القصرين: أعضاء الفرع الجامعي للتعليم الأساسي يدخلون في اعتصام مفتوح    بعد أقلّ من 24 من الإستقالة: نائب بالبرلمان يُقرّر العودة    تشلسي يبحث عن إنجاز أوروبي غير مسبوق    حشانة وعويج تعزّزان صفوف جمعية الساحل في بطولة إفريقيا    نابل: انتشال جثة من قنال مجردة بقرمبالية    خاص: فاضل الجزيري يتعرض الى وعكة صحية    المغرب: مقتل تسعة أشخاص في انهيار بناية في مدينة فاس    قبل وصولها الى تونس...2000 لعبة مقلدة قادمة من المغرب تُكشف في إيطاليا    من أغنى رجل في العالم إلى أكبر متبرّع: بيل غيتس سيتبرع ب200 مليار دولار    باكستان: إسقاط "77 مسيرة" هندية    عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق رجل أعمال معروف..    استعدادا لتسليم مساكن اجتماعية .. مؤسسة "فداء" تدعو المعنيين إلى الاتصال بها أو بولاية تونس في أجل أقصاه 10 أيام    الطلاق بالتراضي : هيئة المحامين ترفض مشروع عدول الإشهاد    الخطوط التونسية: ارتفاع في عدد المسافرين وتحسن في مؤشرات الأداء التجاري والمالي    نابل: انطلاق فعاليات أيام "حرفة الحصير"    اختتام الدورة الرابعة لتظاهرة "أيام فائض للإبداع" بالمكتبة العمومية بفائض    أيام الفنون والحرف التقليدية من 14 إلى 16 ماي 2025    ندوة صحفية يوم 16 ماي بتونس العاصمة للتعريف بمرض الابطن في المجتمع التونسي    طفل تونسي يذهل العالم: إياس معالي يحصد المرتبة الثانية في بطولة الحساب الذهني في تايوان    جامعة تونس المنار توقّع مذكرة تفاهم مع الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا بسلطنة عُمان    هام/ موعد أول رحلة للحجيج الى البقاع المقدسة..وهذه آخر الاستعدادات..    حجز أكثر من 650 كلغ من لحوم الدواجن في منوبة..وهذه التفاصيل..    bacweb.tn: موقع لا غنى عنه لكل تلميذ يستعد للباك!    بيع تذاكر الكلاسيكو بشابيك ملعب المنزه    النوم 4 ساعات فقط قد يجعلك أكبر ب4 سنوات!    عاجل/ حماس تعلن الاشتباك مع جنود اسرائليين..واسرائيل تكشف عن مقتل جنديين..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    القلعة الكبرى: وفاة طفل غرقا في 'جابية'    محرز الغنوشي: تواصل نزول الغيث النافع اليوم    جريمة مروعة: ينهي حياة زوجته بآلة حادة ويتسبب في اصابة والدته..!    مفزع/ الاحتلال الصهيوني ارتكب 12 ألف مجزرة وأباد 2200 عائلة منذ بدء العدوان على غزة..    مانشستر يونايتد وتوتنهام إلى نهائي الدوري الأوروبي لكرة القدم    بطولة مصر : فخر الدن بن يوسف هداف لكن فريقه المصري البورسعيدي يتعثر امام الاهلي برباعية    تشيلسي يتأهل لنهائي دوري المؤتمر الأوروبي على حساب ديورغاردن    أسرة أم كلثوم تهدد باللجوء إلى القضاء بسبب فيديوهات الذكاء الاصطناعي    عاجل/ خلال اشرافه على مجلس وزاري: رئيس الدولة يسدي تعليماته بالحسم نهائيا في هذه الملفات..    العاصمة: خضروات، فواكه، لحوم وأجبان... تصلك مباشرة من المنتج!    نصائح فطور صحي ''للتوانسة'' الذين يعانون من الكوليسترول    هطول كميات متفاوتة من الأمطار خلال ال24 ساعة الماضية خاصة بالشمال    الطلاق أمام عدل إشهاد يثير الجدل: النائب يوسف التومي يوضّح خلفيات المبادرة التشريعية    ن هو روبرت بريفوست؟ تعرّف على ليو الرابع عشر.. أول بابا أمريكي    النيجر تصعد ضد الشركات الأجنبية بمصادرة المعدات وإغلاق المكاتب    منبر الجمعة: واعرباه. وا إسلاماه. هل من مجيب؟!    ملف الأسبوع: مهلكة عظيمة: لا تتتبعوا عوراتِ المسلمينَ... عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    تحذير من الاستعمال العشوائي للمكملات الغذائية    جراحة السمنة تُنهي حياة مؤثّرة شهيرة    خيمة الفلاحة تعود إلى شارع الحبيب بورقيبة: الجودة والأسعار في متناول الجميع    الكاف: الكريديف ينظم تظاهرة فكرية ثقافية    نابل: انطلاق الدورة التاسعة من مهرجان الخرافة بدار الثقافة حسن الزقلي بقربة تحت شعار التراث والفن    اتحاد الفلاحة: نفوق عدد من رؤوس الماشية بالكاف بسبب الأمطار والبرد.. ومطالب بالتعويض    وزارة التجارة: استقرار شبه تام لأغلب المواد الإستهلاكية مطلع 2025    سوق الجملة ببئر القصعة: ارتفاع أسعار الغلال خلال أفريل 2025    نصائح طبية للتعامل مع ''قرصة الناموس'' وطرق للوقاية منها    هيئة السلامة الصحية تتلف أكثر من 250 طنًا من المواد الغذائية الفاسدة في ميناء رادس    طقس الخميس: تواصل نزول الأمطار الغزيرة    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيام قرطاج السينمائية 2022: شريط "تحت الشجرة" لأريج السحيري.. الواقع التونسي دون تنميق
نشر في الشروق يوم 01 - 11 - 2022

كانت فترة نصف يوم كافية للمخرجة الشابة أريج السحيري لإنهاء تصوير فيلمها "تحت الشجرة"، وهو روائي وثائقي طويل مدته 92 دقيقة كان مرآة لواقع طبقة المفقّرين وطموحاتهم وأحلامهم.
وتمّ تقديم هذا الفيلم للمرّة الأولى في تونس ضمن الدورة 33 لأيام قرطاج السينمائية (29 أكتوبر - 5 نوفمبر 2022) ضمن قسم المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، وتشارك في بطولته مجموعة من الأشخاص تظهر للمرة الأولى أمام عدسة الكاميرا هم فداء فضيلي وعبد الحق مرابطي وأماني فضيلي وفاتن فضيلي وفادي بن عاشور وفراس عمري وغيث منداسي وهنية بن الهادي وليلى وهابي وسمر سيفي.
وتدور أحداث هذا الفيلم، المرشح للسينما التونسية في جوائز الأوسكار، خلال يوم واحد أثناء موسم جني التين، حيث يعمل مراهقون مع العمّال الأكبر سنًا، ويسرق أبناء الجيلين من الزمن وقتًا معًا يسترجعون فيه ذكريات الحب المفقود ويتشاركون الأحلام.
الصدق في الأداء
ويُلفت انتباه المتابع للفيلم أن أبطال العمل هم الشخصيات أنفسها في الواقع، فكان الأداء تلقائيا وعفويا واتسم بالصدق وعبّر عن تطلعاتهم ونظراتهم إلى العالم، وتفاعلاتهم مع بيئتهم ومع وطنهم، كما كشف عن أحلامهم الصغيرة وطموحاتهم نحو عالم أفضل وأجمل. وهذه الميزة الفنية الكبرى للفيلم.
أما الخاصية الثانية المميزة لهذا الفيلم، فتتمثل في عدم إدراج أي مؤثرات بصرية أو صوتية أو موسيقية، وهذا ربما اختيار مقصود وموجه من المخرجة لنقل الواقع كما هو دون تنميق أو تشويه، لينسجم مع تلقائية الشخصيات وعفويتها.
"تحت الشجرة": سجن للكادحات
يُستهلُ الفيلم بمشهد يُخبر المتلقي بأن التوقيت هو ساعات الفجر الأولى وأن المكان هو منطقة ريفية، ثم تقترب عدسة الكاميرا لتُبرز الشخصية الأولى في الفيلم، وهي فتاة تسلك دربا وعرا في جنح الظلام لتلتحق بعملها في إحدى ضيعات التين، فتُسمَع أصوات خطواتها وهي تدوس بحذائها على الحصى، وكأنها تنبئ المتلقي بما سيأتي من أحداث موجعة.
"فداء" هي فتاة لم تتجاوز بعد سن الثامنة عشرة تغطي رأسها بوشاح المرأة التونسية الريفية، تمتطي رفقة عدد من الفتيات والنساء الصندوق الخلفي لشاحنة خفيفة تقلّهم إلى ضيعة التين في أحد أرياف منطقة كسرى التابعة لولاية سليانة (الشمال الغربي للبلاد)، وهذا المشهد يُعيد للأذهان وقائع صادمة وعدة مآسي عميقة لحوادث متكرّرة تعرضت إليها العاملات في القطاع الفلاحي، ويثير مجموعة من التساؤلات عن مدى استمرار هذا الوضع غير الإنساني؟ لكن في الآن ذاته هو يفضح الطبقة السياسية ووعودها الزائفة في إعطاء حقوق المرأة وتحسين ظروف نقل العاملات في هذا القطاع.
بعد هذه اللقطات الافتتاحية، تدور بقية أحداث الفيلم في ضيعة التين. وتُغيّب المخرجة المشاهد العامة لتقتصر على المشاهد القريبة واللقطات القريبة جدا لتركّز على الجانب النفسي والباطني للشخصيات بما يتلاءم وطبيعة الحوار العفوي والعلاقات بينها. وقد حوّلت المخرجة هذا المكان المفتوح بين أحضان الطبيعة إلى ما يشبه السجن بعد أن اقتصرت على المشاهد تحت أشجار التين، حيث تقضي العاملات "سجنها" لساعات طويلة من النهار في جمع محصول التين بأجور زهيدة جدا، إلى جانب الاضطهاد في العمل والاستعباد وغياب مقومات السلامة، فضلا عن تعرض بعضهن للتحرش الجنسي من رئيس العمل.
ونجحت أريج السحيري في جعل المتفرج يتعاطف مع العاملات الكادحات، رغم أن مِنهنّ من تحمل أفكارا لا تنسجم مع حرية المرأة، كما يتعاطف المتفرج حتى مع العاملين من الذكور، رغم إقدام أحدهم على السرقة، لأن القناعة تظلّ راسخة بأنهم جميعا ضحايا للدولة وللطبقة السياسية التي تستغلّ ظروفهم المزرية في الحملات الدعائية لتحقيق مكاسب انتخابية أو للمزايدة السياسية. ولكن الفيلم أيضا لا يخلو من عديد المواقف والأفكار المضيئة التي تجعل من التغيير ممكنا في كل وقت وكل مكان ما دامت العقول نيّرة.
ورغم الأوجاع وقساوة واقع الحياة والعمل في ضيعة التين، التي تعتبر محاكاة لواقع الحياة في عديد الأرياف والقرى التونسية، مازالت العاملات الكادحات يرسمن بسمة التشبث بالحياة على وجوههنّ، فهاهي الزغاريد تتعالى مع تعالي الأغاني والأهازيج والتصفيق، وهنّ عائدات إلى بيوتهنّ ممتطيات الصندوق الخلفي للشاحنة الخفيفة غير عابئات بالأخطار، بعد يوم شاقّ من العمل يتكرّر باستمرار، على أمل التغيير المنشود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.