من الأساليب التربوية التي اهتم بها القرآن الكريم وأفرد لها مجالا واسعا في آياته أسلوب طرح السؤال لتحصيل العلم وزيادة المعرفة وهذا يؤدي بدوره الى ارساء التربية السليمة التي ينشدها القرآن الكريم وحتى يؤدي هذا الاسلوب دوره التربوي وضع له القرآن الكريم عدة ضوابط أهمها ما يلي : 1 التوجه بالسؤال الى العلماء أهل الخبرة : فقد أوجب القرآن الكريم الرجوع الى العلماء أهل الخبرة فهم الذين يستطيعون الاجابة عن الأسئلة بصورة سليمة، وهم الذين يستطيعون ارشاد الناس الى ما فيه خبرهم ورشادهم، قال تعالى : {فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون} النحل 43. وقال تعالى : {فاسأل به خبيرا» الفرقان 59، وقال تعالى في هذا المعنى : {ولا ينبئك مثل خبير} فاطر. وقال أيضا : {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف اذاعوا به ولو ردّوه الى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} (النساء 83) فقد بينت الآية الكريمة أمرا غاية في الأهمية على حياة الفرد والأمة كلها، فلا يجوز ان تترك الامور فوضى يقحم كل انسان فيها نفسه وخصوصا ما يتعلق بالامن وغيره من الامور المهمة، فهذه الأمور يجب ان ترد الى أهلها اعارفين فيها، القادرين على استنباط أحكامها. وهكذا فإذا التزمت الامة بهذا الامر فإنها ستظل بخير ما دام فيها أهل الذكر والخبرة، من اذا سئل أجاب بالصواب واذا استفتى أفتى بعلم، واذا حكم بأمر حكم بالعدل، وستبقى الأمة بخير ما دام الناس يتوجهون الى أهل الذكر والخبرة في الملمات ويستفتونهم في حل المشكلات فإن فتوى الجاهل قد تفسد في الارض بعد اصلاحها وتخرّب الاجيال وتدمرها. 2 ومن الضوابط التي حدده القرآن الكريم للسؤال ان يكون في الأمور النافعة في الدين والدنيا، فلا يكون السؤال فيما لا فائدة من ورائه، ولذلك وجدنا القرآن الكريم لا يرد على أسئلة الكفار التي كانوا يطرحونها لأنها أسئلة لا نفع من ورائها قال تعالى : {يسألونك عن الساعة أيّّان مرساها} (الاعراف 187)، لذا كان جواب هذا السؤال {قل انما علمها عند الله} وأما الاسئلة النافعة التي وجهها المؤمنون الى الرسول ص وكلها أسئلة نافعة عملية متصلة بحياة الناس وواقعهم مثل سؤالهم عن الأهلة والانفال والخمر والميسر والأيتام وغيرها من الأمور النافعة فقد رد الله تعالى عليها وفصّل القول فيها لما يتردد عليها من احكام شرعية تنظم حياة المسلمين وتربيهم على منهج الله تعالى وتبين لهم الحلال ومنافعه، وتحرّم عليهم الخبائث وهذا الأمر على درجة خطيرة في حياة الأمة وذلك كسؤالهم عن الخمر والميسر قال تعالى : {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما...}.