتها منح الحياة لتونسوالجزائر وغيرها من الدول القريبة من القطر الليبي الشقيق الذي تحرص عديد الدول في العالم على النيل من بتروله والمساهمة في إعماره وما يعني الإعمار من استثمار . حاليا لا يمكن الجزم بنجاعة هذا اللقاح أكثر من غيره من اللقاحات المعلن عنها. فالمخابر في كل العالم تعجلت لتصنيع لقاح فيروس كورونا الذي حصد حياة أكثر من مليوني شخص في العالم في عام واحد فقط. ومعركة الحياة والموت، لم تترك للبشرية الفترة الزمنية الكافية للتثبت بدقة وعمق في النجاعة والتأثيرات السلبية لأي لقاح معروض في السوق العالمية. لكن الثابت أن الطب في روسيا الاتحادية كغيره من المجالات الإستراتيجية متقدم مع " الدب الروسي ". ثم إن العلاقات التونسية الروسية مطالبة بالتجديد والإحياء حتى لا تبقى تونس حبيسة العلاقات مع حلفائنا التقليديين الذين خذلونا في هذه الجائحة . راشد شعور